عز الدين البغدادي
قام نظام العائلة منذ زمن بعيد على تقاسم المسؤولية، حيث يقوم
الزوج بالعمل خارج المنزل لتوفير متطلبات الحياة بينما تدير المرأة شؤون بيتها،
وتقوم بخدمة زوجها واطفالها، وغالبا ما تقضي سنواتها الأولى بعد الزواج في بيت
زوجها مع ما يترتب على ذلك من التزامات.
هناك خطاب فقهي يرى بأن عقد الزواج لا يقتضي ذلك، فلا يجب عليها أن
تطبخ لزوجها او أولادها او تغسل ثيابهم او تخدم والديه أو ضيوفه او نحو ذلك.
من الناحية الفقهية فهناك خلاف في المسألة، فهناك من يذهب الى هذا
الرأي، ويرى بأنه لا يجب عليها شيء من ذلك، وأن الزوجة لا يجب عليها أن تقوم بأي
شيء من ذلك باستثناء "حق الاستمتاع"، وهو الرأي المشهور عندنا ورأي
جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة وقوم من المالكية.
أما الرأي الاخر، فيرى خلاف ذلك لأن السيرة جرت على ذلك منذ كان
الناس، ولم يرد نص يدل على خلاف ذلك. كما إن الحياة لا تستقيم بذلك، ولو أخذنا
بهذا لما لما استقر نظام الحياة، كما ان العقود المطلقة إنما تنزل على العرف
والعرف يقضي بوجوب خدمة المرأة وقيامها بمصالح البيت.
اضف الى ذلك، فقد ورد في خبر مشهور وصحيح أن فاطمة (ع) اشتكت مما
كانت تلقى من التعب في خدمة بيتها، فلم يقل النبي (ص) لها بأنه لا يجب عليك ذلك،
ولا أوجب على زوجها (ع) أن يأتي لها بخادمة، بل أمرها بالصبر والتسبيح.
كما إن النبي (ص) قال: "جهاد المرأة حسن التبعّل" فأي
جهاد يبقى إذا كان عملها لا يزيد عن العلاقة الجنسية مع زوجها؟
وهذا القول هو الصحيح وهو الأنسب بنظام الحياة، والأفضل لاستقرار
بيت الزوجية، وهو من عوامل دوام المحبة وتقويتها. نعم، تجب الخدمة بالمعروف وبما
يقتضيه العرف، وبحسب اختلاف الأحوال، فعمل القروية ليس كعمل الحضرية، كما إن عمل
المرأة القوية النشيطة ليست كعمل الضعيفة وخدمتها. كما ينبغي على الزواج أن يعين
زوجته بما يستطيع في أمور البيت، فهذا مما يليق بالمروءة ويعمق المحبة بينهما..
ان مثل هذه الفتاوى تدفع المرأة على التمرد على زوجها بل وعلى
فطرتها، كما تجعل الشباب ينصرفون عن الزواج لأن المنفعة منه قليلة ومسؤوليته
كبيرة... والله أعلم
0 تعليقات