عز الدين البغدادي
قبل أيام دار نقاش بين بعض المشايخ يتعلق بإقامة احتفال بالمبعث
النبوي والإسراء والمعراج وقد وضعت محاور للاحتفال تدور حول دعم القضية الفلسطينية
ورفض التطبيع والتنديد بمشاريع تقسيم العراق، سألني بعض الإخوة الفضلاء عن رأيي فقلت
به: برأيي ان تقتصر المناسبة على الاحتفال بالمناسبة بالطريقة التقليدية، فلسنا
مجبرين على دس السياسة في كل شيء، فقدنا الإحساس الروحاني بهذه المناسبات لكن مع
ذلك يكون هناك حديث عن القضية الفلسطينية لأهميتها وباعتبارها ترتبط بموضوع الإسراء
والمعراج.
في أيام العهد البائد كنت اقضي جزءا كبيرا من شهر رمضان المبارك في
النجف رغم انه وقت تعطيل كنت استفيد في الكتابة من جهة وأحيانا كنت أجد حالة عجيبة
من الروحانية هناك لقد كنت امشي فاشعر كما لو أني أطأ أجنحة الملائكة، ثقوا كان
هذا شعوري.
كان لدينا شعور ديني وجداني عميق، نشعر باعتزاز شديد ونحن نسمع
محاضرة الوائلي ونحتفل بكل وجداننا في المناسبات الدينية.
وجاء زمن الإسلام السياسي، وصرت اذهب الى النجف فلا أجد في نفسي
ذلك الشعور الروحاني، ذهب تماما. صديق لي من طلبة الحوزة قال لي يوما: بأن زمن
صدام كان العصر الذهبي للحوزة‼
صحيح كان زمن رعب لكننا كنا منشغلين تماما بدراستنا نحمل كثيرا من الإيمان
والتحدي.. بينما وصف صديق آخر وهو دكتور في الأدب العربي ومعارض قديم للنظام ذلك
الزمن بأنه كان ملح الحياة لأنه كان يشعرنا بطعم رائع للحياة رغم الخوف والعرب.
واقعا ان ذهاب صدام ودخول هذه المرحلة كان ضروريا جدا ليشعرنا بأوهامنا،
ويدفعنا لمراجعة أفكارنا. فالرجل المرعب كان يشعرنا بالأمان مع أفكارنا التي كانت
اشد خطرا منه، باختصار كان يغطي أوهامنا وربما عوراتنا أيضا... ذهب زمن صدام،
وصرنا أمام واقع شعاراتنا، لكنها لم تنهض بنا فقد كانت مجرد أوهام، صرنا نبحث عن
عقلانية أكثر لكن نحدد منهجنا لكن الغالب دخلوا في تخبط لا نهاية لها وهذا التخبط
افرز لنا اسماء مرتبكة ومربكة مثل العسر والقبنجي والمؤيد وغيرهم وغيرهم..... في
المنبر مات الوائلي لنجد أنفسنا أمام كم هائل من الخطباء البائسين الذين يفتقرون
للعلم والمنطق وأحيانا حتى الأخلاق.. فضلا عن اتجاه آخر هام اختار الحل الثوري
فكان الأكثر بؤسا وفشلا أخلاقيا وسياسيا، بعد ان تحول الى عصابات تسيطر على
الموارد وينطبق عليهم قوله تعالى: ( وتحبون المال حبا جما).
بينما اتجه آخرون الى التصوف وهو حل غير مهيأ، أو هو حل يحتاج الى
حل، فصرنا كأننا نريد ان نحل المشكلة بمشكلة أخرى. هذا فضلا عن الجدل الشيعي-
الوهابي الذي كشف عن خلل خطير أخلاقي ومعرفي في العقل المسلم.
ليس عندي أدنى شك بان محمد باقر الصدر لو كان حيا لغير الجزء الأكبر
من أفكاره لا سيما السياسية ولحذرنا من وهم الثورية الطفولية، ولأكد لنا على أهمية
ان نفكر بطريقة منهجية وعلمية.
كان قراري اليوم ان لا اكتب في الفيس بوك للاستراحة، لكن كما قال
لي صديق شاعر "القصيدة هي التي تبحث عنا ولسنن نحن من نبحث عنها" وفعلا
فقد قرأت مقالة صديقي جعفر فلحي العلوي فقررت ان اكتب عن الموضوع، انه الموضوع
الذي أتعبنا كثيرا وآذانا كثيرا… والله المستعان
0 تعليقات