قائمة "القصد الجنائى"!!

 

 

نصر القفاص

 

 

أذهلني إعلان يدعو الشعب للتصويت فى انتخابات "مجلس الشيوخ" ضمن حملة عنوانها "إنزل وشارك" لأن الإعلان نفذه رؤساء (11) حزبا اجتمعوا على "قصد جنائى" ولا يمكن أن يجمعهم اتفاق سياسى.. وقبل أن تتسرع برفض رؤيتى أو قبولها أدعوك لقليل من المعرفة, بكشف بعض المعلومات عن رؤساء الأحزاب الذين جمعهم هدف تقسيم غنيمة التعديلات الدستورية الأخيرة.

 

أبدأ بالمستشار "عبد الوهاب عبد الرازق" الذى تؤكد سيرته الذاتية أن مشوار حياته بطوله, فرض عليه أن يكون بعيدا عن السياسة.. فالرجل تخرج من كلية الحقوق عام 1969 وتم تعيينه فى الجهاز المركزى للمحاسبات بعدها بشهور فى عام 1970.. انتقل للعمل بالنيابة عام 1971 وترقى فى مجاله, حتى غادر الوطن مطلع التسعينات ليعمل بدولة الكويت لمدة ست سنوات.. وعاد إلى المحكمة الدستورية التى استمر بها إلى أن ترأسها.. وبعد بلوغه سن المعاش, فوجئنا بإعلانه رئيسا لحزب "مستقبل وطن" بدلا من "أشرف رشاد" الذى تم تخفيضه نائبا لرئيس الحزب.. المفارقة أن هذا الحزب أسسه "محمد بدران" وهو دون الخامسة والعشرين من عمره.. وتولى أمره شاب ثلاثينى.. حتى أمسك بقيادته المستشار الجليل بعد أن غادر عتبة السبعين – أطال الله فى عمره – وطوال هذه السنوات لم تظهر عليه أعراض ممارسة السياسة كما هو واضح.. ولن أسأل عن كيفية تنصيبه لهذا "الحزب اللغز" لأن السؤال من الكبائر والمحرمات!!

 

 

المهندس "حازم عمر" رئيس حزب "الشعب الجمهورى" نجح فى أن يفوز بثلاثة عشر مقعدا فى البرلمان – مجلس النواب – وحزبه يقول عن نفسه أنه "ليبرالى" دون أن تعرف له برنامجا.. نوابه لم نسمع لهم صوتا.. لفت الحزب انتباه الناس حين فوجىء الرأي العام بتولى "أحمد أبو هشيمة" منصب نائب رئيس الحزب, وقد تعودنا منذ أن ظهر هذا الاسم على أنه مثير للجدل والدهشة والاستفهام.. سواء فى حياته الخاصة وولعه بأن يقترن بفنانات.. أو باقترابه من السياسة حين ظهر حزب "مستقبل وطن" فعرفنا أنه يموله.. ونعرف أنه كان من ممولى جماعة "الإخوان" وقت رئاسة "محمد مرسى" وثروته تتضخم دون فهم – على طريقة أحمد عز – دخل مجال الإعلام فى عملية إبعاد رجال أعمال من أقرانه عن هذا الميدان.. كان رئيسا لإعلام المصريين فى ظروف غامضة.. وترك هذه المجموعة فى ظروف غامضة.. وهبط على حزب الشعب "الغامض" فى "ظروف غامضة"!!

 

 

الفريق "جلال هريدى" أحد رجال القوات المسلحة.. تجاوز الثمانين من العمر.. شارك فى تأسيس سلاح "الصاعقة" وكان من أبرز رجال "عبد الحكيم عامر" طوال فترة توليه منصب القائد العام للقوات المسلحة.. التصق بالمشير "عامر" وحمل السلاح دفاعا عن بيته – عامر – الذى اعتصم فيه بعد نكسة يونيو.. شارك فى التخطيط لانقلاب على "جمال عبد الناصر" وتمت محاكمته, ثم عاد للقوات المسلحة بعد رحيل "عبد الناصر".. وحصل على درجة "الفريق" شرفيا بقرار من "محمد مرسى" الذى كرمه انتقاما من اسم "عبد الناصر".. ويومها قال الفريق "هريدى" للصحف: "لن أوفى حق الرئيس مرسى الذى أعطاني حقى وكرمنى أكثر من اللازم"!! حدث ذلك صباح يوم 6 اكتوبر 2012 الشهير الذى تصدر فيه قتلة "السادات" الواجهة خلال الاحتفالات.. وأسس حزب "حماة وطن" الذى حقق كتلة نيابية من 18 نائبا.. والحزب يقوم على عدد من القيادات العسكرية البارزة سابقا, ولا يثير جدلا أو أزمات منذ ظهوره على الساحة السياسية.

 

 

"فريد زهران" هو أحد قادة الحركة الطلابية فى السبعينات.. كان المتهم الرابع فى القضية رقم 100 لسنة 1977 المعروفة باسم "انتفاضة الخبز" وأسماها "أنور السادات" وقتها "انتفاضة الحرامية".. له نشاط سياسى ووسط المجتمع المدنى, ويرأس واحدة من المنظمات الأهلية.. أصبح رئيسا للحزب "المصرى الديمقراطى" بعد أن تركه الدكتور "محمد أبو الغار".. وكان حزبه رافضا بقوة للتعديلات الدستورية الأخيرة ودعا الشعب إلى رفضها تصويتا أو مقاطعة.. وهى التعديلات التى أنتجت "مجلس الشيوخ"!!

 

 

المستشار "بهاء أبو شقة" رئيس حزب "الوفد الجديد" المعروف برفضه لكل ما حدث فى مصر بعد 23 يوليو 1952, باعتباره امتداد لحزب "الوفد" الذى تأسس حول "سعد زغلول" ولا يحتاج الحزب – لعراقته – أن نتحدث عنه كثيرا.. فقط لنا أن نعرف أن "الوفد" أخذ شكل الحزب منذ ظهوره.. وتقدم بأوراق إعادة تأسيسه بعد ثورة يوليو باسم حزب "الوفد الاشتراكى"!! قبل شهور من إلغاء الأحزاب.. ثم أعاد بعثه "فؤاد سراج الدين" بعد أن أعاد "السادات" الأحزاب وألغى "الاتحاد الاشتراكى".. وتحالف قبل الثورة فى مرحلة ما مع جماعة "الإخوان", وناصبها العداء فى مراحل أخرى.. كما كرر الأمر نفسه فى الثمانينات!!

 

 

"محمد أنور عصمت السادات" وهو رئيس حزب "الإصلاح والتنمية" ويرأس منظمة مجتمع مدنى فى الوقت نفسه!! عمل فى مرحلة قبطان بحرى, وترشح على مقعد العمال فى البرلمان زمن مبارك, وتم إسقاط العضوية عنه لأسباب تتعلق بالذمة المالية.. وأصبح نائبا فى برلمان ما بعد 30 يونيو, وتم إسقاط عضويته باتهامات تتعلق بالوطنية.. دون داع للتوقف أمام محاكمته مع والده وأشقائه أمام المدعى الاشتراكى بعد اغتيال عمه – أنور السادات – عارض بقوة التعديلات الدستورية وعودة "مجلس الشيوخ".. ثم أصبح أحد أطراف الاتفاق فى القائمة التى تطلق على نفسها "الوطنية من أجل مصر".. وتم ترشيح ابنه الشاب لعضوية "مجلس الشيوخ"!! وعاد إلى حضن النظام, كما كان فى حضن نظام "الإخوان" وقت رئاسة "محمد مرسى" وأحد المقربين منه!!

 

 

ظهر فى الإعلان "محمد الفيومى" ليعرف نفسه بأنه رئيس "المجلس الرئاسى لحزب الحرية" وهو نائب فى "مجلس النواب" وكان من قيادات "الحزب الوطنى الديمقراطى" البارزين.. ترأس المجلس الشعبى المحلى لمحافظة القليوبية.. والده هو "عطية الفيومى" نائب دائرة "طوخ" لسنوات طوال.. أطلقت عليه جريدة "الأهالى" وصف "الحوت" واتهمته بأنه "ابتلع كل شىء فى محافظة القليوبية"!! ويرأس الحزب النائب "صلاح حسب الله" والإشارة واجبة لأننى لم أفهم حكاية "المجلس الرئاسى"!!

 

 

"سيد عبد العال" رئيس حزب "التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى" وهو من الوجوه المعروفة سياسيا منذ السبعينات.. يتمتع باحترام داخل وخارج حزبه.. فاز برئاسة الحزب فى انتخابات ديمقراطية.. وآثار ظهوره ضمن أحزاب هذه القائمة وفى الإعلان عاصفة من الأسئلة وعلامات الدهشة.. وهو نائب فى مجلس النواب حاليا وحصل لحزبه على ثلاثة مقاعد من "التورتة" فى "مجلس الشيوخ"!!

 

الربان "عمر صميدة" رئيس حزب "المؤتمر" وهو الحزب الذى أنتجه "عمرو موسى" عبر تآلف بين عدد من الأحزاب الصغيرة وقت أن كان يتمسك بحضور سياسى, ثم غادره ليقوده رئيسه الحالى.

 

 

اللواء "رؤوف السيد" رئيس حزب "الحركة الوطنية" الذى أسسه الفريق "أحمد شفيق" وهو من الأحزاب التى خاضت المواجهة ضد جماعة "الإخوان" بقيادة الفريق "شفيق" ثم خاض معركة شرسة ضد الرئيس "عبد الفتاح السيسى" وقت وجوده فى دولة الإمارات حتى عاد منها فى مشهد شديد الإثارة دراميا.. واختفى لنعرف بإعلان تشكيل هذه القائمة أن رئيسه هو اللواء "رؤوف السيد".. وضمن مرشحيه "محمد يحيى عزمى" ابن شقيق الدكتور "زكريا عزمى" وظهر فى إعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعى متحدثا عن جده "محمود عزمى".. الذى كان أحد رجال القصر الملكى ومراقب عام حزب "الاتحاد" الذى أسسه القصر.. وخجل من أن يذكر اسم والده وعمه!!

 

 

"وليد دعبس" نائب رئيس حزب "مصر الحديثة" ورئيس الحزب هو "والده" الذى يعتبر واحدا من رجال الأعمال الذين يستثمرون فى التعليم والإعلام.. وأشياء أخرى أحيانا!!

 

 

حاولت أن أعرف معلومات عن الباقين.. فشلت.. فمثلا هناك "التنسيقية الوطنية للشباب" وهى "تشكيل" شبابى يضم أحزاب القائمة وغيرها, وأصبحت تمثل كيانا يتمتع بنصيب من المواقع التنفيذية والمقاعد البرلمانية ويتهافت على دخولها كل من يبحث عن فرصة صعود صاروخى!! وتضم عددا من رجال الأعمال الشباب وغيرهم.. ولا نعرف عنها غير أنها كانت نتيجة لمؤتمرات الشباب.. وما أعرفه يصعب أن أطرحه باعتباره اجتهادات وآراء لم أتحقق منها.. لكن أعرف تماما أنه من خلالها صعد بعض الشباب الذين كانوا يجاهرون بأنهم مقربون من "الأمن الوطنى" داخل الأحزاب.. وعندنا نموذج واضح لا يحتمل تشكيكا أو تكذيبا.. أصبح نائب محافظ!!

 

 

أتمنى أن يدلنى عاقل على ما يمكن أن يجمع هؤلاء فى قائمة واحدة.. والغريب أنهم لا يملكون غير دعوتنا للنزول والمشاركة كأنهم "نجوم سينما" دون أن يتحدثوا عن برامج أو سياسات أو رؤى لحاضر أو مستقبل.. فواضح أنهم جميعا يتجنبون الكلام فى السياسة.. ربما خشية انكشاف "قصدهم الجنائى"!! وهو وصف أطلقته الصحف المصرية على "ائتلاف" ضم حزبى "الاتحاد" الذى أسسه الملك "فؤاد" سنة 1925.. وحزب "الأحرار الدستوريين" وكان يشكل حكومة برئاسة "أحمد زيوار باشا" ونسفه كتاب "الإسلام وأصول الحكم" للشيخ "على عبد الرازق" ولعلى أوضحت حتى لا يتهمنى أحد بالاعتداء على حقوق الملكية الفكرية لصحف "الوفد" فى هذا الزمان!!.. وبمجرد أن دققت النظر فى أطراف القائمة اتخذت قرارى بمقاطعة الانتخابات فى ضوء هذه المعلومات, وموقفى لا أدعو إليه أحد.. لكننى أردت تقديم قليل من المعلومات قد تفيد من لا يعرف..

 

 

ثم أقول "ربنا يستر"!!