محمود جابر
كنت شابا يافعا، نشأت طفلا فى أحضان الأزهر الشريف، أتعلم القرآن وعلومه،
الحديث الشريف، والفقه الإسلامي، والسيرة النبوية، ورغم إنني كنت طفلا لدى فرط من
الحركة والنشاط، صرفت بعضها فى الرياضة وبعضها فى القراءة، وشيء فشيء ما كان همى
سوى مزيد من المعرفة على تلك الأرضية التى تربية فيها، وهى العلوم الدينية فى
مختلف ألوانها وتجاهاتها، كنت أسبح فى هذا البحر بلا شاطئان تحتوينى، وكأني كنت
ابحث عن ضالة مفقودة، وأرض بعيدة.
أخذني الفضول المعرفى إلى الجمعية
الشرعية، وأنصار السنة، والسلفية بكل ألوانها وأشكالها، وفرق وجماعات أخرى، كل هذا
وأنا ما زلت غلاما لم اعبر بعد الى سن الشباب، ولكن نهم القراءة واقتناء كل ما هو
جديد أو قديم، ساقنى قدرى الى عالم مختلف وقراءة مغايرة وانا فى هذا العنفوان واذا
بكتاب ملقى مع بائع للكتب القديمة عنوانه (( صحوتنا لا بارك الله فيها))!! عنوان صادم
لكاتب بكل تأكيد – ليس بمسلم- ولكن لا بأس إذ ربما نعرف من خلاله طريقة الرد على
خصوم الصحوة الإسلامية !!
وعكفت على الكتاب الذى لم استطع بالكاد فك حروفه رغم ان كاتبها يكتب
بالعربية الفصحة، والكاتب من اسمه لا يعرف إن كان مسلم أو مسيحي، وبالسؤال عنه لدى
من يعرفه فكان الأغلب الأعم لا يعرفه، ومن عرفه فقد أكثر فيه الذم والمقال... فضلا
عن أن بعض من اعرفه أنه ينوى قتله إن رآه، أو كلف بذلك!!
كانت نصيحة الذين عرفوا انى تجرأت وامتلكت كتابا لهذا – القمنى- أن احرقه أو
القيه فى سلة المهملات فهو لا يستحق القراءة فضلا عن الآثم الذى سوف يلحق بى ويشوش
على عقيدتى، ربما كثرة القراءة جعلتنى شخصا شبه مستقل لا أقتنع الا بما اعرف، وأحب
أن أخوض غمار التجربة بإصرار المحارب، فقد أكملت الكتاب مرة، بعد مرة، واستطعت ان
احل بعض من مصطلحاته وأحجيته التى كنت أراها كذلك، حتى استطعت ان احصل منه قدرا من
المعرفة كانت تمكنى للرد على أمراء بعض الجماعات ممن يكبرونني بسنوات ويعرفوننى
وكل منهم يحاول استقطابى، فكان سيد القمنى احد أدوات منع الاستقطاب، على الرغم من
احتفاظى ببعض من سمات تلك الجماعة من إطلاق لحيتى وحفظ القرآن، وإجادة الخطابة،
لهذا كان الكثير يرانى مادة خصبة للاستقطاب.
وعكفت عن البحث عن كل ما كتب، حتى قراءة تقريبا كل ما كتب، واستطعت من خلال
الانترنت ان احصل على اغلب محاضراته، اتفقت معه فى بعض ما كتب عن حروب الرسول،
ووجدته رجل رغم ملكته الكبيرة فى التحليل إلا انه استنتاجاته ربما تكن فيها شىء من
الرعونة، تعلمت من سيد طريقته فى التفكيك وحبه للوطن ودفاعه عن الهوية المصرية، وتعلمت
منه ان أكون مقداما فى الطرح ولا أكون جبانا، فمهما اختلفت مع سيد القمنى – رحمه الله-
فانا مدين له على المستوى الشخصي، بالرغم من أنى لم التقى به يوما، فقد تعلمت منه
مالم أجده عن أقرانه ممن كان لهم ضجات بحثية مثل نصر حامد ابوزيد – على سبيل
المثال- فسيد لا يقارن بهؤلاء ومشروع سيد الفكرى فى حروب الرسول، وصحوتنا، والحزب
الهاشمى، وانتكاست المسلمين، الدولة المسلمة للخلف در، قادر على تغيير العقول
لوضوح الطرح والجرأة التى كان يتحلى بها هذا الرجل ......... كما أن القمنى فتح لى
بابا لمعرفة ماركس وقراءة كتبه حيث أن جزء من بحثه يعول على العامل الاقتصادي فى
تطور الأحداث الإسلامية.
فرحمة الله على سيد القمنى وجزاه الله خيرا عنى كأحد تلاميذه الذين لم يلتقى بهم ......
2 تعليقات
مقال موضوعى ومتوازن .. أحييك
ردحذفشكراا لمروركم الكريم وهذه شهادة اعتز بها
ردحذف