عبد القادر الحيمى
القضارف
25 فبراير 2022
صراع العفر والعيسي يمتد إلى جيبوتي ، إقليم الصومال الاثيوبى،
ارتريا ، هرر ودرداوا.
القضارف : 25 فبراير 2022
سيناريو إيقاف الحرب فى إثيوبيا عبر الوساطات الدولية :
نجح الوسيط الأمريكي وتكللت جهوده مع وساطة الاتحاد الافريقي فى
التوصل إلى " تفاهم" وتراضي بين أطراف النزاع فى اثيوبيا .
قضى ذلك الاتفاق بأن تنسحب قوات دفاع التقراى TDF من اقاليم امهرا والعفر ، و رفع قوات
التقراى من صفة الإرهاب التى اقرها البرلمان الاثيوبى ، مقابل انسحاب كل من الجيش
الاثيوبى والجيش الارتري بالإضافة إلى قوات الامهرة الخاصة وميليشيات "
فانو" من محافظة " الوالقاييت" بغرب التقراى .
على اثر ذلك قامت قوات دفاع التقراى TDF بانسحاب تكتيكى منظم وفى خلال ثلاثة أيام
وشمل انسحابهم من أكثر من 15 مدينة فى اقليم امهرا والعغر كانت تحت سيطرتهم. بداية
من " دبر سينا" و " شواربيت" و " كومبليشا" و
" ديسى" الخ إلى مدينتى " باتى" و " شفرا"
العفريتين.
تمركزت قوات التقراى واحتشدت فى مدينة " ولدايا" شمال
وللو باقليم امهرا لتقييم الموقف الاستراتيجي وانتظارا لانسحاب مماثل للقوات
الحكومية والارترية من غرب التقراى " محافظة الوالقاييت" التى تتبع لهم،
وذلك وفقا للتفاهم الذى قامت به الوساطة الأمريكية ووساطة الاتحاد الافريقي.
لم ينسحب الجيش الاثيوبى أو الارتري وكذلك القوات الخاصة للامهرة
وميليشيات " فانو" من الوالقاييت وفقا للاتفاق. بل حدث عكس ذلك تماما.
اذ تقدمت قوات العفر الخاصة والجيش الاثيوبى واحتلوا مدينتي "
كوبو" و " الماتا" وسيطروا على طريق ولدايا - مغلى وعزلوا بذلك
قوات التقراى المحتشدة فى ولدايا عن قواعدها فى مغلى.
وبما أن التقراى لديهم القدرة والبراعة فى فرض الحلول العملياتية
الحربية ، فقد تفادوا الحصار بالحصول على طريق بديل يربط ويؤمن قواتهم فى ولدايا
مع عاصمتهم مغلى، فقد اتجهت قواتهم بسهولة غربا واحتلوا مدينة " قاشينا"
وواصلوا تقدمهم واحتلوا أيضا مدينتي " لالبيلا" الأثرية ومدينة سقوطا
وهما مدينتان تتبعان " للاقو" وبذلك دخل التقراى فى عمق اقليم امهرا مرة
اخري. والأهم فتح التقراى طريق بديل إلى مغلى عبر ولدايا وكوبو .
وفى نفس الوقت شنت قوات التقراى TDF وخاضت معارك كسر العظم كما وصفوها واستطاعوا
أن يستعيدوا مدينتي الماتا وكوبو من قوات الجيشين الاثيوبى والارتري والميليشيات
وقوات الامهرة الخاصة واستعادوا طريق كوبو مغلى الاستراتيجي.
قبل أكثر قليلا من شهر ، قامت قوات العفر الخاصة والجيش الارتري
بعمل حشود عسكرية ضخمة فى محافظة " أبالا" العفرية وهى على حدود التقراى
وتبعد فقط
أسباب حشد الجيش الارتري فى "أبالا" :
حشد الرئيس الارتري أسياس أفورقى قواته فى أبالا ،وذلك بعد سحب
الحكومة الإثيوبية الجيش الفيدرالى من العفر ، لتحقيق هدفين استراتيجيين هما :
شن هجوم عسكرى من ابالا على مغلى القريبة وذلك لفتح الجبهة الشرقية
للتقراى بالتزامن مع فتح الجبهة الشمالية للتقراى مع حدود ارتريا تحديدا فى مثلث
" بادمى" ومناطق " شيرارو" بغية شغل التقراى وتشتيت قواتهم
وتعطيلها ومنعهم من شن عمليات يستعيدون فيها من الامهرة محافظة الوالقاييت التى
تتبع لهم بغرب التقراى وفتح معبر مع السودان مما يتيح لهم تدفق المساعدات
الإنسانية واللوجستية لاقليمهم الذى تضربه المجاعة، كما أن فتح معبر لهم مع
السودان يعزز قوتهم العسكرية والسياسية فى الإقليم وهو ما يشكل مخاطر استراتيجية
تهدد بقاء نظام اسياس افورقى .
الهدف الاستراتيجي الثانى للحشد العسكرى الارتري فى "
أبالا" العفرية ، هو للمزيد فى ممارسة خنق اقليم التقراى "
بتجويعهم" ومن المعروف أن سلاح " التجويع" هو أحد الأسلحة
التقليدية التى تمارس فى الحروب الأهلية الإثيوبية.
من المعروف أن شاحنات الإغاثة الدولية تأتى عن طريق ، جيبوتي -
سمرة عاصمة العفر - أبالا- ثم مغلى. وعندما تكون هناك عمليات عسكرية تتوقف قوافل
شاحنات الإغاثة وتزداد حدة المجاعة فى الإقليم المنكوب.
نجحت ارتريا إلى حد كبير فى تحقيق هدفيها الاستراتيجيين ولو مؤقتا .
مرة أخرى تصدى التقراى للحصار وشن قادتهم العسكريين الموهوبين
هجوما شاملا وسريعا قبل اسابيع على اقليم العفر مكنهم من احتلال خمسة محافظات
عفرية واستهدف الهجوم فى البدء الحشود العفرية والارترية فى " أبالا"
واحتلتها بعد أن دمرت القوات العفرية الخاصة والجيش الارتري واحتلتها مع محافظات
" ميغالى" و " كونابا" و " برهلي" و "
اربيتي" ووصلت قوات دفاع التقراى على بعد 40 كيلو من العاصمة العفرية "
سمرة" وقريبا من " دلول" وهى نقطة مثلث الحدود الإثيوبية الارترية
العفرية ودلول منطقة سياحية بها البركان النشط الذى يحمل نفس الاسم كما أن اقتراب
قوات التقراى من دلول شكل تهديدا مباشرا لمناجم الفوسفات الارترية القريبة، الجدير
بالذكر أن 95% من صادرات ارتريا تعتمد على التعدين يشكل الفوسفات 60% منها.
تخلى آبي احمد عن العفر رغم الاستغاثات العديدة التى صرخت بها
حكومة الإقليم والتى تتبع للحزب الحاكم الاثيوبى " الازدهار" وتركهم
لمصيرهم مثلما تخلى بايدن هذه الأيام عن اوكرانيا ، وتخلى ابى احمد عن العفر ورفضه
إعادة الجيش الفيدرالى يعود لاتساع هوة الخلاف وتضارب المصالح مع حليفه السابق
أسياس افورقى يعود إلى تمترس ارتريا بكل ثقلها مع الامهرة المناوئين للحوار الوطنى
والرافضين للحوار مع قوات دفاع التقراى TDF و جيش تحرير اوروميا OLA / Shene، فيما التزم آبي احمد مع الوساطات الدولية التى تقودها الولايات
المتحدة بالتوصل مع المعارضة المسلحة لتوافق سياسى عبر التفاوض المباشر وبدون شروط
مسبقة.
من ناحية أخرى ، مجمل تطورات الأحداث فى اقليم العفر وتحالف اسياس
افورقى معهم، أثار حفيظة دولة جيبوتي ورئيسها ، اسمعيل عمر ( جيلانى ) الذى ينطقه
الصوماليون " قيلي".
تتجزر فى شعوب وقبائل القرن الأفريقي لعنة الصراعات والخلافات
العرقية والقبلية الحادة وهى سائدة ورائجة وغالبة من الراعى الذى بالبادية وحتى فى
اوساط المثقفين وحاملى درجة الدكتوراه والبروفسيرات.
جيبوتي، ليست استثناء بها صراع سياسي وعسكري قديم ما بين
الصوماليين العيسى الذى ينتمي إليهم الرئيس اسمعيل عمر قيلي ، وما بين العفر
الجيبوتيين، ومعروف أن العفر منتشرين ما بين إثيوبيا، ارتريا ، جيبوتي الخ.
وسبق أن دارت فى السابق صراعات بين القبيلتين آخرها العام الماضي،
ومن هنا تأتى زيارة اسمعيل عمر قيلي إلى القاهرة قبل أيام والتقى فيها بالرئيس
المصري عبد الفتاح السيسي لطلب الدعم العسكري لتسليح جيشه والذى يسيطر عليه العيسي
، وبالتالي هذا الدعم يتيح له دعم وتسليح ميليشيات العيسي فى جيبوتي ، ارتريا
،اقليم الصومال الاثيوبى ولتجمعات العيسى فى " درداوا" و "
هرر" باثيوبيا .
ومن المتوقع أن يستغل اسمعيل عمر قيلي عبر ميليشيات العيسي حالة
الضعف فى القوات العفرية بعد هزيمتهم وتشتتهم بايدى قوات التقراى، ومن المعلوم أن
العفر وحدة واحدة كما العيسي، فعندما يتعرضون للخطر وتبدأ المعارك بين القبيلتين ،
يتضامن العيسي فى جيبوتي واثيوبيا كما يتتضامن عفر إثيوبيا وارتريا وجيبوتى، وهذا
ما يقلق ويخيف اسمعيل عمر قيلي .ومن المعلوم أن علاقات جيبوتي وارتريا متوترة بسبب
دعم افورقى للعفر وتسليحههم بالإضافة للخلافات الحدودية البحرية القديمة .
فى الوقت الحالى تتشكل تحالفات جديدة فى اثيوبيا على اثر وقف الحرب
والافراج عن المعتقلين السياسيين وقادة بعض الاحزاب المعارضة، مما أدى إلي نهاية و
انفضاص التحالف القائم بين ابى احمد والامهرة ، وما بين آبي احمد وارتريا، فقد قام
الامهرا بحملة معارضة قوية ضد آبي احمد وتمت شيطنته حليف للتقراى ، خاصة عندما
تخلى عن العفر ورفض إعادة الجيش الفيدرالى للتصدى لغزو التقراى للعفر وايضا
لالتزامه بالوساطة الدولية بسحبه الجيش الفيدرالى من " الوالغاييت"
والعفر .
كما أن عدم عودة الجيش الفيدرالى إلى العفر أثناء غزو التقراى هى
من أبرز الأسباب التى أدت إلى معارضة الامهرة لأبي احمد ومعارضتهم للحوار الوطنى
ومعارضة مشاركة التقراى فيه ، وصار الامهرا فى الحزب الحاكم منقسمين إلى صقور
وحمائم ، الصقور اتخذوا من " اسكندر نقا" زعيم حزب بالديراس " Balderas" للديمقراطية الحقيقية ، واجهة لهم
وهذا الحزب يميني متطرف وحدوى . فيما تخندق الامهرة الداعمين للحزب الحاكم "
الازدهار" مع آبي احمد وصاروا معزولين من الامهرة مع آبي احمد .
بنى شنقول :
تزداد عمليات حركة تحرير شعب بنى شنقول حدة وتنشط عملياتهم ضد
الجيش الاثيوبى والميليشيات بقوة فى كل الإقليم لدرجة إنهم هاجموا بالهاونات
الثقيلة والصواريخ محيط الاحتفال بتدشين ابى احمد توليد كهرباء سد النهضة المقام
فى " قوبا" عاصمة مملكة فازوغلى السودانية السابقة مما أدى لاختصار
احتفال التدشين .
اوروميا :
أتسعت بشكل كبير دائرة نشاط جيش تحرير الاورومو OLA / Shene وسيطرتهم بالكامل على غرب اوروميا فى "
وللغا" وعلى كل المناطق إلى حدود دولة جنوب السودان ، كما سيطروا على محافظة
" قجي"بوسط اوروميا وتمكنوا بذلك من قطع الطريق الاستراتيجي الذى يربط
بين كينيا واثيوبيا التى تعتمد أيضا على ميناء ممبسا الكيني.
التقراى :
ربما تتقدم قواتهم نحو " سمرة" عاصمة العفر للسيطرة على
طريق، جيبوتى- أديس ابابا، طريق الإغاثة ومن المتوقع أن تدعمهم جيبوتى ، وعندها
سيفتح التقراى جبهة غرب التقراى وسيشنون هجمات قوية ومركزه على " فانو"
التى لن تستطيع الصمود أمامهم وذلك لاستعادة منطقتهم محافظة " الوالقاييت"
وفتح معبر الحمرة / اللوكدى على الحدود السودانية .
من ناحية اخري التزام آبي احمد بعدم إرسال جيشه إلى العفر فى الحرب
الأخيرة مع التقراى ، يؤكد التزامه الكامل بشروط الوساطة الأمريكية والأفريقية
لاقامة حوار وطنى شامل فى اثيوبيا .
استحالة دخول الجيش الاثيوبى فى حرب مرة اخري مع التقراى
من غير المرجح أن ينخرط الجيش الاثيوبى فى حرب أخرى ضد قوات دفاع
التقراى TDF والتى اثبتت عملياتيا
تفوقها العسكري الميدانى ، عدا أن اية حرب أخرى سوف تسبب مزيد من الانهيار
الاقتصادى لاقتصاد اساسا منهك ومتنرح تحاصره المجاعة وقرابة 9 مليون نازح ومهجر
داخلي كما ان المجاعة تتفشى بمعدلات مرتفعة فى اقليم الصومال ،العفر ، التقراى،
امهرا، اوروميا وبعض مناطق الجنوب.
كما أن خروج ميليشيات فانو عن سيطرة الدولة هناك نذر مواجهة وشيكة
بينها وبين الجيش الاثيوبى ونزع سلاحهها ، وما إقالة قائد القوات الخاصة لإقليم
امهرا " تيفيرا مامو" قبل أيام واستبداله بقائد موالى لحاكم اقليم امهرا
الموالى لابى احمد الا خطوة من الأخير لتقليم وتحجيم الجناح المناوىء من الامهرا
للحوار الوطنى ، إذ كان العميد مامو منحا ويعمل مع اسكندر نقا وينفذ تعليماته.
هذه هى إثيوبيا من الداخل والأجواء التى يتم فيها التحضير للحوار
الوطنى وتحتدم فيها الصراعات الحادة والتقاطعات بفعل الحوار الوطنى والذى تعقد
عليه الآمال للتوصل لحلول تنعم فيه الشعوب الإثيوبية بالسلام والأمن والاستقرار.
0 تعليقات