د. محمد إبراهيم
بسيوني
أعلنت منظمة الصحة
العالمية ان مقاومة المضادات الحيوية أزمة عالمية (على مستوى تغير المناخ) تهدد
الطب وصحة الإنسان والحيوان.
تحدث مقاومة المضادات
الحيوية بشكل طبيعي، ولكن وتيرة عمليتها تتسرع بفعل إساءة استعمالها عند إعطائها
للإنسان والحيوان. تخيل ان نعود الى زمن كان الخدش أو التهاب الأسنان يودي بحياة
الناس. في العديد من بلاد الشرق الوسط وإفريقيا الشمالية هذه الظاهرة تتفاقم يوم
بعد يوم. خلال السنوات الماضية وثقنا ظهور بكتيريا مقاومة لأهم المضادات الحيوية
التي تستعمل للأمراض المستعصية. علاج هذا الأمر يجب أن يكون أولوية قصوى و يقتضي
قوانين والرقابة في المستشفيات والمزارع و تأمين مياه نظيفة وأنظمة معالجة الصرف
الصحي.
المضادات الحيوية ما
زالت تستخدم بشكل روتيني من المصريين وفي وردهات بعض المستشفيات عندنا.
جاء في أحدث دراسة
تناولت هذا الموضوع ونشرت في منتصف شهر يناير من العام الحالي في «مجلة جمعية
الأمراض المعدية للأطفال الأمريكية Journal
of the Pediatric Infectious Diseases Society». دراسة تعكس الفجوة الكبيرة على مستوى العالم بين التوصيات
الطبية العلمية والتنفيذ العملي في الممارسة على أرض الواقع.
من المهم أن نعرف أن
كلمة «المضاد الحيوي antibiotics» لا تعني أنه مضاد لأي عدوى، ولكنه فقط مضاد
للعدوى الميكروبية. والحقيقة أن الوضع الطبي في كثير من الأحيان ربما يدفع الأطباء
لاستخدام المضادات الحيوية خشية حدوث عدوى بكتيرية مع العدوى الفيروسية مما يزيد
الحالة الصحية سوءا، خصوصا في ردهة الطوارئ.
تؤدي مقاومة المضادات
الحيوية إلى تمديد فترة الرقود في المستشفى وارتفاع التكاليف الطبية وزيادة معدل
الوفيات. وتبدي البكتيريا وليس الإنسان أو الحيوان، مقاومة للمضادات الحيوية وقد
تسبّب للإنسان والحيوان عدوى التهابات يكون علاجها أصعب من تلك التي تسببها
نظيرتها غير المقاومة للمضادات.
وتؤدي مقاومة
المضادات الحيوية إلى ارتفاع التكاليف الطبية وتمديد فترة الرقود في المستشفى
وزيادة معدل الوفيات.
وتمس حاجة العالم إلى
تغيير طريقة وصف المضادات الحيوية واستعمالها، وحتى في حال استحداث أدوية جديدة
فإن مقاومة المضادات الحيوية ستظل تمثل تهديداً كبيراً ما لم تغيّر سلوكيات
استعمال تلك الأدوية، وهو تغيير يجب أن ينطوي أيضاً على اتخاذ إجراءات تحدّ من
انتشار عدوى الالتهابات بفضل التطعيم وغسل اليدين وممارسة الجنس على نحو آمن
والاعتناء جيداً بنظافة الأغذية.
وتزداد ظهور مقاومة
المضادات الحيوية وانتشارها في الحالات التي يتنسى فيها شراء تلك المضادات من دون
وصفة طبية لأغراض الاستعمال البشري أو الحيواني. ويتبيّن أيضاً في البلدان التي لا
تطبق مبادئ توجيهية معيارية في مجال العلاج أن العاملين الصحيين والأطباء البيطريين
غالباً ما يغالون في وصف المضادات الحيوية التي يفرط الجمهور في استعمالها.
وإن لم نعجّل في
اتخاذ الإجراءات فإننا مقدمون على عصر ما بعد المضادات الحيوية الذي يمكن أن تصبح
فيه عدوى الالتهابات الشائعة والإصابات الطفيفة قاتلة مرة أخرى.
بإمكان الأفراد أن
يقوموا في إطار سعيهم إلى الوقاية من انتشار مقاومة المضادات الحيوية ومكافحتها
بما يلي:
* ألا يستعملوا
المضادات الحيوية إلا بوصف طبية من أحد المهنيين الصحيين المعتمدين.
* ألا يطلبوا
المضادات الحيوية أبداً إذا أخبرهم العاملون الصحيون المعنيون بهم أنها لا تلزمهم.
* أن يحرصوا دوماً
على إتباع نصائح العاملين الصحيين المعنيين بهم عند استعمال المضادات الحيوية.
* ألا يتشاركوا أبداً
في المضادات الحيوية المتبقية أو في استعمالها.
* أن يحرصوا على
الوقاية من عدوى الالتهابات عن طريق الانتظام في غسل اليدين وإعداد الطعام الصحي وتجنب
مخالطة المرضى مخالطة حميمة والمواظبة على تحديث ما يأخذونه من لقاحات.
وبإمكان الدول وراسمي
السياسات أن يقوموا في إطار سعيهم إلى الوقاية من انتشار مقاومة المضادات الحيوية
ومكافحتها بما يلي:
* ضمان وضع خطة عمل
وطنية متينة موضع التنفيذ بشأن معالجة مقاومة المضادات الحيوية.
* تحسين ترصد عدوى
الالتهابات الناجمة عن مقاومة المضادات الحيوية.
* تعزيز السياسات
والبرامج وتطبيق تدابير الوقاية من عدوى الالتهابات ومكافحتها.
* تنظيم وتعزيز
استعمال الأدوية الجيدة النوعية والتخلّص منها كما ينبغي.
* إتاحة المعلومات عن
آثار مقاومة المضادات الحيوية.
0 تعليقات