عز الدين البغدادي
من عادة العرب أنها تطلق على السيوف أسماء، تكون أعلاما تدل عليها
لا سيما سيوف الشجعان. وربما كان "ذو الفقار" أكثر سيف عرف وحفظ، فهو
سيف أسد الله الغالب الإمام علي بن أبي طالب. إلا أن هناك تصورات معروفة بين الناس
ليس لها أصل واقعا، وإن اشتهرت بينهم جدا.
وقد ذكر في سبب تسميته بـ "ذي الفقار" أن الفقار هي
الحفرُ والحزُ، والسيف المفقر الذي فيه حزوز منفضّة عن متنه. وسمِّي السيف
"ذا الفقار" لأنه كانت فيه حفر صغار، ويقال للحفرة فقرة.
وقد روي هذا عن الإمام جعفر الصادق من قوله "إنما سُمّي سيف
أمير المؤمنين عليه السلام ذو الفقار لأنه كان في وسطه خطة في طوله مشبّهة بفقار
الظهر".
هناك رأيان في أصل هذا السيف، الأول: أنه من الغنائم التي حصل
عليها المسلمون يوم بدر، وكان في الأصل لمنبه بن الحجاج السهمي الذي قتل يوم بدر،
وقد أعطاه النبي (ص) إلى عليِّ بن أبي طالب، وقد دخل به مكة يوم الفتح.
الثاني: إنه نزل من السماء، وهو قول متأخر رواه ابن شهر آشوب في
المناقب نقلا عن تفسير السدي عن ابن عباس، قال: عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله
تعالى ( وأنزلنا الحديد ) قال : أنزل الله آدم من الجنة معه ذو الفقار خلق من ورق
آس الجنة ثم قال : ( فيه بأس شديد ).
كما نقل عنه أن "نبي الله ادم عليه السلام كان يحارب به
أعداءه من الجن والشياطين, وكان عليه مكتوباً لا يزال أنبيائي يحاربون به نبي بعد
نبي وصدّيق بعد صدّيق حتى يرثه أمير المؤمنين فيحارب به عن النبي الأمي".
الا ان تفسير السدي الموجود لا توجد فيه هذه الرواية‼
كما روى ابن شهر آشوب عن الإمام الرضا ع " أن جبريل قد نزل به
من السماء".، كما روى أقوالا أخرى منها: أن جبريل قد كسر صنماً عظيماً
باليمن، وصنع من مادته هذا السيف، كما قيل إنه كان من بين الهدايا العظيمة التي
أرسلتها بلقيس ملكة سبأ إلى الملك سليمان في فلسطين.
كما روي أن النبي (ص) قد أخذ سعفاً من سعاف النخيل، ثم نفث فيه،
فتحول السعف في يده إلى سيف ذي الفقار!
أما بالنسبة لشكل الشيف، فالمشهور عند الناس أن هذا السيف فيه
شعبتان، إلا أنه لم يرد نص أو دليل قديم في ذلك رغم ما روي من أن ابن شهر آشوب قال
بأن لهذا السيف رأسين، لكننا لم نعثر على مصدر موثوق يدعي بأن لهذا السيف رأسين.
وهناك من ربط ذلك بخنجر ابي لؤلؤة الذي قتل به عمر بن الخطاب، وقد
ذكر عماد الدين الطبري وهو مؤرخ فارسي متأخر في كتابه "كامل البهائي" أن
أبا لؤلؤة قد قتل عمر بن الخطاب بسيفٍ، صنعه على غرار ذي الفقار" وهذا صحيح
من جهة أن أبا لؤلؤة فعلا اغتال عمر بن الخطاب بخنجر ذي رأسين، وهو ما صرح به
المؤرخون مثل الطبري وابن الاثير وابن كثير والذهبي وغيرهم.
وأما أنه صنع على غرار ذي الفقار فليس صحيحا، لأنه لم يثبت أن ذا
الفقار كان كذلك، وحتى لو كان فإن أبا لؤلؤة مجوسي، وليس كما يزعم بعض الغلاة أنهم
كان يتشيع فهذه من الأكاذيب التي لا تصح أبدا.
وهناك أمور أخرى تتعلق بهذا السيف لن نذكرها هنا طلبا للاختصار….
والله اعلم
0 تعليقات