علي الأصولي
إعمار المشاهد المشرفة للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)
ولأئمة أهل البيت (عليهم السلام) وتعاهد قبورهم من شعائر الدين، وقد جرت سيرة
المسلمين ومسيرتهم على ذلك، ناهيك عن تضافر الأدلة وتنوعها وهذه الأعمال والزيارة،
ربما تجد نص هنا او حديث هناك موحيا التحريم وبالتالي النهي، وفي
مثل هذه الحالة فلا مناص للفقيه المجتهد وإعمال النظر في صورة التعارض - الموهوم
حقيقة - لحمل النهي على الكراهة في بعض الموارد وتوجيه النهي التحريمي لغير وجهته
المدعاة، وكيف كان" لا تعارض مستقر في البين ومن هنا ضرورة الجمع العرفي
الدلالي في المقام لمن خبر الاستنباط، وأما من لم يخبر طرق الفقهاء فيبقى بخانة
السلفية التكفيرية متهما الآخرين بالشرك ولواحقه لعامة المسلمين.
تعالوا معي للوقوف على أهم أحاديث المناهي والتي تورط فيها من لا
خبرة له بالفقه وطرائق الاستدلال،
الحديث الأول: عن أبي الله (عليه السلام) قال قال أمير المؤمنين
(عليه السلام). بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى المدينة فقال" لا
تدع صورة إلا محوتها ولا قبرا إلا سويته ولا كلبا إلا قتلته - الكافي - ج6 - ص 528
–
الحديث الثاني: سأل سماعة بن مهران عن زيارة القبور وبناء المساجد
فيها فقال أما زيارة القبور فلا بأس بها ولا يبنى عندها مساجد .
الحديث الثالث: قال (صلى الله عليه وآله) لا تتخذوا قبري قبلة ولا
مسجدا فإن الله عز وجل لعن اليهود حين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد - من لا يحضره
الفقيه - ج1 ص178 –
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال" نهى رسول الله ص أن
يصلى على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه - الوسائل - 769 / 2 - وغيرها من النصوص
ذات المؤدى. التي توهم بها بعض من شذ طريق الفقه والفقاهة في العالمين الشيعي
والسني معا.
نعم" أما الحديث الأول فلا دلالة على الدعوى من تحريم تعمير
قبور أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لأن الأمر النبوي بهدم القبور خاص بهدم قبور
أهل الجاهلية التي كانت تتخذ محلا لعبادة أهلها على دينهم بدلالة الأمر بكسر صورهم
- وهي صور آلهتم - المعبودة - وهذه قرينة واضحة لمعرفة أصل الأمر وعلته - محو آثار
الشرك –
بالتالي لا يمكن فهم هدم عموم القبور بما فيها قبور أهل الإسلام
كيف لا وقد رفع النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) قبر ابنه إبراهيم (عليه السلام)
كما جاء في حديث الباقر (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سل
إبراهيم ابنه سلا ورفع قبره - الوسائل ج3 ص192 –
وكما ترى هذا الحديث معارض لو أريد العموم. ناهيك عن تعاهد السيدة
الزهراء(عليها السلام) وتعمير قبر حمزة بن عبد المطلب. بل هذا عبد الله بن عمر كان
بين الفينة والأخرى يعمر قبر أبيه وغيرهم ولذا قلنا أعلاه - السيرة والمسيرة –
الحديث الثاني: فهو حديث سماعة بن مهران فهو محمول على النهي عن
اتخاذ القبر موضع للسجود كما هو ديدن اليهود والنصارى فإنهم يسجدون على قبور
أنبيائهم وصلحائهم تعظيما لهم.
وهذا الحمل له مستنده فقد روى الشيخ عن محمد بن عبد الله الحميري
قال كتبت الى الفقيه عليه السلام - المهدي - اسأله عن الرجل يزور قبور الأئمة
(عليهم السلام) هل يجوز له ان يسجد على القبر ام لا؟ وهل يجوز لمن صلى عند قبورهم
ان يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة ويقوم عند رأسه ورجليه؟
وهل يجوز ان يتقدم القبر ويصلي ويجعله خلفه أم لا؟
فأجاب (عليه السلام) وقرأت التوقيع ومنه نسخت" أما السجود على
القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة بل يضع خده الأيمن على القبر وأما
الصلاة فإنها خلفه يجعله الإمام ولا يجوز ان يصلي بين يديه لأن الإمام لا يتقدم
ويصلي عن يمينه وشماله - التهذيب ج2 ص228 –
والنص واضح لا يتقدم على المعصوم حيا ولا ميتا ولا يسجد لقبره بل
يضع خده الأيمن فقط ويصلي جواره - خلف القبر - او يمينه او شماله –
وأما الحديث الثالث: فقد عرفت معناه بعد بيان التوجيهات في الحديث
الثاني أعلاه ولا مزيد ..
0 تعليقات