مخاطر انهيار سد النهضة بين حالة الأنكار والحقائق (Facts) والبراهين (ُEvidence) العلمية والهيدروليكة والهيدرو- جيو- مورفولوجية الثابتة والجلية
وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ”(البقرة 283)
"هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ”(آل عمران138)
(الملك 26) " قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ"
والي الذين يطلبون الدليل العلمي بأن سد النهضة عَمَلٌ وَخِيمُ العَاقِبَةِ يساق ها هنا الحديث
استهلال
منهج "ميكانزم الفشل" كأداة للوصول لجَذْر الأسباب المؤدية لأنهيار سد النهضة المحتمل:
منهج "آلية الفشل"(Failure Mechanism)هو منهج متميز خرج من رحم هندسة النظم، ثم أخذ به أخصائيو الهندسة و الطب العدليين –
وقد كنا تبنينا هذا المنهج في العديد من دراساتنا السابقة للوصول لجذور الأخفاقات الفنية –كما في حالة:
•تتبع "قطار الفشل" لتردي الطرق الخرسانة الإسفلتية للوصول الي السبب الجذري (Root Cause) لتلك المشكلة
•وفي دراستنا التحليلية (المنشورة في النت) عن "حوادث الطائرات الروسيه والتشيكيه في عقد" (التي تقصت أسباب سقوط الطائرات لعقد كامل باستخدام منهج "آلية الفشل"، والدراسة الأخرى بعنوان:
• "هكذا تكون المقاربة العلمية لحل مشاكل السودان: منهج "ميكانزم الإخفاق" " لتشخيص مشاكل المياه ونسبها في السياسات والاستراتيجيات المائية" الخ…
الاِسْتِئْنَاسُ بمنهج "ميكانزم الفشل" لتحليل جذورالأنهيار المحتمل لسد النهضة .
منهج "ميكانزم الفشل يبدأ عادة بإشادة "شجرة الإعطاب"
(Fault Tree). ثم إتباع اسلوب "الهندسة العكسية"
(Reverse Engineering)
بدءاً من أعلى "شجرة الإعطاب"، ب:
فحص أثر (ثمار) الفشل (Failure Effect) – كتداعيات انهيار السد في هذه الحالة علي البشر والممتلكات والبيئة !
.2 وانطلاقاً من أثر الفشل رصد وتقصي "بصمة "(نسق أو مظهرالفشل ( Failure Mode) ، أي "الأعراض" التي يتم من خلالها التعرف على الفشل.
▪وهو تحديد وصفي للفشل نفسه أو الطرق التي يمكن أن يفشل فيها مكون فردي أو نظام فرعي لإخفاق هيكلي أو التشغيلي على سبيل المثال
فشل بوابات السد في الفتح أو الإغلاق
عنصر في النظام خارج المواصفات
قلة مهندسو الهيدروليكا
التدهور ((Degradation ، على سبيل المثال ، فشل الأداء عند
السرعة المقدرة ( Rated Speed)
▪ وتتمثلل بصمة الفشل في ثلاث مجالات:
الإخفاق الفني (Technical Failure):
والذي بدوره يتخذ 3 صور:
الإخفاق البنيوي (Structural Failures).
عجز التحكم الضبطي (Control System Malfunction).
إخفاق القدرات الالكترونية و الكهربائية و الهيدروليكية في السد.
الإخفاق البشري (Human Failure).
التداخلات البيئية (Environmental Interventions ).
و على عكس ما يتبادر للذهن "فبصمة الفشل" ليست هي "أسباب" الفشل ( انهيار السد في هذه الحالة) ، بل هي "أعراض" (Symptoms) ظاهرية للفشل ، تنبئ بوجود مشكله – أو مشاكل – أعمق غوراً هي التي قد حدت زناد "مسلسل (قطار)الفشل" لتؤدي إلي الانهيار المحتمل للسد)
المرحلة الثالثة في النزول من أعلى "شجرة الإعطاب"
تتمثل في:
تحديد "آلية" الفشل الفني البنيوي
(Structural Failure Mechanism)– فإكمال فحص "بصمة"("أعراض") الفشل البنيوي، ينقلنا إلى تقصى "آلية" الفشل البنيوي ، و الأسباب المساهمة (الثانوية أو التابعة) لبصمة(أعراض) الفشل(لل Failure Mode) أي "باثولوجية" النظام (System Pathology) — والتي تعرف " فيزياء و كيمياء الإخفاق"، التي أنتجت فشل النظام (أقرأ هنا انهيار السد المحتمل)، على سبيل المثال:
• تشبع المياه (Water Saturation) وفقدان استقرار التربة
(Loss of Soil Stability)
•إجهاد المواد (Fatigue بسبب تذبذب ضغط الأحمال مثلاً)
•أو بلى المواد (Corrosion) أو استطالتها (Creep) أو •التصدع الاجتهادي (Stress Rupture). وعادة يشكل إجهاد المواد أكثر أسباب الإخفاقات البنيوية للجسم ،"صرح المخض عن الزبد لنصل أخيرا الي:
الأسباب الجذرية المحتملة للإخفاق الفني البنيوي –السبب الجذري للفشل (Root Cause) و الذي قدح ( قد يقدح زناد انهيار سد النهضة) أي زناد "مسلسل الإخفاق التعاقبي"Cascaded Failure))
مما أدى (يؤدي) بدوره إلى تدني أداء النظام أو انهياره التام!
الأسباب الجذرية المحتملة للإخفاق الفني البنيوي، يمكن أن تتمثل في:
بلى المواد (Wear and Tear) ، مثل إجهاد المواد التعرية ،التآكل، أو الأنجرف أوفشل التربة الهيدروليكي
التحميل الهيدروليكي الزائد(Hydraulic Overloading)
الإخفاق الصدفي (Chance Failure) ، مثلاً بسبب اثر الاهتزازات و الصدمات أو الضغط الشديد على بنيوية السد مما لايمكن التنبؤ به مسبقاً.أو أسباب في أصل السد مثل فلسفه التصميم
أو عيوب التصميم
أو عدم كفاية التصميم
عدم كفاية التحقيق من كفاءة الموقع التموضع غير الآمن لهياكل التحكم 32 (Control Structures) كما في حالة مخارج المياه السفلي والمفيض أوفتحات البوابات المقيدة.
الضعف الهيكلي للمخارج
ضعف التدريب لدي المهندسين
وكما يقول زهير بن أبي سلمى:
"وهل ينبت الخطي إلا وشيجة و تغرس الآني منابتها النخل ؟
"أي أن الرماح المشهورة بالجودة والصلابة، لا تتخذ إلا من شجرها الأصيل، ولا ينبت النخل إلا في المواطن الصالحة لإنمائه (أقرأ هنا عدم جدارة موقع سد النهضة!)؛ والمراد: أن الكريم لا يأتي إلا من عنصركريم"
مقدمة
متلازمة إنكار الحقائق بطعم سوداني (State of Denial)
نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (الإنعام 143)
حسب سيجموند فرويد فان "حالة الإنكار" (State of Denial) هي "آلية دفاع نفسي"(Defence Mechanism) ، حيث يواجه الشخص حقيقة غير مريح له للغاية قبولها فيرفضها بدلاً من ذلك ، ويصر على أنها ليست صحيحة على الرغم من ما يكون أمامه من دليل.قاطع علي صدقيتها— خذ مثلا لهذا "الوهم" المرضي:
• قولهم (في ندوة دار المهندس) أن:
" انهيار السد مقدور عليه" !
"كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ۘتَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" (البقرة 118)
ومتلازمة"دار الرياضة"(Syndrome)
وقول "أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً" (في ندوة مركز تحليل النزاعات ودراسات السلام بجامعة أم درمان الإسلامية):
" حجم العمود الخراساني الواحد (في سد النهضة) أكبر من دار الرياضة مما يستحيل معه انهياره بين ليلة وضحاها"!
وهو أمر يعيد الي الذاكرة مقولة رئيس وفد السودان لمفاوضات مياه النيل عام 1959 الذي سُئِل عن "كم حجم المليارمن المياه؟"،فأفتي بأنه ملء دار الرياضة! و يبدو أن اِجتراح "مثل" دار الرياضة هو قدر مفاوضي المياه!)
"كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ" (البقرة 113) وما بال رئيس الدبلوماسية المفترض يقول في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري، بالقاهرة:
" انهيار السد غير وارد، والسودان مطمئن لسلامته، لأن الشركة المكلفة ببنائه هي شركة عالمية"!
ومضي ذلك المسؤل " كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء " ليضيف:
"وحتى في حال انهياره فلن يضر بالسودان، وأقصى مسافة يمكن أن تصل لها مياهه تبعد عند حدود البلاد ب20 كيلو متراً" !
لاتَنْطِقَنَّ بأمرٍ لا تَيَقَّنُهُ ياعمرو، "إنَّ المُعَافى غيرُمخدوعِ"
فربما غُرّ الواثق،وخُدِع الْوَامق، وكذب الناطق!
وفي وقت ما فيما مضي حاجج البعض بعظمة لسانهم بأن "بناة ساليني" "شركة كبيرة ولن تقدم علي إلحاق الضرر بسمعتها ببناء سد قد ينهار لاحقا " عجبي!
كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ" (البقرة 113):
(انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا )الإسراء 48)
” " قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ" (الأنعام 148)! و"إن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم" "(الأنعام 119)
ماذا نصوب لهؤلاء القوم وماذا نترك منها من جهالات ؟ "أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ " (الفرقان 44)
فلا عجب اذا أن تدور مفاوضات سد النهضة من قبل هؤلاء النفر لتسع سنين عجاف كحجر الرحي حول "ملء الخزان" بينما عُمِّي عَلَيْهمْ "الفيل الذي في الغرفة" (وفق تعبير الشاعر الروسي إيفان كريلوف) ، فَضَلَّ عَنْهُم احتمال انهيار السد وقد أمنوا مكره "بضخامة مقطعه" أو حتي سلامته ، قبل أن ينبههم مندوب البنك الدولي في أخر لقاء في واشنطن بأنهم لم يتطرقوا لقضية سلامة السد في حواراتهم السابقة كلها رغم مركزيتها، ورغم أننا - من جانبنا -- كنا قد خصصنا لها قبل خمس سنوات أكثر من خمس دراسات حصرية منشورة! ليؤكدوا – بإغفالهم هذا - ما ذهب اليه المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في أن الأسباب الرئيسية للكوارث الهندسية تتمثل (إحصائيا بنسبة 36%) في "عدم كفاية المعرفة" "واستسهال التأثيرات الخارجية (بنسبة 16 ٪) ، بجانب "الاعتماد على الآخرين دون رقابة كافية "(أقرأ هنا " غياب المهندس الاستشاري عن سد النهضة")! ،وقد اختاروا أن يكونوا "وسطاء" لا أصحاب "مصلحة"في الدفع عن السودان كارثة فنائه حال انهيار السد ، كما نبه الي ذلك بجلاء كل من د. محمد عبد الحميد و د. الوليد مادبو.!
▪ربما يكفي من الرد علي وَهْن وفساد تلك الأقاويل عن سلامة السد التي دفع بها اؤلئك القوم بأن ندعو الذي قال أن " انهيار السد مقدور عليه" وصحبه " لينظروا للاعتراف التالي من جيمس أمرهايم مهندس الإنشاءات الأمريكي البارز :
•"الهندسة الأنشائية هي فن وعلم صب مواد نحن لا نفهمها تماما!
•في أشكال نحن لا نستطيع تحليلها بصورة كاملة!
•لتقاوم قوي نحن لا نستطيع أن نتنبأ بها بدقة!
وكل ذلك نتمه بطريقة لا تعطي المجتمع ككل سببا للشك في مدى جهلنا "!
والي أمثال هؤلاء "يساق هذا الحديث عن:
سد الموصل الأكثر خطورة في العالم. ....
كتَوْطِئَة لمخاطر انهيار سد النهضة
• حيث عمل المقاول الدولي (كونسورتيم ألماني إيطالي بقيادة الشركة الألمانية هوكتيف
(Hochtief Aktiengesellschaft. nside) عام 1980 في تشييد السد ، رغم أن الشركة الألمانية "هوكتيف " نفسها اعتبرت المكان أسوأ موقع على الإطلاق للعمل فيه ورغم نصيحة الخبراء الروس بعدم بناء السد في ذلك الموقع بسبب طبيعة القاع القابلة للذوبان وأنها ستشكل ، قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار ، بسبب قاعدة الجبس القابلة للذوبان تحته-- •أي أن الكونسورتيم كان يدرك تماما – قبل أن يشرع في تشييد السد - أن السد سينهار يوما ما !
▪وفي عام 2007 قالت الولايات المتحدة أن أساس السد يمٍكن أن ينهار في أي لحظة "!
فهل - بعد كل هذا – سيجد العراقيون عزاءا في نصح رئيس الدبلوماسية بان "انهيار السد غير وارد، والسودان مطمئن لسلامته، لأن الشركة المكلفة ببنائه هي شركة عالمية"و"لا يمكن أن تضحي بسمعتها" ، كما قال آخر!
"بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" (الأعراف 179)
تأمل مثلا في حال الشركتين العالميتين التاليتين:
مأساة الغاز في مدينة بوبال الهندية عام 1984
▪ والشركات الدولية في الغالب تبحث عن مصالحها التجارية ولا تأبه كثيرا بما يحدث بعد استيفاء أتعابها ، وهذه الشركات في سعيها الأعمى لدفع مصالحها قد تأتي بما يهدد الصحة العامة بل والحياة في مجتمعات العالم الثالث المعدمة ، والجميع يذكر مأساة الغاز في الهند عام 1984، والتي تعتبر أسوأ كارثة صناعية في العالم، والتي تسببت فيها شركة يونيون كاربايد في مصنع للمبيدات في بوبال، حيث تعرض فيها أكثر من 500000 شخص إلى غاز إسوسيانات الميثيل (MIC) وغيره من المواد الكيميائية.وبلغ عدد القتلى نتيجة لذلك أكثر من 16000 !
سيارة فولكسفاجن والبرمجيات المخادعة:
▪ان كان هؤلاء القوم يعتقدون ان مأساة بوبال الهندية شيء من الماضي تسبب فيها ضعف الوعي في ذلك الزمن قبل ان ترسخ فكرة "المسؤلية الاجتماعية للشركات" ، فيستطيعوا الرجوع للنت لمعرفة ما أقدمت عليه شركة فولكسفاجن العملاقة قبل بضع سنين-- ودون الخشية علي سمعتها - من الغش في اختبارات قياس الانبعاثات في سياراتها التي تعمل بالديزل والذي طال مليون وحدة من "سيارة الشعب" -- نفس الشعب من محدودي الدخل الذي تخطب وده بأعلامها -- يا للمفارقة !"، في جميع أنحاء العالم ، حيث تم تزويد محركات تلك السيارات بما يسمى "جهاز الهزيمة".وهو عبارة عن برمجيات ماكرة(Computer Software) تعرف متي يجري اختبارها في ظروف معملية Controlled Lab Tests) ) في الدول الأخري ، فتغيير الأداء وفقا لذلك لخفض حجم أنبعا.ث ملوثات أكسيد النيتروجين ( (Nitrogen Oxide بينما هي في الواقع -- وهي سائرة علي الطريق -- تطلق من تلك الملوثات البيئية ما يصل إلى 40 مرة فوق ما هو مسموح به في الولايات المتحدة مثلا !!
وعندما أثارت مستويات الأنبعاثات تلك مخاوف وكالة حماية البيئة الأمريكية عام 2014 كابرت الشركة قائلة بأن الأمر لا يعدو عن "شرود"( aberration) وانحراف استثنائي عن النتائج المقررة ، وذلك بسبب" ظروف غير متوقعة"في العالم الحقيقي !، .بينما هي تعلم علم اليقين بأن ذلك بسبب البرمجيات المخادعة داخل محركات " سيارة الشعب " التي تبطن غير ماتظهر!
وحدث ذلك رغم أن فولكسفاجن … "الشركة العالمية …لم تحجم عن "إلحاق الضرر بسمعتها"!
متلازمة إنكار الحقائق بطعم أوربي:
مع نصائح قاتله !
" التاريخ تتناثر علي مساره رؤى كاذبة بشكل صارخ ،ونصائح قاتله من شخصيات بارزة كان لها --، عند اعتمادها-- نتائج بالغة الضرر لأممهم ، كما هو حال من يهمس الآن في اذن صاحب القرار حول سد النهضة: أو من "يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء" ، ممن حملوا راية الترويج لسد النهضة ومنكرين مخاطر انهيار السد !
ففي عام 1934،أعلن ديفيد لويد جورج، رئيس الوزراء البريطاني بملء فمه لناخبيه "صدقوني، ألمانيا غير قادرة على شن الحرب"لكن بعد شهور كانت ألمانيا قد فرضت الحرب!— خذ مثلا أخرا:
أثناء الحرب العلمية ،في عام 1944 ، أعلن ليندمان (Lindemann)، المستشار العلمي لتشرشل، بملء فمه أن الصواريخ الألمانية (V-2) التي تعمل بالوقود السائل – عندما عرضت عليه صورها – أنها "لن تطير" !، وذلك قبل أيام من استخدامها المميت ضد لندن!
وخلال غزو نورماندي نصح خبراء الأرصاد الجوي القيادة العسكرية الألمانية بأن الطقس لن تكون مناسبا لغزو الحلفاء ، مما مكن الحلفاء من القبض على القوات الألمانية و دفاعاتهم في حالة استرخاء!
متلازمة إنكار الحقائق بطعم أثيوبي:
اتفاقية عام 1902 بين بريطانيا وأثيوبيا
البندI من الاتفاقية البريطانية –الأثيوبية لعام 1902(Anglo-Ethiopian Treaty)
ينص علي أنه تم الاتفاق علي الحدود بين السودان وإثيوبيا...
∆البند. II – ينص علي أن تعريف الحدود الوارد البند. 1 ، يتم تحديده بوضع علامة على الأرض من قبل لجنة للحدود المشتركة
∆البندIII من نفس الاتفاقية تعهد فيه الإمبراطور مينيليك الثاني ملك إثيوبيا ، للحكومة البريطانية على "عدم بناء أو السماح ببناء أي أعمال عبر النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو سوباط ، والتي من شأنها وقف تدفق مياهها إلى النيل إلا بالاتفاق مع الحكومة البريطانية وحكومة السودان".
أول الإنكار يتمثل في أن أثيوبيا تري أن هذه الاتفاقية غير ملزمة لها لأنه لم يتم التصديق عليها من قبل البرلمان البريطاني أو مجلس التاج الإثيوبي!
فهل هذا الزعم يقف علي ساقين؟ دعنا نري:
في عام 1978 تمت صياغة "اتفاقية فيينا بشأن "خلافة الدول" فيما يتعلق بالمعاهدات" ودخلت الأتفاقية نفسها حيز التنفيذ في عام 1996 ، كتدوين (Codification) لقواعد خلافة الدولة (State Succession)
اتفاقية فيينا ” لعام 1978 ومحكمة العدل الدولية أنهيتا الخلط بين المعاهدات السياسية (أو العامة) في مقابل المعاهدات الإقليمية (أو المحلية):في ظل قاعدة "خلافة الدول"
State Succession Doctrine) )
و في قضية "المناطق الحرة في سافوي العليا ومقاطعة غيكس" (عام 1932) (the Free Zone of Upper Savoy
and the District of Gex” Case #1)
بين فرنسا وسويسرا:
∆دعمت محكمة العدل الدولية
(Permanent Court of International Justice--PCIJ)
▪الرأي القائل بأن :
•"دولة الخلف" (Successor State) ليست ملزمة بالمعاهدات السياسية (العامة)،
▪ولكنها ملزمة بالمعاهدات الإقليمية ،أي المعاهدات التي عدلت الحدود
((Territorial or Boundary Treaties
بين كيانين، (مثلا كما صار اليه حال الحدود بين السودان وأثيوبيا في اتفاقية عام 1902 المشار إليها عاليه بين بريطانيا وأثيوبيا المستقلة)والتي وافقت فيها بريطانيا علي ضم إقليم بني شنقول لإثيوبيا
▪بل وحيث تغير الوضع الجغرافي أو الديموغرافي، كما في حالة:
التغير في المساحات المزروعة أو
التغير في نسب السكان أو ▪حيث تغير الوضع الفيزيائي ،علي سبيل المثال نتيجة ل: التقدم العلمي في أساليب ضبط النيل قدرة المستجد من علوم الهندسة في تحقيق تخزين واستخدام كميات كبيرة من الإيراد وقت الشحة المائية.
” مبدأ الحدود الموروثة (الحيازة الجارية“ أو ما تملكه— " كالإرث الاستعماري((Uti Possidetis
▪من جانب اخر، في وقت سابق وبموجب نظام "الحيازة الجارية" (Uti Possidetis) كالإرث الاستعماري، وافقت الدول الأفريقية على اعتماد والحفاظ علي المعاهدات الدولية التي وقعتها القوى الاستعمارية السابقة— كاتفاقية 1902، مما يلزم إثيوبيا بنصوصها.
السودان وأثيوبيا:
ما بين إِنْكارُ الجَميلِ وجزاء سنمار
في أوائل الستينات من القرن الماضي، لم يرد السودان ان تتجاوز تعلية سد الروصيرص (أقرأ هنا "قصر الخورنق" !) 510 متر ، بل ولا حتي الي 500 متر ليرفع سعة السد الي (11.51) مليارم3 (عند 500 متر) بدلا من 7.23 مليارم3 الحالية (عند منسوب 490 متر)، اذ أن رفع منسوب الخزان فوق 490 متر سيدخل "رمو" خزان الروصيرص(أي المياه المرتدة من السد) الي الأراضي الأثيوبية - ليمتد الرمو داخل أثيوبيا ، ويتسبب في غمر كبير لتلك الأراضي ،بما في ذلك إغراق موقع سد النهضة الحالي (أنظر الرسم المرفق)
ولو كان السودان قد جاري مصر بالأرتفاع بسده القومي الي سقف مصالحه الوطنية ، لربما كنا شهدنا اعادة لسيناريو السد العالي مع مواقع السدود السودانية عند الشلال الثاني والثالث و سمنا، وهي هنا ستكون:
أهدار موقع سد النهضة الحالي أو خفض فرق التوازن المائي عنده
وتهجِّيرالقدرة الكهرومائية الكامنة لديه من الأراضي الأثيوبية الي الأراضي السودانية (عند موقع سد الروصيرص )
وهكذا ضحي السودان بالتعلية الي 510 متر ، بل وحتي الي 500 متر ،مما كان سيوفر له الخيرات الآتية: تحقيق استغلال أفضل لإمكانات الموقع المائية زيادة سعة التخزين – رفع حجم التخزين
المائي (عند التعلية حتي 500 متر) الي 11.51 مليارم3 و بالتالي زيادة التوليد الكهرومائي (الميقاواتس) تقليل حجم الماء المراق (Spillage) عبر المفيض ، مما يوفر دفقا أكبر للمياه يتجاوز بكثير معدلات الزيادة في التبخر زيادة في إنتاج الطاقة (القيقاواتس –ساعات) توفير قدر أكبر من السيطرة على إمدادات المياه
خفض أو تثبيت (Stabilization) انتقال الرواسب الطميية
وأخيرًا وليس آخِرًا:، زيادة هامش الأمان لسد الروصيرص من خلال تقليل فرصة حدوث علو الماء (Overtopping) للجسم الخراساني للسد أو لأجنحته الترابية!
فتأمل أيها القاريء كيف كان السودان بارا بجيرانه ولو علي حساب مصالحه! وقد جاء في تفسير ابن كثيرللأية الكريمة : “وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسهمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة “(الحشر 9) “أنهم آثَرُوا عَلَى أَنْفُسهمْ مَعَ خَصَاصَتهمْ وَحَاجَتهمْ إِلَى مَا أَنْفَقُوا”!
0 تعليقات