نصر القفاص
وصلنا إلى محطة ما قيل عنه "قمة ثلاثية" جمعت الرئيس
"عبد الفتاح السيسى" مع الشيخ "محمد بن زايد" ولى عهد أبو ظبى
و"نفتالى بينيت" رئيس وزراء إسرائيل.. أى أنها جمعت فى غرفة صامتة..
مصمتة.. بين مصر والإمارات وإسرائيل.. هذا ما حدث, وتناولته وسائل الإعلام فى
الكوكب بالبحث والشرح وطرح الأسئلة.. وفى مصر حدثنا المتحدث الرسمى لرئاسة
الجمهورية ببضع سطور, لا تغنى ولا تسمن من جوع.. لكنه قال كلاما فيه شبه من
الكلام!!
قبلها بأيام كنا قد أخذتنا مفاجأة.. قل صدمة.. الرئيس "بشار
الأسد" قام بزيارة إلى "الإمارات" وتم استقباله خلالها بحفاوة
مدهشة.. قيل فى أمر الزيارة الكثير, إيجابا وسلبا وكذلك ترحيبا ورفضا.. المهم أنه
حدث وتابعناه!!
حاول أن ترجع إلى أيام قليلة سابقة.. ستجد "رجب طيب
أردوغان" يستقبل رئيس وزراء "اليونان" – الإخوة الأعداء – بعد أن
ودع الرئيس الإسرائيلى الذى زار "أنقرة" لتذويب جبل جليد استمر لسنوات!!
دعك من كل هذا ودقق فى أن "إسرائيل" تلعب علنا دورا
دوليا فى ساحة الصراع "الأوكرانى" وأصبحت وسيطا بين روسيا وأوكرانيا..
فى الوقت نفسه تواصل "قطر" لعب دورها الدولى كوسيط بين أطراف الصراع فى
"تشاد"!! ولن أطيل عليك سوى بأننا نعيش لحظة يرفض فيها ولى عهد السعودية
وولى عهد أبو ظبى الرد على الرئيس الأمريكى – بايدن – والخبر نشرته جريدة
"وول ستريت جورنال" الأمريكية.. دون أن يكذبه الأطراف الثلاثة أو أحدها!!
إذا تعجلت وسألتنى.. ماذا تقصد أو تريد؟!
هنا أستأذنك الصبر مع الهدوء.. أدعوك لأن تتذكر فيلم "الأيدى
الناعمة" الذى قام ببطولته "أحمد مظهر" و"صلاح ذو
الفقار" مع "صباح" و"مريم فخر الدين".. فهذا هو
"بيت القصيد" لأننى أردت القول أن المسافة شاسعة بين "الأيدى
الناعمة" و"القوة الناعمة"!!
كلنا نعرف أن "الأيدى الناعمة" بطلها عاش على ماض انتهى
دون قدرة على الخروج منه.. وكان عاجزا عن مواجهة حاضره, فكاد ان يضيع مستقبله..
ونحن فى مصر استطعنا أن نخلق "قوتنا الناعمة" التى سيطرنا بها على
المنطقة, ونجحنا فى أن نجذب حولنا بقوتها شعوب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية..
وبهذه "القوة الناعمة" كنا صداعا فى رأس قوى كبرى بعضها جعلناه
"عظمى سابقا", فى حرب السويس عام 1956 وما بعدها!!
نحن فى لحظة فاصلة.. يتبين بعدها الخيط الأسود من الأبيض!
كلنا – الأغلبية المغيبة – يصعقنا واقعنا الاقتصادى.. هذه الأغلبية
تشويها نار الأسعار وضعف المرتبات.. نصرخ من "أراجوزات" تقدم فقرات
سخيفة على الشاشات.. إكتشفنا أننا صرنا بلا صحافة.. وجدنا أنفسنا لدينا من يقال
عنهم أنهم "نواب" دون وجود "برلمان"!! فقد حدث أن اتفقت
مجموعة أحزاب على تقسيم مقاعد البرلمان فيما بينها.. وكنت قد كتبت وقتها ما وصفته
بأنه "اتفاق القصد الجنائى".. أى أنه كان جريمة مع سبق الإصرار
والترصد.. إنتهى الأمر ووقعت الجريمة.. جاءت لحظة الحساب.. سقط بجدارة "بهاء
أبو شقة" رئيس حزب "الوفد" العريق فى انتخابات رئاسة الحزب, ليدفع
ثمن مشاركته فى الاتفاق.. رغم أنه يجلس على مقعد وكيل مجلس الشيوخ.. وبالمناسبة
سقط فى الوقت نفسه "هانى ضاحى" فى انتخابات نقابة المهندسين – كان وزيرا
قبلها – ونجح "طارق النبراوى" تحت راية أنه "ناصرى".. وبدأنا
نسمع من جديد عن فضائح البيع والشراء لمقاعد الشيوخ والنواب!
ما علاقة الأخبار التى ذكرتها بفيلم "الأيدى الناعمة"..
وهذه "الأراجوزات" وذلك الاتفاق على تقسيم مقاعد بين من نقول عنهم
"نواب"؟!
السؤال مهم جدا.. لكنه واحد من عشرات الأسئلة الكامنة داخل
"بركان خامد" وكان يمكن أن يبقى كذلك لفترة أخرى من الزمن.. لكن رياحا
عاتية هبت على الدنيا من هنا.. حيث "روسيا" و"أوكرانيا" التى
تدور على أرضها "الحرب العالمية الثالثة".. هبت علينا وعلى الكوكب..
وهنا يجب أن أؤكد أنها "حرب عالمية ثالثة" بمفهوم العصر الحديث.. ميدان
محدد.. المواجهة العسكرية على أرضه.. لكن جبهاتها الاقتصادية تشمل الكرة الأرضية..
ميدانها الإعلامى من أقصى الأرض إلى أقصاها.
نحن فى مصر.. أخذتنا المفاجأة.. قل الصاعقة!!
إقتصاديا أجبرنا المواطن على دفع ثمن اجتهادات وسياسات, شديدة
الهشاشة.. وإعلاميا وجدنا أنفسنا فى فراغ.. أما سياسيا.. فلا نملك أن نشرح ماذا
حدث فى "شرم الشيخ".. وكيف يمكن أن نناقش قضايا الطاقة والأمن الغذائى
مع "إسرائيل" و"الإمارات" وبعض وسائل الإعلام ذكرت أنها ناقشت
قضايا الزراعة!!.. ثم خرج كبير الوزراء – رئيس الوزراء – ليزف بشرى صرف المرتبات
والمعاشات بزيادة مبكرا عن موعدها.. وإعفاء المشروعات الصناعية – رجال الأعمال –
من الضريبة العقارية لمدة ثلاث سنوات.. ولأننا من ثلاث سنوات – أكثر أو أقل –
إعتمدنا منهجا إخوانيا يقول: "اللى فوق يعرف أكثر"!! إكتشفنا أن
"اللى فوق" ليس عنده ما يقوله سوى.. "ربنا يسهل" و"الحمد
لله".. إضافة إلى "أننا فى نعمة" بمعنى "إحنا أحسن من غيرنا"
إلى آخر هذه المعانى والمفردات "الإخوانية" وكلها لا تقنع جاهل ولا
متعلم أو مثقف.. فقط يرددها الين يتكسبون من كونهم "أراجوزات" ويلعبون
أدوارا لصالح دول تتصارع على وراثة مصر فيما كانت تملكه من "قوة ناعمة"
وتحديدا سنجد أنها تتمثل فى "الدوحة" و"أبو ظبى"
و"الرياض" باعتبارنا أجبرنا على أن نكون شعب لا يشغله غير "رغيف
العيش" أو أكثر قليلا.. وقليلا جدا!!
الحقيقة هى.. "قمة شرم الشيخ" التى رافقها إعلان بيع فى
صفقة مع "الإمارات" قيمتها 2 مليار دولار.. والحقيقة – أيضا – أن
"السعودية" و"الإمارات" ذهبا إلى حالة رفض الرد على السيد
الأمريكى – بايدن – والحقيقة أن "تركيا" تبحث عن مصالحها خشية أن يسقط
"أردوغان" فى انتخابات قادمة.. والحقيقة أن أوروبا تعض أصابع الندم على
أنها اختارت السير فى الركب الأمريكى.. وكذلك سنجد الحقيقة تقول أن
"الصين" صامتة "كديناصور" لم يقل كلمته!!
كل هذه حقائق يخشى "الذين يفكرون بالدولار واليورو"
الاقتراب منها.. ولو فعلوا سيقولون لك كلاما فيه شبه من الكلام.. لذلك سنجد أن
"المفكرين السلفيين" وأقرانهم من الذين يمارسون السياسة على أنها
"وظيفة فى مولد" ينتظرون تعلميات بما يقولون للشعب المصرى.. وكلهم لا
يجرؤون على القول أن "القوة الناعمة" تقول كلمتها.. وأن "الغاز
والنفط" هما السلاح الحاسم.. كلهم تجاهلوا "ملف المياه" المطلوب
إخفاؤه وطمسه.. وراحوا يتحدثون عن "التعويم" على أنه للجنيه.. والحقيقة
أنها محاولة "تعويم" لشئ آخر وثمنه أكثر فداحة وقسوة.. وإذا كان الرئيس
الفرنسى – ماكرون – قد قال بعد مكالمة طويلة مع "بوتين" للعالم كله:
"الأسود قادم".. أستطيع القول من متابعة ما يحدث حولنا "الأسود
قادم"!! فما يحدث على أرض "أوكرانيا" له تأثيره علينا كما على
الدنيا.. لكن ما حدث خلال ثلاث سنوات.. أكثر أو أقل.. جاءت اللحظة الحاسمة لكى
نواجهها.. إما بالقوة الناعمة أو بالأيدى الناعمة!!
0 تعليقات