فى يوم 12 ديسمبر من عام، 1098 أثناء الحملة الصليبية الأولى، وقعت
واحدة من أشهر المجاز الإنسانية فى تاريخ العلاقة بين الشرق والغرب هى مذبحة
"معرة النعمان"، حيث حدثت المذبحة بعدما نجح الصليبيون فى حصار مدينة
معرة النعمان فى سوريا، التى وصل إليها الصليبيون فحاصروها لأسابيع، ثم تفاوض أحد
قادتهم مع أهلها وتعهد لهم بالأمان مقابل الاستسلام، إلا أن هؤلاء ما إن دخلوا
المدينة حتى ارتكبوا المجزرة المرعبة، حيث قتل نحو 20 ألف إنسان من سكان المدينة.
وقام الصليبيون، وخلال عصور الحملات الصليبية، بارتكاب العديد من
الجرائم الدموية الكبرى، وذكرت كتب التاريخ أن الجرائم وصلت حد أكل لحوم البشر،
فيقول كتاب (الحروب الصليبية كما رآها العرب) لـ أمين معلوف "فى الأشهر
الأولى من عام 1098 كان أهل المعرة قد تابعوا بقلق معركة أنطاكية التى تدور رحاها على
مسيرة ثلاثة أيام فى الشمال الشرقى من مدينتهم.
لكن بخلاف معرة النعمان ارتكب جنود الحملات الصليبية العديد من
المجازر والمذابح الأخرى، بحق الأبرياء من العرب سواء كان من مسلمين أو مسيحيين
يعيشون فى تلك البلدان ومنها:
مذبحة القدس
روى ابن الأثير فى تاريخه 8/189-190 عن دخول الصليبين للقدس فى
الحروب الصليبـية فقال:(مَلَك الفرنج القدس نهار يوم الجمعة، لسبع بقين من شعبان،
وركب الناس السيف، ولبث الفرنج فى البلدة أسبوعا يقتلون فيه المسلمين، واحتمى
جماعة من المسلمين بمحراب داود، فاعتصموا به، وقاتلوا فيه ثلاثة أيام، وقتل الفرنج
بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفا، منهم جماعة كبيرة من أئمة المسلمين
وعلمائهم وعبادهم وزهادهم ممن فارق الأوطان وجاور بذلك الموضع الشريف).
كما وصف ستيفن رنسيمان فى كتابه "تاريخ الحروب الصليبية"
ما حدث فى القدس يوم دخلهـا الصليبيون فقال (وفى الصباح الباكر من اليوم التالى
اقتحم باب المسجد ثلة من الصليبيين، فأجهزت على جميع اللاجئين إليه، وحينما توجه
قائد القوة ريموند أجيل فى الضحى لزيارة ساحة المعبد أخذ يتلمس طريقه بين الجثث
والدماء التى بلغت ركبتيه، وتركت مذبحة بيت المقدس أثرا عميقا فى جميع العالم،
وليس معروفا بالضبط عدد ضحاياها، غير أنها أدت إلى خلو المدينة من سكانها المسلمين
واليهود؛ بل إن كثيراً من المسيحيين اشتد جزعهم لما حدث.
وقد وصف كثير من المؤرخين أحداث المذبحة التى حدثت فى القدس يوم
دخول الصليبيين إليها، وكيف أنهم كانوا يزهون بأنفسهم؛ لأن ركب خيولهم كانت تخوض
فى دماء المسلمين التى سالت فى الشوارع، وقد كان من وسائل الترفيه لدى الصليبيين
أن يشووا أطفال المسلمين كما تشوى النعاج.
مذبحة مسجد عمر
لقد أفرط قومنا فى سفك الدماء فى هيكل سليمان، وكانت جثث القتلى
تعوم فى الساحة هنا وهناك، وكانت الأيدى المبتورة تسبح كأنها تريد أن تتصل بجثث
غريبة عنها، ولم يكتف الفرسان الصليبيون الأتقياء(!) بذلك فعقدوا مؤتمرا أجمعوا
فيه على إبادة جميع سكان القدس من المسلمين واليهود وخوارج النصارى - الذين كان
عددهـم ستين ألفا - فأفنوهم عن بكرة أبيهم فى ثمانية أيام، ولم يستبقـوا منهم
امرأة ولا ولدا ولا شيخا).
وفى ص396 يقول: (وعمل الصليبيون مثل ذلك فى مدن المسلمين التى
اجتاحوها: ففى المعرة قتلوا جميع من كان فيها من المسلمين اللاجئين فى الجوامع
والمختبئين فى السراديب، فأهلكوا صبراً ما يزيد على مائة ألف إنسان - فى أكثر
الروايات - وكانت المعرة من أعظم مدن الشام بعدد السكان بعد أن فر إليها الناس بعد
سقوط أنطاكية وغيرها بيد الصليبيين).
0 تعليقات