علي الأصولي
ذكرت في مقال سابق إن الله سبحانه وتعالى - الذات الإلهية - في
اللاتعين مجهولة الهوية وغيب مطلق لم ولن يطلع على حقيقة هذه الذات أحد قرب مكانه
أو على كماله.
وهذه الذات هي علة العلل بالاصطلاح الفلسفي ومنشأ وجود الصادر
الأول بالاصطلاح العرفاني الشيعي الإمامي.
وفي سبيل وضرورة الاتصال بين الله في اللا تعين والخلق ولعدم وجود
سنخية بين العلة العليا وبين ما دونها كانت القناة الإتصالية هي الصادر الأول الذي
يعتبر البرزخ بين الله تعالى من جهة وخلقه من جهة أخرى.
وعليه فوجود الله بالمعنى المحكم - في التعيين - وحقيقته ومظهريته
المعصوم (عليه السلام). نبيا كان أو إماما.
ويمكن الوقوف على بعض دلالات النصوص القرآنية والروائية لتأكيد هذه
الحقيقة من قبيل قوله تعالى كما في سورة الزخرف ( فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا
مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ ) 55 / محمد بن يعقوب : عن محمد بن يحيى ،
عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن عمه حمزة بن بزيع ، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل : (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا
مِنْهُمْ) فقال : «إن الله عز وجل لا يأسف كأسفنا ، ولكنه خلق أولياء لنفسه ،
يأسفون ويرضون، وهم مخلوقون مربوبون ، فجعل رضاهم رضا نفسه ، وسخطهم سخط نفسه ،
لأنه جعلهم الدعاة إليه ، والأدلاء عليه ، فلذلك صاروا كذلك ، وليس أن ذلك يصل إلى
الله كما يصل إلى خلقه ، لكن هذا معنى ما قال من ذلك ، وقد قال : من أهان لي وليا
فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها .
وقال : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ) ، وقال :
(إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ).
فكل هذا وشبهه !!!! على ما ذكرت لك ، وهكذا الرضا والغضب وغيرهما
من الأشياء مما يشاكل ذلك ، ولو كان يصل إلى الله الأسف والضجر ، وهو الذي خلقهما
وأنشأهما ، لجاز لقائل هذا أن يقول : إن الخالق يبيد يوما ، لأنه إذا دخله الغضب
والضجر ، دخله التغيير ، وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة ، ثم لم يعرف
المكون من المكون ، ولا القادر من المقدور عليه ، ولا الخالق من المخلوق ، تعالى
الله عن هذا (القول) علوا كبيرا ، بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة ، فإذا كان لا
لحاجة استحال الحد والكيف فيه ، فافهم إن شاء الله تعالى» .
وكذا ملاحظة قوله تعالى ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا
يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) البقرة / الناصة على ان عملية
ونسبة الإخراج من آمن من الظلمات الى النور هو الله في التعين وفي قوله ( الر ۚ
كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى
النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) هو الله كذلك
في التعين بلحاظ مظهريته وهو مطلق المعصوم (عليه الصلاة والسلام). والى الله تصير
الأمور ..
0 تعليقات