آخر الأخبار

(تجيير القضية المهدوية لخدمة السياسة)..

 

 




خليل المرخى

 

حاولَتْ الدولة البويهية (التي تُعتبر الدولة الشيعية اﻷولى في التاريخ بالمعنى الواقعي للدولة والشيعية معًا) أن تعمِّق في الواقع الشعبي فكرة انتمائها العقدي للتشيع فلجأت لعدة إجراءات.

 

من تلك اﻹجراءات أنها طلبت من الشيخ المفيد_ الذي كان فقيه الشيعة اﻷكبر في زمانه_ أن يطلب بدوره من اﻹمام صاحب الزمان التفضُّل باستلام الدولة إن أحب ذلك، وذلك استثمارًا منها للشائعات الشعبية المتمثلة في القناعة بأن الشيخ كان يتصل باﻹمام الغائب، ويلتقي معه.

 

لكن الشيخ المفيد أجاب على هذا الطلب بأن استلام اﻹمام المهدي للدولة متعلق بمشيئة الله، وليس له _أي اﻹمام_ أن يجيب على هذا التساؤل.

 

كما أوضح المفيد لهم _قادة الدولة البويهية_ بأن اﻹمام الحجة لو أراد السيطرة على الحكم لخرج من ساعته بقدرة الله ليحقق الحلم العالمي، أما لماذا لم يفعل ذلك لحد الآن، فالسبب هو وجود موانع ﻻ نعلمها وﻻ يمكن لنا إدراكها؛ ﻷنها من الغيب.

 

نتيجة هذا الموقف من الشيخ فترت العلاقة بينه وبين الدولة، بعد أن كان متنفذًا فيها وصاحب مكانة عالية، فتم نفيه على إثر ذلك.

 

وأعتقد أن البويهيين _رغم موقف الشيخ المفيد المذكور من طلبهم الغريب _ قد استفادوا شعبيًا في توظيف الحادثة لتعضيد حكمهم باعتباره دولة دينية بامتياز تستحق التضحية في سبيل بقائها.

 

بغض النظر عن حقيقة دوافع تلك الخطوة، إﻻ أن اﻻنطباع اﻷولي للمحلل يحكم بأن اﻷنظمة السياسية ﻻ تتورع عن توظيف أقدس المقدسات لدعم سلطتها، بلا فرق بين أن يكون عنوان تلك اﻷنظمة دينية أو علمانية.

 

وإﻻ ما معنى أن تنفي الشيخ من البلاد بمجرد أن أجاب بما ﻻ تهوى.؟!

 

*للاطلاع على إشارات عامة حول الحادثة انظر (ثيولوجيا التشيع السياسي) صلاح جواد شبر.. صفحة 270

 

إرسال تعليق

0 تعليقات