ماذا تعرف عن البهرة 2

محمود جابر

بعد انتهاء الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الايوبى فر المستعلية إلى اليمن ومنها إلى الهند ووسط آسيا وشرق أفريقيا، ولكن هذه المرحلة عاشت المستعلية مرحلة جديدة من غياب الإمام، وإسناد مهامه لداعى الدعاة .

مرحلة غياب الإمام عند الإسماعيلية تسمى مرحلة التستر، وهو مفهوم مختلف تماما عن مفهوم الغيبة لدى الإثنى عشرية ( الجعفرية)، فالغيبة عندهم هو غياب الإمام الثانى عشر محمد بن الحسن العسكرى سواء فى غيبة صغرى أعقبها غيبة كبرى وما تزال مستمرة حتى الآن.

أما مرحلة التستر التى حدثت لدى الإسماعيلية فهو دخول الإمام فى مرحلة الستر أو الاختفاء ولن تتم معرفتهم إلا بعد انتهاء هذا الدور وظهور أول إمام معلن من السلالة.

ماذا تعرف عن البهرة

الستر الإسماعيلى بعد الإمام لم يكن جديد لديهم، بل إن الإسماعيلية عاشته – كما مر سابقا- بعد وفاة الإمام الصادق ودخول الإمام محمد المكتوم في ستره ولم يكن معروفا مطلقا من هم الأئمة من نسله حتى ظهر للعلن عبد الله المهدي فعرفنا أسماء الأئمة المستورين من قبله.

بعد وفاة الآمر بأحكام الله دخل ولده الإمام الطيب في الستر من جديد وأرسل الآمر قبل وفاته رسالة مشهورة للملكة أروى الصليحية في اليمن لتكون بذلك هي أول نائب عن الإمام في الستر وتتولى مسئولية الحفاظ على الدعوة.

فى هذه المرحلة يظهر مصطلح (( الداعى المطلق)) وهو الذى يحل محل الامام فى غيبته وهو ايضا منصب (( داعى الدعاة)) فى وجود الامام، ويكون دوره هو إعداد الأمة و الدعاة حتى تصل الدعوة للوضع الذي يسمح بانتهاء الستر كما حدث مع عبد الله المهدي. ولا يجوز لأي داعي مطلق أن يموت دون إعلان اسم من يخلفه من بعده تماما كالإمامة.

ومن هنا بدأ انتشار الدعوة الإسماعيلية المستعلية من جديد واستمرت مركزيتها في اليمن حتى عام 1539 م حين تولى منصب الداعي المطلق من أصل هندي وهو يوسف نجم الدين وانتقلت مركزية الدعوة إلى ولاية كوجرات الهندية وشهدت نشاطا فعالا وانتشارا واضحا بين مسلمي الهند ولأن أغلب المستعلية في الهند كانوا يشتغلون في التجارة عبر البحار بل وسيطروا على عدد كبير من الأنشطة التجارية خصوصا تجارة التوابل الخطيرة في ذلك الزمان أطلق عليهم لقب «بهرات» أو «البهرة» والذي يعني التجار باللغة الكوجراتية القديمة.

ارتباط الاسماعيلية بشكل عام ( النزارية ( الاغاخانية) و المستعلية (البهرة)- بمصر خاصة والشرق عامة هو جزء من عقيدتهم والحنين إلى مرحلة دولتهم الفاطمية وقبور أئمتهم فى مصر، مع الحفاظ على استقلالهم الاقتصادي والسياسى وعدم تبعيتهم لاحد .

بيد أن المستعلية ( البهرة) كانوا الجناح الاكثر حفاظا على السمت الاسلامى والملبس الكلاسيكى وإظهار الشعائر والقرب من العتبات المقدسة.

فى سنة 15921هـ وبعد وفاة الداعى المطلق داود بن عجبشاه الهندى حدث الخلاف الاول بين المستعلية وتولى من بعده الدعوة داود برهان الدين بن قطب شاه ولكن اعترض دعاة اليمن وقالوا إن الوصية كانت لسليمان بن الحسن داعي اليمن واعتبروه هو الداعي المطلق، ومنذ هذه اللحظة انقسم ((البهرة)) إلى ((داودية)) و ((سليمانية)).

البهرة الموجودين فى مصر والكويت والذين نراهم فى مصر من البهرة الداودية واتخذ الداعي المطلق لدى البهرة الداودية لقب سلطان في القرن الأخير والسلطان الحالي البهرة الداودية هو مفضل سيف الدين والذي زار مصر عدة مرات في السنوات الأخيرة وافتتح مقام الإمام الحسين مع الرئيس السيسي.

أما السليمانية فاتخذ الداعي المطلق عندهم لقب «المنصوب» ومركزهم الرئيسي في مدينة نجران شمال اليمن ويعرفون في الأوساط المحلية باسم المكارم ولهم مركز رئيسي لدعوتهم أيضا في مدينة أحمد آباد الهندية.

حدث انشقاق ثالث صغير داخل البهرة الداودية سنة 1980 في الهند حيث اعتبر البعض أن الداعي المطلق الجديد هو ضياء الدين صاحب وأطلقوا على أنفسهم البهرة العلوية وهم عدد قليل جدا موجود في الهند فقط.

يبلغ تعداد البهرة الداودية حوالى المليون، وهم منتشرون فى حوالى 41 دولة حول العالم، ومن أهم ما يتسمون به هو النشاط والحركة فمن أهم المبادئ التي رسخها الدعاة في عقلية البهرة هي الانسجام مع المجتمع الذي يعيشون فيه مع الحفاظ على خصوصيتهم الثقافية فمن أهم الأحاديث التي يرفعونها شعارا لهم «حب الوطن من الإيمان» لذلك تراهم دائما ما يظهرون في أداور اجتماعية مختلفة في البلدان التي يعيشون فيها سواء كانت دولا إسلامية أو غير إسلامية.

يولون اهتماما كبيرا بالتعليم ويعتبرون التعليم الجيد من أهم الفروض على المؤمن فيرسلون أبناء الطائفة للدراسة في أكبر جامعات العالم ومنهم جيل متفوق بشكل كبير في مجال تكنولوجيا المعلومات IT وعلوم الاقتصاد، إضافة لمهارتهم فى التجارة حول العالم وهى من أهم سمات البهرة وتقديم النموذج الخاص بهم في الاقتصاد هو يشبه الفريضة بل ان كل مؤمن لديهم يجب أن يقوم بعمل تجاري أو صناعي ويقدم نموذجا اقتصاديا يحتذى به.