محمود جابر
المعركة مع إثيوبيا لم تتوقف عند مياه النيل وفقط، ولكن إثيوبيا
عازمة على انتزاع الدور المصرى والصراع مع مصر فى العديد من الملفات، واهم ملفات
الصراع والمنازلة بين إثيوبيا ومصر هو الملف الدينى وخاصة على مستوى الكنيسة
المصرية، فبينما كان المسيحيون فى كل أنحاء العالم والمصريون فى مصر وفلسطين يحتفلون
بعيد القيامة المجيد؛ إذا باقتحام إثيوبي لدير السلطان فى القدس المحتلة تزامنا مع
هجوم الاسرائيليين على الفلسطنيين ومنعهم من ممارسة شعائرهم فى الكنائس والمساجد،
قامت مجموعة من الرهبان الاثيوبيين باقتحام دير السلطان التابع للكنيسة المصرية
ورفع علم إثيوبيا على الدير فى عملية احتلال شبيه بما يقوم بها الإسرائيليون.
هذا الاقتحام والعدوان على الدير لم يكن الأول، ولكن هذه المرة
جرى باتفاق مع ولكن هذه المرة جرى باتفاق مع الحكومة الإسرائيلية، حينما دخل جموع
من رهبان إثيوبيين إلى ساحة الدير وقاموا بنصب خيمة ورفع العلم الإثيوبى .
من
جانبه، رد الأنبا أنطونيوس مطران الكرسي الأورشليمي بالرد على الاعتداءات
الإثيوبية، مؤكدا أنهم يحاولون عرقلة الصلاة كل سنة.
وأضاف
في تصريحات إعلامية عقب الاعتداء على دير السلطان في القدس "هذا المكان مكان
صلاة ملوش دعوة بالأعلام.. لكن هنحول المكان لمكان وطنى أنا هدهن الأسوار كلها
أعلام".
وتابع
"نريد أن نصلي في سلام.. معنا كل الوثائق التي تثبت ملكيه دير السلطان
لنا"، وأشار الأنبا أنطونيوس إلى أن الإثيوبيين استغلوا أسبوع الآلام، لوضع
علم بلادهم على دير السلطان.
وناشد
القمص أنطونيوس، سكرتير مطرانية الاقباط الأرثوذكس بالقدس، الجهات المصرية
المسؤولية لدعم أقباط القدس بعد الاعتداء على دير السلطان بالأراضي المقدسة من
جانب الأحباش الإثيوبيين.
وأوضح
سكرتير مطرانية الاقباط الأرثوذكس بالقدس، عبر بث مباشر لـ أحدى الفضائيات
القبطية، أن " دير السلطان هو في الأساس دير قبطي مصري، ولدينا جميع الوثائق
التي تثبت ملكية الدير، وستظل هويته قبطية، ويحاول الأحباش من إثيوبيا فعل هذا
الأمر بالوقت الراهن لمحاولة تغيير هوية ديرنا القبطي".
وطالما أكدت الكنيسة المصرية ملكيتها التاريخية لدير السلطان
بالقدس، من جراء محاولات الرهبان الأحباش السيطرة عليه بعد أن استضافتهم الكنيسة،
ولجؤوا إلى المحكمة العليا في إسرائيل، والتي حكمت لصالح الكنيسة القبطية
الأرثوذكسية، غير أن الحكم لم ينفذ حتى الآن.
ودير السلطان يعد أحد أهم الأماكن العربية المقدسة
الواقعة في مدينة القدس الشرقية، وتحديدًا في حارة النصارى بجوار كنيسة الملكة
هيلانة للأقباط الأرثوذكس، والممر الواصل إلى سور كنيسة القيامة.
ويرجع تاريخ دير السلطان في القدس، حسب بيانات الكنيسة المصرية،
إلى عهد السلطان عبد الملك بن مروان "684- 705م"، والذي وهبه للأقباط،
فسمي دير السلطان، وتم التأكيد على ملكية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للدير، في
عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي في القرن الثاني عشر.
وفي النصف الأخير من القرن السابع عشر، لجأ الأحباش للكنيسة
القبطية ليجدوا لهم مأوى مؤقتًا للإقامة لديهم إلى أن تحل مشكلتهم ويعودوا إلى
أماكنهم التي انتقلت في عام 1654، إلى كنيستي الروم والأرمن بسبب عدم قدرة الكنيسة
الإثيوبية على دفع الضرائب، فاستضافت الكنيسة القبطية الرهبان الأحباش كضيوف في
بعض غرف دير السلطان بصفة مؤقتة.
وفى عام 1820، قامت الكنيسة القبطية بأعمال ترميم بدير السلطان مما
استدعى إخلاء الدير من كل قاطنيه؛ الأقباط والأحباش، يوم 17 أكتوبر 1820، وسمح لهم
بالعودة كضيوف بالدير في عام 1840م باعتبارهم من أبناء الكنيسة القبطية، فيما قام
بعض أصحاب المصالح من الحكومات الخارجية ببث بذور انشقاق بين الأقباط والأحباش
وحفزوا الرهبان الأحباش على القيام بمحاولات متكررة للاستيلاء على الدير.
وطلب الرهبان الأحباش، عام 1906، القيام بترميم الدير كخطوة أولية
في محاولة الاستيلاء عليه ولذلك أسرعت الكنيسة القبطية بتقديم طلب للقيام بالترميم
والذي وافقت عليه السلطات الرسمية آنذاك، لتؤكد بذلك أحقية الأقباط كأصحاب الشأن
والتصرف في دير السلطان.
وفى 25 أبريل من عام 1970، وأثناء إقامة قداس عيد القيامة بكنيسة
القيامة أرسلت الحكومة الإسرائيلية قوات عسكرية لتمكين الرهبان الأحباش من دير
السلطان، وسلموا المفاتيح الجديدة للإثيوبيين وعندما علم الرهبان الأقباط بهذا
هرعوا إلى دير السلطان لاستعادة ممتلكاتهم ولكن القوات الإسرائيلية منعت بالقوة
دخول مطران الأقباط وكل من معه إلى دير السلطان.
وإزاء ذلك، تقدم مطران الأقباط بدعوى أمام المحكمة العليا الإسرائيلية
والتي أقرت بالإجماع بإعادة مفاتيح الكنيستين وأبواب الممر لأيدي الأقباط في 16
مارس 1971، إلا أن الحكومة الإسرائيلية ما زالت تمتنع عن تنفيذ حكم المحكمة العليا
حتى الآن، على الرغم من الدعاوى العديدة التي قدمت إليها.
0 تعليقات