آخر الأخبار

بعيد عن التأييد أو التنديد ..

 




 

حمدى عبد العزيز

27 فبراير 2022

 

 

 

حلفاء الناتو يراهنون علي إطالة أمد الحرب عبر ضمان تدفق المساعدات العسكرية المتطورة إلي أوكرانيا ..

 

ذلك ان الخطر الحقيقي الذي تواجهه روسيا لايتمثل في المقاطعة التي ستفرض عليها ، وإنما الخطر الحقيقي هو مايتمثل في عملية الاستنزاف التي ستواجهها إذا ماطال أمد الحرب الأوكرانية ، ومع اضطرار الجيش الروسي للبقاء داخل أوكرانيا لوقت أطول دونما ان يتم جلوس الطرفين المتقاتلين علي مائدة التفاوض لإعلان نهاية الحرب .

 

سيناريو الإستنزاف وارد

وما من دولة خاضت حروباً عادلة كانت أم غير عادلة ، انتصرت أم انهزمت .. إلا ودفعت نصيبها من الأثمان التي تفرضها فواتير الحروب

الأمر يتوقف علي أمد الحرب ، وتكلفة ذلك هو جزء لايتجزء من نتائج الحرب الحقيقية ..

 

ولنا العبر في كثير من الأمثلة التاريخية علي مدي انهاك الحروب للدول ..

 

بريطانيا دخلت الحربين العالميتين الأولي والثانية وهي الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس وخرجت منتصرة ، ولكنها خرجت منهكة لتجد الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تخض الحربين من حيث المعني العملي لخوض الحروب (باستثناء غارة يابانية علي ميناء بيرل هاربر)

 

وجدت بريطانيا امريكا في انتظارها لتقوم الأخيرة بسحق عظامها دون حروب عسكرية في مباحثات (نيوهامبتشاير) عبر إحلال الدولار كعملة التداول العالمية بدلاً من الجنيه الإسترليني ، وتنظيم ريادة أمريكا للعالم عبر اتفاقيات (بيرتون وودز) ثم ماصحب ذلك من سقوط المستعمرات البريطانية ومعها المستعمرات الفرنسية وانقضاء عهد الأمبراطورية البريطانية تماماً عقب حرب السويس (وهذا مايفسر الإنذار الأمريكي لدول العدوان الثلاثي في 1956)

بل ان نهوض حركات التحرر الوطني للشعوب المستعمرة كان جزءاً أساسياً من نتائج حروب التنافس الاستعماري علي تقسيم العالم والتي سميت بالحربين العالمية الأولي والثانية .

 

ولنا عبرة في أمريكا التي خرجت من حرب فيتنام مضعضعة العظام مهددة بالسقوط لولا تغطية النفط الخليجي لعملتها (بعد سحب غطاء الذهب عن الدولار فيما يعرف بصدمة نيكسون) ...

 

ثم ان تورط أمريكا في الكثير من الحروب في امريكا اللاتينية والعالم انتهاءً باحتلالها لأفغانستان والعراق كان سبباً مهماً فيمايشهده العالم الآن من تراجع الأحادية القطبية الأمريكية ، وتفوق معدلات نمو الاقتصاد الصيني علي معدلات نمو الاقتصاد الأمريكي ، وخروج العملاق الصيني علي العالم بمشروع الطريق والحزام الذي سيعني نجاحه تغير خريطة القوي في العالم علي نحو قد لانجد فيه الولايات المتحدة الأمريكية ولو دولة كبري ولكن المؤكد أنها لن تكون أحد الأقطاب الكبري للعالم حال استمرار معدلات تراجعها ونجاح المشروع الصيني ..وهذا يفسر شراستها واستماتتها في خوض معارك الإبقاء علي الهيمنة الإمريكية والاستماتة في محاولات فرضها العالم ..

 

ولا اعتقد أن الروس سيغفلون أن التورط في حرب افغانستان كان سبباً من الأسباب الرئيسية التي أدت إلي انهيار الاتحاد السوفيتي ، ويعلمون أنه ليس أمام حلفاء الناتو الآن من بدائل تتفوق علي استراتيجية إطالة أمد الحرب لإنهاك روسيا عبر توريطها في معارك استنزاف طويلة داخل اوكرانيا عبر تحويلها إلي مستنقع تتعثر فيه ارجل الروس كما تعثرت ارجل آبائهم السوفييت في المستنقع الأفغاني مع عدم إهمال الفوارق الشاسعة بين طبيعة الموضع الأفغاني ومعاركه وطبيعة الموضع الأوكراني وخصائص معاركه ..

 

لذلك فإن نتائج الحرب الروسية الأوكرانية لايمكن التسرع باعتبارها قد حسمت الآن وأن هناك طرف قد انتصر قبل إعلان نهاية الحرب بين البلدين عبر تبادل الوثائق وإيداعها لدي الأمم المتحدة ..

 

حتي ولو بدا الأمر خلاف ذلك ..

ففي كل الأحوال

حسابات الانتصار في الحروب تحسب بعد خصم تكلفتها الحقيقية بما في ذلك آثارها العميقة علي حياة البشر ومستقبلهم .

، وليس قبل ذلك ..

______________

إرسال تعليق

0 تعليقات