آخر الأخبار

الذين عبروا.. والذين "هبروا"!!

 



 

نصر القفاص

 

أعلنت أمريكا والذين معها "الحرب الاقتصادية" على "روسيا" كواحدة من جبهات "الحرب العالمية الثالثة" التى يعيش العالم تفاصيلها.. وهى الجبهة التى ظهرت فيها النتائج على من فرضوا العقوبات بأكثر من الذى أرادوا معاقبته.. راح الغرب يحتفل بنجاح حملته الرهيبة, ودليلهم على تحقيق الانتصار أن "الروبل الروسى" فقد 40% من قيمته.. ويؤكد ذلك "الذين يفكرون بالدولار واليورو" عبر الشاشات وبأقلامهم!!

 

فى الوقت نفسه كان "الجنيه المصرى" يخسر 20% من قيمته, بعد خسارة 80% قبل ست سنوات.. لكن الغرب يصفق لنا باعتبارنا نطبق "روشتته" للعلاج فيما يسمونه "الإصلاح الاقتصادى" كما يرى "صندوق النقد الدولى" وخبراء "الدولار واليورو"!!

 

مطلوب منا أن نصدقهم فى الحالتين, باعتبارنا لا نفهم فى السياسة والاقتصاد.. لكنهم عاجزون عن إقناع شعوبهم بما فعلوه ضد "روسيا" لأن رصاصاتهم ارتدت إلى صدورهم.. فما فعلوه ضد "روسيا" عاقبوا به أنفسهم وتدفع الشعوب ثمنه.. وما يفعلوه فى مصر لا يمكن أن يكون إصلاحا.. فهم يزعمون أن هدفهم فى حالتنا هو تحقيق "التنمية المستدامة" وهم يعلمون أنها "التنمية المستدانة" التى تفرض على من يأخذ طريقها خسارة بعد خسارة!!

 

 وظهر ذلك فورا بإعلان صفقة بيع لحصة فى بنك وأربع شركات, مقابل اثنين مليار دولار لدولة "الإمارات" وأذهلنا أن كل ما تم بيعه كان يحقق أرباحا ضخمة.. وبعدها أطلقوا "الأراجوزات" لكى يبشروا الشعب بأن البيع ليس خطأ ولا حرام.. ربما لأننا نسينا حكاية "عواد باع أرضه" التى تحفظها أجيال قديمة بعضهم رحل عن الدنيا, وبقى منهم أصحاب ضمائر تم حبسهم بين جدران الصمت!!

 

إخترت هذا الهامش قبل أن أذهب للموضوع.. لأن ما يشغلنى أخطر وأكثر أهمية.. فالذين تجلد ظهورهم نار الأسعار والضرائب, لا يتابعون "الحرب الأوكرانية" رغم أنها فاقمت أزمتنا الاقتصادية.. وهى التى كشفت الغطاء عما تفعله أمريكا والذين معها بالذين يسيرون فى ركبهم.. لذلك يجب أن نشرح ونفسر سر "هستيريا" الغرب ضد "روسيا" وسبب لطم الخدود وشق الجيوب على "أوكرانيا" التى يفترسها هذا "الغول الروسى" كما يقولون.. وهم يحدثونك باعتبارهم "ملائكة الرحمة" الذين سرقوا "فلسطين" وقدموها كهدية لكيان أقاموه فى العالم العربى.. ونحن نعلم أن "الملائكة" المزعومين دمروا العراق وسوريا وليبيا والسودان والصومال ولبنان,, بعد أن أخرجوا مصر من الصف العربى, ثم شاءوا عودتها كصديق لإسرائيل!!

 

لاحظنا أن الرئيس الأمريكى "بايدن" خاصم العقل والمنطق والأعراف السياسية والدبلوماسية, حين وصف "بوتين" الرئيس الروسى بأنه "مجرم حرب" ليحاول بعدها أعوانه تخفيف وطأة ذلك بكلام شبه الكلام.. ثم عاد بعدها بأيام ليقول عنه "جزار" وبعد ساعات ينزلق إلى القول "لا يجب أن يبقى فى السلطة".. ليسارع "البيت الأبيض" بتفسير زعموا فيه أنه يقصد تسلطه على جيرانه.. والمتابع لأصل الحكاية يعرف أن "بايدن" مع "جون ماكين" كانا مهندسى ما حدث فى "أوكرانيا" قبل ثمان سنوات, وذلك ثابت بالصوت والصورة الممنوعين على الشعب الأمريكى وشعوب الدنيا.. فالمعلوم أن أمريكا والذين معها يحرسون ما يسمونه "القيم الديمقراطية" ويقومون على رعاية "الحرية"!! وصدعونا بأنها "القيم الغربية" التى تبعثرت فى الحرب الأخيرة.. سقطت عنهم "ورقة التوت" بعد أن صادروا الإعلام الروسى وحاربوا الأدب الروسى, وقاموا بالسطو على أموال "روسيا" ورجال الأعمال الذين يحملون جنسيتها.. وأطلقوا على جرائمهم "عقوبات" وأصابهم فزع بكشف "روسيا" كارثة قيامهم بصناعة "فيروسات" ضمن برنامج "حرب بيولوجية" محظورة وكارثية.. ليجد الرئيس "بايدن" أن مشروعه بإنشاء كيان على غرار الكيان الإسرائيلى بين "روسيا" وأوروبا يحترق.. بل وجد أن اسم ابنه – هانتر بايدن – عاد ليفرض نفسه كمتعهد فى عملية "الحرب البيولوجية" بعد أن كان قد تجاوز الأزمة حين فجر الجزء الخاص بالفساد فيها الرئيس الأمريكى السابق "ترامب"!! ولأن الكارثة مازالت فى بدايتها أخذت الرجفة رؤساء وعواصم غربية.. بل فرضت الصدمة نفسها على "نواب" يمثلون شعوبهم ديمقراطيا.. ظهر ذلك حين كان "ليندسى جراهام" النائب الأمريكى يتحدث فى "منتدى الدوحة" وقال: "يجب فرض حظر جوى فوق أوكرانيا".. لم يحتمل "جوزيف بوريل" الذى كان يجلس إلى جواره, باعتباره المسئول عن سياسات الاتحاد الأوروبى الخارجية.. قاطعة ليقول له أن هذا كلام خطير يصعب الصمت عليه لأنه ستكون له تداعياته فى لحظة لا تحتمل كلاما غير مسئول!!

 

يوما بعد يوم نكتشف أن الذين لحنوا أغنية "نحن متحدون".. ولا يكفون عن تكرارها.. أصاب جدارهم شرخ.. بل شروخ.. فهذه "المانيا" التى وجدت نفسها فى مأزق.. وتلك "فرنسا" الباحثة عن أى سبيل لإخماد النار.. وذاك تمرد من "المجر" ثم نذر أزمة جعلت "إيطاليا" تأخذ خطوات للخلف.. خاصة وأن الغضب الشعبى ضد الذين وضعتهم "الديمقراطية" على مقاعد المسئولية, قد أخذ يتصاعد وربما يصل إلى حد اشتعال حرائق فى أوروبا!!

 

هم يحاولون إقناع العالم بأن "روسيا"هى السبب.. لمجرد أن "بوتين" لم يحتمل مزيدا من الهدوء والصبر والصمت, وقرر الدفاع عن أمن بلاده القومى.. إختار "بوتين" دفع أى ثمن للحفاظ على تاريخ وجغرافيا وهيبة بلاده.. هنا ارتبك الجميع, وذهبوا إلى "مولد العقوبات" كسلاح تخضع له الدول الضعيفة.. وتملك الدول صاحبة الإرادة أن تواجهه وتتحداه.. الذى اختلف هذه المرة أن "روسيا" واحدة من الدول الكبرى, التى كانت عظمى وبلعت مؤامرة تفكيك "الاتحاد السوفيتى" وكانت داخلية وخارجية!! ثم راحت تعيد البناء "بالتنمية المستدامة" دون ذهاب للاستدانة أو بيع أصولها وما تملكه من ثروات وقلاع صناعية!!

 

وجدت أمريكا والذين معها أن "روسيا" تملك قدرات التحدى.. بل تظهر فى الخلفية صورة "ديناصور اقتصادى" و"تنين عسكرى" إسمه "الصين" ويضاف إليهم "غول كبير" إسمه "الهند" ولسخرية القدر أن هذه القوى الثلاثة كانت تضع "مصر" تاجا فوق الرأس ويفخرون بها وبقدرتها على مواجهة أمريكا والذين معها.. ولما أخذنا الطريق العكسى وذهبنا إلى الغرب, وصلنا إلى ما نحن عليه.. أصبحت "روسيا" المفروض عليها كل عقوبات الدنيا تخسر من قيمة عملتها 40%.. ونحن دون أى عقوبات نخسر أكثر من مائة بالمائة من قيمة عملتنا, ويزعمون أن هذا "إصلاح اقتصادى" منذ نحو ثلاثين عاما ندور داخل حلقته المفرغة.. تحديدا يوم أن بدأ مع "عاطف صدقى" كرئيس للوزراء.. وأصبح واضحا أن "السلام" جنى ثماره "الذين هبروا" ودفع الثمن "الذين عبروا" كما قال المقاتل المبدع "جلال عامر"!!

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات