عز الدين البغدادي
الحسينية هو مكان أو مبنى تقام فيه الصلاة والطقوس في محرم وغيرها،
وقد اشتهرت عند الشيعة حتى ظن كثير من الناس أنها بديل للمسجد. لقد شرع الله تعالى
للمسلمين "المسجد" ليكون دارا للعبادة، فيه تقام الصلوات ويجتمع الناس،
وفيه تعقد مجالس العلم. فيما بعد اخترعت أماكن جديدة للعبادة مثل
"التكية" و"الخانقاه" وغيرها، ثم انتقل هذا الأمر إلى الشيعة
فظهرت ما يعرف بـ "الحسينية" في وقت متأخر، ثم شاع فهم عند كثير من
الناس بأن الحسينية هي بديل المسجد عند الشيعة، وهذا فهم غير صحيح.
لقد أسست المساجد في الشرع الشريف بجعل وتشريع من الله حيث قال: (
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ) ، ووضعت لها
أحكام، ويمكن أن تنظر في أيّ كتاب من كتب الفقه عند الإمامية لتجد أن هناك أحكاما
فقهية للمساجد، ولم يكن هناك أي إشارة إلى غير المساجد حتى ظهرت الحسينيات في وقت
متأخر.
وأما إنشاء الحسينيّات التي نافست المساجد؛ فقد ظهرت متأخرة؛ ففي
عام 1876م بنيت أول حسينية في الكاظمية هي حسينية الحيدريّة، كما بنيت أول حسينية
في النجف وهي الحسينية الشوشترية عام 1884م، وفي كربلاء تم بناء أول حسينية عام
1906 ثم تعدّدت الحسينيات بعد ذلك.
واقعا فإنّه لم يكن في عهد الأئمة مساجد للسنة وأخرى للشيعة، بل
كانت المساجد موحدة وكان هناك إصرار على ذلك، ففي الخبر عن الحسين بن سعيد عن أبي
علي قال:….. جعلت فداك إن لنا إماما مخالفاً، وهو يبغض أصحابنا كلهم، فقال: ما
عليك من قوله، والله لئن كنت صادقا لأنت أحق بالمسجد منه فكن أول داخل وآخر خارج وأحسن
خلقك مع الناس وقل خيرا فقال رجل: جعلت فداك قول الله تعالى: ( وَقُولُوا
لِلنَّاسِ حُسْنًا ) هو للناس جميعا.
فترى هنا أنّ الإمام الصادق يصرّ على أن يبقى هذا الرجل من شيعته
في مسجدٍ إمامه ينصب العداء لهم، ولا يرى هذا سببا لترك المسجد لأن من وظيفة
المسجد هو أن يكون جامعا للناس لا مفرقا لهم.
وللأسف، فإن ما يحصل في هذا الزمن أنك تجد المساجد تقسمت بحسب
المرجعيات والزعامات، وصارت تدعو إلى أشخاص بعينهم، وقد قال عز وجل عن المساجد: (
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) ، فانظر كيف
انقلب الأمر وتغيّر الحال للأسف.
0 تعليقات