آخر الأخبار

البطل الشاب : عبد العليم عوض ( بطل البحرية المصرية)

 




 

 

 

هل يمكن أن يتحول شاب مجند يتقن فن إصلاح الساعات إلى بطل فى لواء الوحدات الخاصة البحرية المصرية ويمضى طيلة حياته فيه حتى توفاه الله ؟

 

 

▪نعم هذا ما حدث بالفعل ، ولكن كيف حدث هذا ؟ فدعونا نقرأ هذه السطور ونتحدث عن قصة أحد الجنود المجهولين ، و نلقى الضوء على البطل عبد العليم عوض والدور الكبير الذى قام به ، و لم يتطرق أحد من قبل سواء على مواقع الإنترنت أو وسائل التواصل الإجتماعى أو الإعلام المرئى أو المسموع أو المقروء بالحديث عنه وقد لا يعلمه الكثير ولكن يعرفه جيدا كل من خدم فى لواء الوحدات الخاصة البحرية ، مرورا بالقادة والأبطال والصف والجنود وأيضا هو يعلمهم جيدا ويعرف تاريخهم ، إنه أحد الموظفين المدنيين بالقوات المسلحة المصرية الذى أمضى نصف قرن من الزمان فى خدمة لواء الوحدات الخاصة البحرية ، إنه رمز من رموزها وعلامة بارزة فى تاريخها.

 

كان الشاب المكافح/ عبد العليم عوض محمد يخطط للسفر للعمل فى أحد الدول العربية بعد الإنتهاء من أداء الخدمة العسكرية كجندى فى القوات البحرية ، ولكن القدر قاده لطريق البطولة وأراد له الإشتراك فى أعمال عظيمة لم يكن يتخيلها ، ففى عام 1959 انتقل قائد وحدة الضفادع البشرية السابق الرائد بحرى أ.ح/ محمد فوزي عبد الرحمن للعمل فى قيادة القوات البحرية وهو بالمناسبة شقيق الفريق/ محمود عبد الرحمن فهمى قائد القوات البحرية (1969-1972) حيث طلب من بطل قصتنا الجندى/ عبد العليم عوض إصلاح أحد ساعات الحائط الموجودة بالمكتب والتى كانت متكررة الأعطال فقام الجندى/ عبد العليم بإصلاحها فى وقت قصير ولم تعطل مرة أخرى فمنحه مكافأة نظير ذلك.

 

وبعد عام على تلك الواقعة عاد الرائد بحرى أ.ح/ محمد فوزي عبد الرحمن ليتولى قيادة الوحدات الخاصة البحرية وتم إنضمام وحدتى الصاعقة البحرية والضفادع البشرية تحت قيادة واحدة عام 1961.

ولم ينسى القائد الذكى ذلك الجندى فنى الساعات الماهر الذى قابله بقيادة القوات البحرية فسعى إلى نقله إلى الوحدات الخاصة البحرية ليسند إليه مسئولية كبيرة وهى تجهيز ساعات الألغام والشحنات الناسفة التى تستخدمها الضفادع البشرية فى مهاجمة سفن وقواعد العدو البحرية ، فكان على قدر المسؤلية وأتقن العمل ، وعندما حان وقت إنهاء مدة خدمته العسكرية عرضت عليه القوات البحرية ليكون أحد رجالها فقبل على الفور راضياً بقضاء الله وإيماناً بحبه للقوات البحرية والوطن ، وتخلى عن حلمه بالسفر ، وإستمر فى هذا العمل بتفان وإتقان كموظف مدنى بالقوات المسلحة بعد إنتهاء فترة تجنيده ولسنوات طويلة ، أنجز خلالها الكثير من الأعمال التى ترتبط إرتباطا وثيقا ببطولات القوات البحرية.

 

وبعد عدوان 5 يونيو 1967 تم تكليف الضفادع البشرية المصرية بتنفيذ عمليات بحرية خاصة لرفع الروح المعنوية للقوات المسلحة المصرية وإظهار مدى شجاعة وبطولة المقاتل المصري وقدرته على القتال ضد أسطورة العدو الإسرائيلي.. مما أصاب الإسرائيليين بفزع شديد نتيجة لنجاح رجال الضفادع البشرية المصرية في أن يضعوا أيديهم على أهداف بحرية إسرائيلية ويقوموا بتلغيمها داخل قواعدهم البحرية بالإضافة لعملياتهم أثناء حرب أكتوبر المجيدة.. وقليلون جدا الذين يعرفون أن فنى ساعات الألغام بالقوات البحرية الأستاذ/ عبد العليم عوض محمد (رحمه الله) كان خلال تلك الحروب السابقة هو المسئول عن مهمة فى غاية الدقة والخطورة وعلى أعلى درجة من درجات السرية وهى تجهيز ساعات الألغام والشحنات الناسفة التى استخدمتها الضفادع البشرية المصرية فى عملياتها الجريئة ، و عندما تشاهد صورة أو فيديو أو تقرأ عنهم لابد وأن تتذكر هذا الرجل العظيم الذى عمل فى الظل وكان وراء هذه النجاحات ، وظلت القوات البحرية تخفى هذا الرجل عن عيون الآخرين حفاظا على حياته حتى لا تمتد إليه يد الغدر والإغتيال ، إلى أن جاء اليوم الذى كشفنا عنه الستار وهو فى رحاب الله وصار أسطورة على أرض الواقع .

 

الأعمال والإنجازات التى قام بها :

 

قام بتجهيز ساعات الألغام والشحنات الناسفة للعمليات والمهام الخطرة التى حققت نتائج مبهرة وهى كالتالى :

 

- إغراق السفينة التجارية الإسرائيلية (Dahlia ) والعبارة (Hey Daroma) فى الإغارة الأولى على ميناء إيلات فى نوفمبر 1969

- إعطاب وتعطيل سفينة الإبرار (INS Bat Sheva) وإغراق وتدمير سفينة الإمداد (INS Bat Yam) تماماً فى الإغارة الثانية على ميناء إيلات فى فبراير 1969

 

- تدمير الحفار الإسرائيلي المستأجر من شركة (Kenting Offshore) الكندية بميناء ابيدجان بدولة ساحل العاج فى مارس 1970

 

- تدمير الرصيف الحربي لميناء إيلات وتدمير وإغراق سفينة الإمداد (INS Bat Galim) ومقتل وإصابة عدد كبير من الضفادع البشرية الإسرائلية الذين أنفجر فيهم الشحنة الناسفة الثانية بعد نزولهم للغطس لمعاينة وتقدير الخسائر التى حدثت نتيجة إنفجار الشحنة الناسفة الأولى فى الإغارة الثالثة على ميناء إيلات مايو 1970

 

-         تدمير حفار البترول بمنطقة بلاعيم أكتوبر 1973

 

 

تكريمه :

 

كانت أخبار عمليات الضفادع البشرية المصرية تتصدر عناوين الصحف الأجنبية والمصرية ..

 

ولأن الأستاذ عبد العليم عوض هو من كان يقوم بتجهيز ساعات الألغام لتلك العمليات فقد أكتسب الثقة والإحترام طوال خدمته وقد كان يتم تكريمه دائماً فى المناسبات المختلفة داخل القوات البحرية.

 

 

الخاتمة :

• تعتبر هذه المهنة التى كان يقوم بها هى مهنة حساسة ومن العمالة النادرة وتتطلب أشخاص لهم مواصفات خاصة ، وقد كان الأستاذ / عبد العليم عوض محمد أهلاً لها وتنطبق عليه كل المواصفات المطلوبة ، فقد كان رجلاً منضبطاً ودقيقاً كأنه ساعة (رولكس) ، شديد الكتمان والسرية ، فضلاً على دماثة الخلق ، هادئاً قليل الكلام كثير الصمت، عمل فى صمت ، وأنجز فى صمت ، ومضى فى صمت ، حتى رحل عنا بهدوء فى يوم الأربعاء الموافق 25 يوليو 2018 وكان مازال يعمل إلى أن قارب الثمانين عاما من عمره فى خدمة القوات البحرية المصرية لينضم للأوفياء المخلصين الذين قاموا بأعمال دقيقة لم يسمع بها أحد ، ولكن بصماته صارت مكتوبة بحروف من ذهب فى سجلات القوات البحرية وتشهد بها راية الوطن العالية الخفاقة على مر السنين ، واليوم نحيى ذكراه و ننعيه فى يوم وفاته ، رحم الله البطل عبد العليم عوض أحمد وجازاه الله خيرا على أعماله.

 

• ومن هنا نضرب المثل بهذا الرجل العظيم و نخاطب الشباب ليكون لهم قدوة ومثلاً يحتذى به ، و ننوه بألآ يغفل القادة والضباط فى خضم المهام الملقاة على عاتقهم الآن وإن كنا نثق فيهم عن الاعتناء بالمواهب الشابة والاجتهاد فى اكتشافها كما فعل الرائد بحرى أ.ح/ محمد فوزي عبد الرحمن حتى يصبحوا البطل عبد العليم عوض محمد مرة أخرى أو فى مجالات شتى لخدمة قواتنا البحرية والوطن...

 

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات