عبدالقادرالحيمي
13 ديسمبر 2021
القضارف
شهدت الحرب الأهلية فى إثيوبيا مؤخرا تطورات جديدة خلال الأيام
الماضية، تمثلت فى انسحاب التقراى من عدة مناطق ومدن فى إقليمي العفر وامهرا .
بينما قام كل من المبعوث الامريكى القرن الإفريقي " فليت مان" ووسيط
الاتحاد الافريقي " اوباسانقو " بعدة جولات بين أديس أبابا ومغلى لدفع أطراف
الحرب الإثيوبية على وقف إطلاق النار والتفاوض على أساس ان الحرب لا تضع حلا
للمشاكل السياسية .
بعد ان انسحب التقراى من المناطق التى كانت تحت سيطرتهم فى امهرا
والعفر قبل أسبوعين ، لكن فجأة اعاد التقراى عبر القتال السيطرة على مدينتى "
قاشنا" واحتلوا اليوم مدينة " لالبيلا" الأثرية حاضرة "
الاقو" ، وتقع المدينتين فى إقليم امهرة بعد أن انسحبوا منهما بدون قتال قبل
أسبوعين .
السؤال لماذا انسحب التقراى من تلك المناطق ثم فجأة رجعوا
يستعيدونها عبر القتال ؟ هذا ما سنجاوب عليه باستفاضة فى الأسطر التالية .
حيث هناك تحول عملياتي رجح كفة القوات الحكومية عسكريا فى الميدان
مكنتها من استعادة المبادأة على الأرض صاحبتها ضغوط دولية مكثفة على أبى احمد
والتقراى لوقف إطلاق النار والبدء فى المفاوضات .
فى الشهر الماضى عندما كانت قوات دفاع التقراى TDF تسيطر
على عدة محافظات فى العفر ، حاولت عبثا احتلال مدينة " مللي" العفرية،
لتستطيع السيطرة على طريق جيبوتى أديس أبابا البرى وبه أيضا خط سكة حديد مزدوج أقامته
الحكومة الاثيوبية بتكلفة 22 مليار دولار ، بهدف محاصرة اديس ابابا وفى نفس الوقت
تقدمت قواتهم فى امهرة وسيطرت على مدن " ديسي ، كمبيلشا، دبر سينا،وحاصرت دبر
برهانو" وهى آخر مدينة وبعدها اديس ابابا .
تعرض التقراى فى العفر لقصف كثيف ومركز من الطيران الحربى والمسير
احبط هجماتهم العديدة لاجتياح " مللي".
فى نفس الوقت الحق الطيران المسير " الدرون" خسائر فادحة
فى قوات التقراى المتقدمة نحو اديس ابابا ، بل حتى تمكن الدرون من اغتيال قيادات
عسكرية ميدانية للتقراى وقد اعلن الجيش الاثيوبى عدة مرات عن مصرع قيادات ميدانية
رفيعة للتقراى لكن دون ان يذكر طريقة مصرعهم . وقد تسربت انباء مؤكدة ان الجيش
الاثيوبى استخدم طائرات درون تركية متقدمة وتقصف اهدافها بصواريخ موجهة دقيقة يتم
توجيهها بالاشعة التحت حمراء بالإضافة لقنابل بقوة تدميرية كبيرة ومنظومات تقنية
متتطورة
ويقال انها الحقت خسائر فادحة فى قوات التقراى .
لذلك كان انسحاب التقراى من العفر وامهرا استجابة لتلك الضغوط بعد
أن اثبت التقراى ان لديهم قوة عسكرية متفوقة كادت ان تجتاح اديس ابابا، ازاء الجيش
الاثيوبى الذى تفكك وحلت محله فى القتال ميليشيات فانو والميليشيات الحليفة .
حافظ التقراى على سلامة وحداتهم العسكرية وانسحبوا عبر ممرات آمنة
ولم يهاجمهم الجيش الاثيوبى على الاطلاق ، مما يؤكد ان هناك ثمة اتفاق مسبق بين
الطرفين .
لذلك كان انسحاب التقراى من العفر وامهرا استجابة لتلك الضغوط بعد
أن اثبت التقراى ان لديهم قوة عسكرية متفوقة كادت ان تجتاح اديس ابابا، ازاء الجيش
الاثيوبى الذى تفكك وحلت محله فى القتال ميليشيات فانو والميليشيات الحليفة والتى
استطاعت ان تكون ندا قويا لقوات التقراى والمعارضة المسلحة فى الاقاليم الاخري.
رئيس الوزراء آبى احمد كان على علم مسبق بانسحاب التقراى وارتدى
زيه العسكري وبث الإعلام الحكومى انه سيقود المعارك من الخطوط الامامية ، لكنه كان
يحتفل بتحرير مدن اخلاها التقراى بدون معارك وقتال ، اى لم يجبروا على الانسحاب
منها.
ابلغت الحكومة الاثيوبية الوساطة الامريكية والافريقية بضرورة
انسحاب قوات التقراى أولا من العفر وامهرا كشرط لموافقتها على الدخول فى مفاوضات
مع التقراى الذين رغم اشتراضهم بالجلوس للتفاوض مع الحكومة ، بانسحاب جيشها مع
الجيش الارتري من غرب اقليمهم ( مقاطعة الوالغاييت) ، لكن يبدوا انهم تجاوزا هذا
الشرط بفعل جهود الوساطة الدولية خاصة بعد أن مكث اوباسنقو يومين فى مغلى .
هناك ازمة ثقة كبيرة بين الامهرة والتقراى وشنوا على بعضهم البعض
حرب كراهية وابادة وحشية ومارس الطرفين جرائم حرب مروعة خاصة الامهرا والجيش
الارترى على المدنيين التقراى شملت نهب الممتلكات والاغتصاب تحديدا من افراد الجيش
الارتري ولم تلتزم اطراف الحرب بمعاهدة جنيف فى حربهم أو حتى الالتزام باخلاق
المقاتلي.
ثمة بعد آخر قد يؤدى الى فشل جهود الوساطة ووقف إطلاق النار
والدخول فى المفاوضات اذ يتنازع الامهرة والتقراى على منطقتى رايا والماتا، والتى
يفرض التقراى سبطرتهم عليها حاليا وهى السبب المباشر فى اندلاع القتال مؤخرا ودفع
بالتقراى الى إعادة احتلال مدن الامهرة ، قاشنا ، ولالبيلا..
قامت قوات الجيش الاثيوبى وميليشيات فانو والعفر بالسيطرة وقطع
طريق بالتقدم نحو رايا بعد أن احتلوا زوبل الاستراتيجية .
ما مكنهم من قطع طريق ولديا مغلى وتهديد مغلى نفسها ، مما دفع
التقراى إعادة احتلال قاشنا الاستراتيجية ولالبيلا لتفادى عزلهم من مغلى .
تشكل هذه التطورات ضربة عنيفة لجهود الوساطة والعودة للمربع للاول
اذ ينحصر الصراع والقتال حاليا حول تبعية منطقتى رايا والمتا وقد يتتطور القتال
ويخرج عن السيطرة.
فيما الشكوك تحوم حول قدرة آبى احمد بسحب جيشه والميليشيات من
الوالغاييت بغرب التقراى ، اذ قد تستطيع الضغوط الدولية إخراج الجيش الارترى من
الوالغاييت لكن الامهرة من الصعوبة او الاستحالة يستطيع ابى احمد اقناعهم
بالانسحاب لأنهم يرون ان الوالغاييت تتبع لهم وان التقراى اقتتطعوها من اقليمهم
وضموها اليهم بمرسوم صادر من البرلمان الاثيوبى .ان ميليشيات فانو وقوات الامهرة
الخاصة فيما يتعلق بحدود اقليمهم لن ينصاعوا على الاطلاق لقرارات الحكومة المركزية
فى اديس ابابا مما يضع ابى احمد بين الضغط الدولى من جهة وبين ضغط الامهرة الرافض
من جهة أخرى ، يفرض بروز تحالفات جديدة داخلية واقليمية على ابى احمد والامهرة على
السواء قد تنذر بالصدام بينهما ، رغم ان المجلس الفيدرالى الاثيوبى دعا الى قيام
حوار وطنى شامل وأيضا اجاز مجلس الوزراء اجراء الحوار ، فيما شددت لجنة الاصلاح فى
حزب الازدهار الحاكم اجراء حوار وطنى شامل لقضايا البلاد الجوهرية سعيا للاصلاح
0 تعليقات