عز الدين البغدادي
تعجبت من دعوات أطلقت لبعض رجال الدين في النجف وأيضا في لبنان
تدعو لعقد مجالس ومحاضرات في ليلة رأس السنة كرد فعل على مظاهر الفرح التي تجدها
في المدن المختلفة من كثير من الشباب.
وقد عقد احدها فعلا أمس في
شارع الروان في النجف حيث أقيمت احتفالات رأس السنة. شخصيا اعتقد أن المبالغة في
هذه الاحتفالات ليست شيئا جيدا لأن تمثل اختراقا للهوية الثقافية للأمة. لكن عقد
مثل هذه المجالس خطأ آخر، لأنه تصرف في غير محله.. دع الشباب ينفسون عن كبتهم وعن
صعوبة الحياة وقلة فرص العمل في شيء من الضحك والسرور، لكن من يملك عقلا مثل عقل
معروف الكرخي؟
حيث روى عنه إبراهيم
الأطروش قال: كنا قعوداً ببغداد، مع معروف الكرخي على نهر دجلة، إذ مر بنا قوم
أحداث (شباب) في زورق، يضربون بالدف ويشربون، ويلعبون، فقلنا لمعروف: أما تراهم
كيف يعصون الله تعالى؟ أدع الله عليهم: فرفع يده وقال: إلهي كما فرحتهم في الدنيا
ففرحهم في الآخرة.
تعلموا من هذا الرجل، أحبوا أبناءكم حتى لو رأيتموهم ابتعدوا عنكم،
ولا تعتبروا هذا فرصة للتهجم عليهم وتوسيع الفجوة بينكم وبينهم.. أعطوا للشباب
حقهم في شيء من الفرح تنالهم قلوبهم وأجسادهم، ومن لديه غيرة على دينه فعليه ان
يفهم لماذا هذه المبالغة في احتفالات رأس السنة؟ هل هي رد فعل؟ هل هي رسالة يراد
توجيهها الى الأداء السياسي والخطاب الديني؟ هل تمثل حالة انبطاح ثقافي وما هي
أسبابه؟ لماذا كانت الاحتفالات في العراق ولبنان مبالغا فيها رغم صعوبة الأوضاع
السياسية والاقتصادية؟ هكذا ينبغي ان تفهم الأمور.. أما عقد مجالس نعي أو موعظة
فليس هذا محلها، وقديما قيل: لكل مقام مقال.
0 تعليقات