حمدى عبد العزيز
25 نوفمبر 2021
دائماً ماكنت أجد تفرداً للمخرج الأمريكي الإستثنائي جيم جراموش
الذي يوجه في معظم أفلامه نيران سخريته الحادة والمريرة لطريقة إدارة هذا العالم
وللقوي المهيمنة عليه ، ولذلك فهو يغرد في أعماله بعيداً عن السينما الهوليودية ،
وربما بعيداً عن معايير السينما العالمية المعاصرة المتعارف عليها .
تذكرت ذلك وأنا أطالع أعمال الفنان الأسباني الرائع إسحاق كوردال
الذي يواجه بأعماله البديعة العالم الإنساني كاشفاً حقيقته نازعاً
عنه الأقنعة التي تحول دون بصائرنا وتلك الحقائق المريرة لعالم يغرق في مستنقعات
خربة وأطلال متهدمة ..
يواجهنا كوردال بوضعية العالم والمصائر التي وصلت إليها الإنسانية
بلازحارف أو ازدحامات لونية ليموضع البصائر مباشرة أمام الحقائق في براعة وثورية
صادقة بلاهتاف أو ادعاءات زاعقة مفتعلة ..
لو جاز لي أن اختار عنواناً واحداً أشير به إلي هذه الأعمال .. فلن
اختار سوي عنوان وحيد هو ..(الحقائق المريرة لعالمنا الإنساني الراهن) ..
كودرال يشترك مع جراموش في فضح تناقضات هذا العالم ، ومواجهة
الإنسانية بحقائقها إلا أننا نجد عند كودرال نوع من الشاعرية البصرية المفعمة
بالشعور الثقيل بالحنين المختلط بالحزن لمآلات الإنسانية في عصر التوحش الرأسمالي
، ولذلك نري أعماله تحتشد بالخرائب والوجوه الضائعة الملامح الغارقة في الأوحال
تارة وبين الأنقاض تارة أخري ، ونري الأدمغة الفارغة المجتمعة ، والجماجم المحتشدة
فوق المياه ، ونري غلبة الرمادي علي أجواء أعماله كمفجر للمرارة والحزن ، وربما
ماهو إشارة علي مدي الخراب الذي طال عالم الإنسانية ، ربما يلازم هذا ثورة إنسانية
دفينة في العمق وإصرار حزين ..
______________
0 تعليقات