محمود جابر
الهراء، هو الكلام السخيف؛ كلام بلا معنى أو مضمون، أو كلام بلا
منطق، وهو فى لغتنا المعاصرة هو الهرى، هذا العنوان أجده مناسبا للحالة الدرامية والإعلانية
فى كل قنوات التلفيزيون المصرى، والعربي على الإطلاق ودون استثناء .
هراء يخلو من تقديم اى محتوى، وكل من يبحث عن محتوى باللغة العربية
فعليه ان يذهب إلى روسيا اليوم أو القناة الفرنسية أو الألمانية، المهم فى الأمر
أن غالب قنوات المحتوى هى قنوات غير عربية .
فالقنوات العربية متخصصة فى الهراء، من أول برنامج رامز جلال فى ( إلام
بى سى) إلى النهار والحياة والتلفزيون المصرى الرسمى الذى لم يعد قادرا على إنتاج
برنامج يوحد ربنا .. وكل ما يفعله بجد ومهنية هو أن يعيد بث البرامج القديمة من
خلال ماسبيرو زمان !!
الهراء أيها السيدات والسادة أن تشاهد مسلسلا مدة الحلقة الواحدة
فيه ٣٥ دقيقة يتخللها فواصل إعلانية ٧٠ دقيقة فتنقلب المتعة إلى حالة ملل وشرود
ذهنى ولا يستطيع المتابعة مهما بلغ قدرتك على التركيز والمتابعة، وتنقلب حالة
المتابعة والاستمتاع إلى حالة ملل وقرف ولا تدرك ما الذى تشاهده ولماذا؟!!
الهراء يا سادة ...
أن تشاهد حلقة مسلسل
تكلفته تتجاوز ٨٠ مليون $ يتخللها اثني عشر إعلان تكلفته الإعلان الواحد لا تقل عن
٤٠ مليون منهم ثمانية إعلانات تطالب المشاهد بالتبرع بجنية للإعمال الخيرية، فى
حين الممثل الذى يصور الإعلان يتقاضى بضع عشرات الملايين !!
ومن جملة الهراء والهرى واللامنطق؛ ان تشاهد إعلان لا يعلن عن سلعة
ولا يقدم اى شىء سوى عضلة قدم وساعد ممثل الاعلان (الهضبة) الذى يتقاضى أجرا
يتجاوز ٥٠مليون من أموال هيئة البريد المصرى الراعى الرسمى لـ (عمرو دياب) أما
الهيئة المعلنة لا تقدم شىء فى الإعلان ولا تظهر إلا بشكل خجول بين فقرات الإعلان مما
يعزز استنتاجاتنا ان الإعلان مجرد مجاملة للهضة يتقاضى فيها كم مليون جنية من جيوب
المودعين فى هيئة البريد المصرى، وهو إعلان اقل ما يقال عنه ان إهدار للمال العام
يستحق عليه المسئول عن الهيئة ان يحال الى النيابة العامة .
الهراء الدرامى الإعلانى أصبح يخلو من اى رسالة إعلامية أو قيمية إلا
من قيمة واحدة وهى قيمة الاستهلاك ومنتجعات الرفاهية بشكل موغل فى الاستفزاز فى
مجتمع يشتكي من بلوغ كيلو الطماطم فاصل الخمسة عشر جنيها، الطماطم التى صرح نقيب
الفلاحين المصري بأن الشعب المصرى لا يستخدمها بشكل صحيح مما يتسبب سوء الاستخدام
فى ارتفاع سعر الطماطم!! يا لهو من هراء بالغ ...
ولا أقول اللحم الذى تعدى
١٥٠ جنية إضافة للأسعار السمك الرديء التى لم يغادر سعره فاصل آل ٥٠جنية ثم تجد
المعلن لمنتجات مدينتى ومدينة السحاب فى الجلالة وشقق سكنية فى العاصمة فقط ب ٥٠
مليون جنية فى الوقت ان اغلب المحالين للمعاش لا يتجاوز راتبه ٢٠٠٠جنية، لا يكفى
ثمنا لعشاء فى احد المطاعم التى نشاهدها فى إعلانات المنتجعات المعلن عنها.
الهراء الإعلاني الدرامى خليط من الاستفزاز والتناقض والفوارق
الطبقية التى تجعل التلفزيون يبث من استوديوهات لا تنتمى لهذا السواد الاعظم من
المجتمع المصرى بل أشك انه يبث مادته
الدرامية والإعلانية من ارض مصر وهذا قمة الهراء... والهرى والهطل .... وكل عام
وانتم بخير .......
0 تعليقات