هادي جلو مرعي
كتب أحدهم منتفضا على جميع الحكومات والبشر في العالم العربي
والشرق الأوسط، وربما العالم.
بعث الله ليوسف ملاكا يؤنسه في وحشته وهو في البئر الذي ألقاه فيه
إخوته السفلة الذين مايزال أحفادهم يحوكون الدسائس، ويخربون العالم، مع إن كل دول
العالم هي دول مجرمة ومخربة حين تتعلق الأمور بمصالح الحكومات التي تضطهد شعوبها
عند الضرورة، وتعتدي على الشعوب الأضعف في بلدان أخرى كلما إقتضت الضرورة، لكن
الطفل المغربي ريان ظل حبيس بئره، والعالم من حوله يكذب ويكذب ويكذب في تويتر وفيس
بوك وبقية مواقع التفاهة البشرية، وبدا إن الطفل قد إنتهى أجله، لكن المنقذين ظلوا
يقاتلون من أجل آخراجه حتى اللحظة الأخيرة.
في الثمانينيات وخلونا نلف وندور في حدود الأربعين سنة الماضية
لنرى مافعلته العصابات الصهيونية بفلسطين، وكيف أبيد الأطفال في المخيمات، ودفنوا
تحت الأنقاض، في مناطق عدة من لبنان التي نزح آليها الفلسطينيون مكرهين بعد أن
طردتهم عصابات بني صهيون من مدنهم وقراهم، وبينما كان الدخان يتصاعد في بغداد عام
1991وكان الزعيم يعلن انتصاره، كانت الطائرات الأمريكية تحول أطفال بغداد، وفي
ملجأ العامرية الى أشلاء ممزقة، وبينما كانت الحرب تستعر كانت الصواريخ تضل طريقها
لتسقط على الرؤوس والأجساد الغضة، وتنهي رغبة الحياة فيها طوال سنوات الثمانينيات
والتسعينيات، وبينما كان الانتصار المزيف يخدر العراقيين كان المجرم بوش يتفاخر
بحصار قذر على أطفال العراق، ويحيلهم الى هياكل عظمية تشبه هياكل أطفال إفريقيا
الذين تخلى عنهم العالم، وتركوا نهبا لأمراء الحرب، ولنزعة الشر والجشع الأوربية
البغيضة التي تنهب ثروات بلادهم، وتقتلهم جوعا وعطشا، كان بوش يبتسم في حصاره
للعراق، وكانت دول في المنطقة تنادي اللهم لاتبقي في العراق حجرا على حجر.
ولأننا عبيد للأصنام، كنا نتغاضى عن جرائم حكام العرب في حق
شعوبهم، وأطفال بلدانهم، كان علينا أن نسكت عن جريمة تجويع الشعب العراقي طوال
التسعينيات، وعن مذابح القاعدة وداعش، والقتلة الذين أوغلوا بدماء الأطفال، وكان
علينا أن نسكت عن سقوط البراميل الملغمة على رؤوس أطفال سوريا لأن هدفنا مختلف،
ولأن أنبوب الغاز القطري يجب أن يمر، ولأنه يجب أن لايمر، فتلاقت اللاآت على رؤوس
الأولاد والبنات، ولأننا نريد هزيمة الأعداء ونروج لأهدافنا وننفي الآخر فالحق
المطلق معنا جميعا، وكان علينا أن نسكت عن تحول أطفال اليمن الى عظام وهياكل
متفحمة من الديناميت، ومن الجوع، ومن المرض، وكان علينا أن نسكت لأننا طائفيون
وقوميون ومتعصبون ولبراليون لانطيق الآخر، ومتحررون الى حد إن ماعدانا حثالة،
وثوريون الى الدرجة تجعلنا نأنف من الحديث الى أي واحد حتى صرنا في عزلة عن بعضنا،
ولدينا مايشبهنا فقط، والآخرون أوباش لاسبيل للتفاهم معهم، ولو جلس كل منا مع نفسه
لوجد إنه عبد لصنم، مع إنه يتهم سواه بالصنمية، والحقيقة إن لكل واحد منا صنمه
الخاص به ويدعي التحرر، بينما الأحقاد تسيطر على النفوس، وحب المال والسلطان
والنفوذ يحكم عقل ووجدان الفرد منا.
يالبؤسنا وشقائنا وزيف نفوسنا.
0 تعليقات