"رأفت السويركي"
يزدحم "الفضاء الافتراضوي...
فيسبوك وتويتر" منذ انتكاب الأمة العربية بسيناريوهات فوضى "الربيع
العبروي المتصهين" بلطميات وصراخات النخبة الفاشلة ومتهافتة الخطاب، والتي من
دون كللٍ أو مللٍ "تولول" كما يُقال (عمَّال على بطَّال)؛ بحكم وظيفة
الارتزاق السياسوي التي تحترفها، ويجري توظيفها لتنفيذ مجمل الدور المتضاد مع كل
أجهزة الدولة الوطنية؛ وفي مقدمتها مؤسسات الجيوش والشرطة والقضاء؛ وكلها مؤسسات
حاكمة وضابطة بحكم الدساتير والقانون وكذلك الأعراف المستقرة في المجتمع الإنسانوي
منذ غادر "مرحلة القردة في الغابة".
*****
إذ أن هذه النخبة
المستأجرة ـ معروفة الموارد حتى وإن خبأتها ـ تُحاول استصناع صورة مزيفة سوداء لكل
الأجهزة السيادية؛ وتخليق قناعات تُعمم شعبوياً بأن: هذه الأجهزة تمثل استعماراً
داخلياً للأوطان؛ بل إنها انقلبت واغتصبت السلطة واحتلت دولها؛ والمثير للسخرية
أنها ـ تلك السلطات الوطنية ـ تنفذ في إدارتها لشؤون الحكم مُخططات الاستعمار
الخارجي (الأميركي(.
ولا يقوم باستصناع هذه الصورة
المُضلِّلة في الفضاء الافتراضوي غير الكتائب الاليكترونية لـ "جماعة حسن الساعاتي البنَّاء ـ بريطانية الإنشاء
والتمويل والرعاية"؛ ومجموعات متنشطي متوهم "حقوق الإنسان ـ منتج
المنظمات الحقوقية المستصنعة من نوعية ـ فريدوم هاوس ـ التابعة للاستخبارات
الأميركية؛ وـ حركة أوتوبرـ الصربية؛ وـ منظمة موفمنتس ـ لتحالف حركات الشباب "؛
ونُخبة "جُلَّاس مقاهي الجعجعة" من بعض من يوصفون بالمثقفين المحتجين؛
الذين يجدون ذواتهم بالتنظير فقط في حلقات الفوضى؛ وحين استئجارهم في الفضائيات
بمقابل ممن يدفع "ضيوف الجزيرة القطرية وBBC البريطانية
أنموذجا"!!
*****
وليس أدل على ذلك الدور الساقط والخطاب المغلوط الذي ـ على سبيل المثال لا الحصرـ ما تروجه "جماعة حسن الساعاتي البناء" صنيعة الاستخبارات البريطانية من أن الدول الكبرى: "تدعم بعض القوى العسكرية داخل الدول الأصغر... وفي مصر يقود النظام حرباً بالوكالة ضد جماعة الإخوان المسلمين ،بل ويلقى بظلال فشله على هذه الجماعة التي أصبحت الأن لا تملك حق الرد لغياب قيادتها وأفرادها خلف القضبان، ولا يُسمح لأحد منهم بالرد على ما يروجه إعلام النظام"(راجع Ikhwan).
وتتناسى هذه الجماعة
المُضلِّلة اعترافات "جون كولمان " وكيل الاستخبارات البريطانية السابق "MI6" بحقيقة إنشاء هذه الجماعة بدعم من مجموعة ضباط في الجهاز
منهم "T.
كما هناك من كوادر
هذه الجماعة ماسونية الغرض (المتأخون الكويتي الهارب والمقيم في اسطنبول حاكم
المطيري أنموذجاً) من يروِّج لاصطلاح أن "الأنظمة الوطنية" هي "أنظمة
وظيفية" تُنفذ أغراض الاستعمار الغربي؛ بهدف إعطال والإجهاز على "حركات
الإسلام السياسي"؛ متغاضياً عن ترديها ودورها في إعطال "فضيلة العقل"
لارتهانها بالتذكير والترويج لعالم (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ
لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)؛ فيما هم أنفسهم
يتمتعون بركوب الطائرات؛ ويستخدمون "الهواتف النقالة" وما شابه من كل
منجزات العقل المتحرر من قيود الغيبوبة الأسطوروية المتخيلة.!!
*****
يكرهون "الجيوش
الوطنية" ويحقدون عليها وكأنها ـ افتراضاً ـ انتزعت كراسي المُلك من آبائهم
الحفاة العراة الذين أنجبوهم في النجوع والكفور والعزب/ القرى والحارات والزنقات. متناسين
أنه لولا دور مؤسسات الجيوش الوطنية في توطين أقنية السلطة منذ خمسينات القرن
العشرين لما تمكن النخبوي من هؤلاء أيام كان طفلاً حافي القدمين من الحصول على
دفتر وقلم ليتعلم الألفبائية؛ لتدور السنون فيتوهم أنه ثوري ومناضل ومُضاد لـ"عسكرة
الدولة"؛ ولا يفهم أنها السمة التي تفرضها مقتضيات التحدي والضرورة ومواجهة
سيناريوهات الاستهداف المتواصلة للأوطان العربية.
إن أجهزة الاستخبارات
الأميركية والبريطانية وما شابه؛ تبرع في اصطياد "هوام البشر" من هذه النخبة؛ لإدراجهم في ماكينات استصناع عملائها ـ
ضمن أحد أنماط حروب الجيل الرابع؛ حرب (4GW) الدامجة بالمواجهة
والتصارع والتضاد بين الحرب والسياسة؛ والمدنيين والعسكريين ـ واصطياد المدنيين
ليكوِّنوا تشكيلات نموذجية من المرتزقة بالإغراءات الدولاراتية والاسترلينية
والريالاتية؛ استهدافاً للوصول إلى نسق التضاد بين الجيوش والشرطة الدفاعية من
جانب وبين الميليشيات الدموية بالعنف الموظف لتظاهرات المحتجين المحكومين في
التظاهر بسلوك القطعان! لذلك يتواصل دأب الميليشيات النخبوية المتهافتة بالصراخ؛
تشويهاً لدور المؤسسات العسكريتارية الوطنية وهي تنفذ استراتيجيات إدارة الأزمات (
الحالة المصرية أنموذجا).
*****
وعلى الرغم من الدور المدهش الذي يقوم به "جهاز المشروعات" الخاص بالقوات المسلحة المصرية في إعادة تأهيل وإنجاز مشروعات البنية الأساسية الكثيفة والمتنوعة بعموم القطر المصري محققة إنجازاً غير مسبوق؛ بدقة التنفيذ الموثوق به "من الألف إلى الياء في وقت قياسي مرتبط بالانضباط في العمل والالتزام بالمواقيت والمواصفات؛ ترى إلى نخبة البلاهة والارتزاق قد تفرغت لتشويه هذا الفعل؛ بمعاونة مكاتب التفكير الاستخباراتوية التي تركز على الحالة المصرية تحديداً.
ولعل النموذج الدَّال
على ذلك يتركز فيما اشتهر باسم "مركز مالكوم كيرـ كارنيغي الشرق الأوسط"
التابع لـ "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي"؛ والتي تشير لنفسها بأنها "
مؤسسة خاصة غير ربحية مكرسة لتعزيز التعاون بين الدول وترويج التزام الولايات
المتحدة الفاعل على الساحة الدولية. وقد أسّسها أندرو كارنغي العام
وقد اختيرت ـ حيث
تتمركز الرخاوة السياسوية ـ العاصمة بيروت بلبنان "فتش عن الدولة" لإنشاء
مركزها في المنطقة؛ ليمثل هذا النموذج في الفعل والغرض والاستهداف؛ وبما يقدمه من
خطاب ما يكشف عن الارتزاق الفج لدى أدواته من الباحثين الموظفين. وقد احتلت "المسألة
المصرية" مساحة كبيرة للغاية من اهتمام هذا المركز؛ وكل الآراء المتعلقة
بالدولة المصرية والمبثوثة في الموقع لا هدف لها سوى تشويه جهود هذه الدولة؛ وتعميم
الفهوم المغلوطة عن حركة التاريخ في المنطقة عقب تجارب "الربيع العبروي
المتصهين" ومقتضيات "فقه الضرورة" المتبع لتجاوز أزمات الأوطان.
إن هذا المركز
الاستخباراتوي ـ حين تخضع خطابه للرصد والتفكيك ـ تجده يجعل "مؤسسة الجيش
المصري" في محل الاهتمام الأول؛ وتشغل هذه الموضوعة مساحة مريبة من التركيز
عليها؛ ويغلب عليها التوجه باستصناع صورة ذهنوية سلبية مشوهة لجهود هذا الجيش في
معركة البناء والتنمية الضرورية؛ كجزء من مستهدف سيناريو "اختلاق التضاد"
بين الشعب المصري وجيشه العظيم؛ ذلك السيناريو المتجدد عقب إزاحة حسني مبارك صانع "دولة
الفساد"؛ ثم المتأخون محمد مرسي مندوب جماعة /أداة تفتيت مصر الدولة الراسخة
تاريخاوياً تطبيقاً لسيناريو "تفكيك المفكك وتفتيت المفتت" الصهيوماسوني.
وهذا المركز
الاستخباراتوي الذي يمثل "خلية أزمة" في المنطقة، بما يضمه من نخبة
عربية مستأجرة لا يحتاج إلى دليل لإثبات دوره التضليلوي الفاسد؛ فاستعراض بعض
عناوين موضوعاته المنشورة تكفي لوضع اليد على مستهدفه؛ وهو المناقض حتى لكل
الثوابت الحاكمة لمؤسسة الجيش الأميركي؛ خاصة في "الحقول الاقتصادوية"،
والتي لا توجد مؤسسة عسكريتارية عميقة في العالم كله إلا ولها أنشطتها
الاقتصادوية؛ ليس لتحقيق الربحوية وهذا مقبول؛ ولكن ضمن استراتيجيات الأمن الوقائي
للجيوش؛ بالتوظيف اللوجستوي المتعلق بالإمداد والتموين وتأمينه؛ كي لا يكون نقطة
ضعف حين التصارعات العملياتية خلال المعارك بطعن السلامة الصحية للجنود بالسموم
والفيروسات والهرمونات الضارة.
*****
إن خطاب مركز " مالكوم
كيرـ كارنيغي الشرق الأوسط" المضاد للحق في "المسألة
الاقتصادوعسكريتارية" المصرية؛ يفضح وظيفته حسب ما تكشفه عناوين بعض موضوعاته
من مثل: " تفكيك جمهورية الضباط"؛ "أولياء الجمهورية: تشريح
الاقتصاد العسكري المصري"؛ "محاربون أم رأسماليون؟"؛ "فوق الدولة: جمهورية الضباط في مصر"؛ "على مصر
إعادة النظر في الدور الكبير الذي تؤديه المؤسسة العسكرية في اقتصاد الدولة"؛
"المؤسسة العسكرية المصرية كرأس حربة لرأسمالية الدولة"؛"آثار
الاقتصاد العسكري المصري"؛ "ما يمكن أن يفعله صندوق النقد الدولي بشأن
الشركات العسكرية المصرية؟".
وأمام هذا التكثيف
المضاد لدور مؤسسة الجيش المصري في الجانب الاقتصادوي؛ كانت الاستجابة لتحديات
الضرورات في قرار الرئيس الأميركي "جو بايدن" الأخير بتفعيل "قانون
الإنتاج الدفاعي Defense
Production Act " لمواجهة
أزمة نقص حليب الأطفال فى الولايات المتحدة، وتوجيهه باستخدام الطائرات التجارية
التابعة لوزارة الدفاع في جلب حليب الأطفال إلى الولايات المتحدة من الخارج.
وهذا القانون
الأميركي كما تذكر الوثائق المنشورة "يمنح الرئيس القدرة على الاستفادة من
القاعدة الصناعية الأميركية، الشركات الخاصة، لتسريع وتوسيع إمدادات الموارد لدعم
الحكومة، بما فى ذلك الطاقة العسكرية والفضاء واحتياجات الأمن الداخلى، وفقا
للوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ؛ مع الأحكام التي "تحدد السلطة الحكومية
لإبرام اتفاقات مع الصناعة الخاصة، لوقف اندماج الشركات الأجنبية التي تهدد الأمن
القومي الاميركي".
**
ويكفي دليلاً على
أنشطة الجيش الأميركي في المجال الاقتصادوي ما نُشر عن أن استثمارات ذلك الجيش في
مجال الإنشاءات بلغت مؤخراً 44 مليار دولار، ومساهماته في تشييد الطرق
والسدود والجسور جنبت الولايات المتحدة ما قيمته 32 مليار دولار خسائر فى الفترة
من
**
ولا يقتصر الأمر فقط
على نموذج الجيش الأميركي؛ فهناك: "الجيش الإيطالي الذي يقوم بدور أساس في
توفير المستحضرات الطبية واللقاحات" ولا عجب أنه قرر زراعة نبات مُخدر "الماريجوانا"
الطبي في إحدى مزارعه بمدينة فلورنسا، ليستغني عن استيرادها من الخارج وتحديدًا من
هولندا، سعياً لتثبيت سعرها لدى شركات الأدوية الإيطالية والتي تقوم بصناعة
الأدوية المعالجة للسرطان وتصلب الأطراف المتعدد، وغيرها من الأمراض.
**
و"الجيش
الباكستاني كذلك يدير أصولاً بلغت قيمتها 20 مليار دولار باستثماراته فى الإنشاءات
والتعدين والبنوك".
** والجيش التركي العثمانللي لا
يخفي أن " 100 ضابط رفيع المستوى يديرون مجموعة "اوياك" والتي
تتمتع بالإعفاء من الضرائب. كما توصلت هذه المجموعة التابعة للمؤسسة العسكريتارية
التركية "إلى اتفاق بأن تشتري بموجبه الشركة الشقيقة "أتاير" مجموعة
الصلب والحديد البريطانية العريقة "بريتش ستيل" التي أعلنت إفلاسها.!!
** و"الجيش الصيني" حسب
الدراسات يمثل قطاعاً منتجاً؛ ويحقق مئات المليارات من الدولارات السنوية عوائد ما
تديره المؤسسة العسكريتارية الصينية من قطاعات اقتصادية وخدمية وصناعات السلاح
وتقوم بتصديره للخارج. فضلاً عن دعم البنى الاقتصادوية للدولة الصينية وهو ما ساهم
في "تعلمق" طور رأسمالية الدولة الصينية الراهنة.
** و"الجيش الهندي" يمثل
قوة اقتصادوية لا يُستهان بها متاجر التجزئة مخيفة الأرباح باسم "كانتين Canteen Stores Department"، والمملوكة لوزارة الدفاع الهندية والتي
تبيع حسب ما نشر3400 منتج متنوع... من "البسكويت إلى السيارات"!
*****
لكن ليست هناك في هذه
الدول الرئيسة نخبة فاشلة مثل النخبة المصرية؛ التي تكره نفسها قبل أن تكره بلادها
وجيوشها التي توفر لها الحماية والأمن والأمان؛ والغذاء من مكونات هذا الأمن؛ مع
الأخذ في الاعتبار أن إنشاء "جهاز مشروعات الخدمة الوطنية" كان تلبية
لاستراتيجية تحقيق الاكتفاء الذاتي للجيش المصري؛ بحيث ما يفيض عن حاجته يجري طرحه
في الأسواق المحلية للتخفيف عن كاهل الدولة. وهذا الجهاز قد فرضت إنشاءه حرب
اكتوبر/تشرين الأول
والشيء بالشيء يُذكر؛ فإن
التصريحات الرسمية تؤكد"أن نسبة مشاركة المؤسسة العسكرية فى الاقتصاد المصري تصل
ما بين 1.5 الى 2%". ومن
جانب آخر لا يمكن نسيان ما ذكره اللواء سمير فرج مدير إدارة الشؤون المعنوية
بالقوات المسلحة الأسبق في تصريحات تلفازية من: أن "مصانع الجيش تخضع لرقابة
الجهاز المركزي للمحاسبات وتسدد الضرائب". و"أن العاملين بهذا الجهاز هم
خارج حسابات الوحدات المقاتلة"؛ و"أن الجيش يطرح المشروعات على شركات
القطاعين العام والخاص في مناقصات عامة للتنفيذ، ملتزماً بمهمته في الإشراف وضمان
تنفيذ المشروعات بكفاءة وجودة عالية وتكلفة منخفضة".
*****
إن النخبة المصرية
وبعض فصائل النخبة العربية المتأخونة بالحصر... لا تزال تواصل الضجيج حول الدور
الاقتصادوي للجيش المصري؛ وبفساد عقلها وعمالة وجدانها المضاد للأوطان لا تتوقف عن
تشويه هذا الدور؛ لأن الجيش المصري تحديداً هو الذي أفسد متخيلها الهابط باستصناع "الدولة
الصهيوماسونية" بقناع إسلاموي وضع رسائله "حسن الساعاتي البناء" بقوله
الساقط: "أنا لا أنتمي لوطن"؛ وقام بترسيخ مفهومها كبيرهم "سيد قطب":
"ما الوطن إلا حفنة من التراب العفن"؛ ومقولة سقوط مرشدهم "مهدي
عاكف": "طز في مصر واللي في مصر" واعتراف أحد دهاقنتهم "محمد
بديع": الجماعة فوق الجميع"!!
غير أن الرئيس
الأميركي "بايدن" سدد الصفعة على "قفا" كل تلك النخبة الساقطة
بقرار تفعيل "قانون الإنتاج الدفاعي لمواجهة "أزمة نقص حليب الأطفال"
فى الولايات المتحدة، واستخدام الطائرات التجارية التابعة لوزارة الدفاع لجلب
الحليب إلى الولايات المتحدة من الخارج. وهنا وضعت تلك النخبة الأحذية في فمها وهي
تمارس التشهير بدور جيوش أوطانها في الاقتصاد وتصفه باقتصاد العسكر؛ فيما لم تنطق
حرفاً تجاه قرار كبيرهم الأميركي الذي أخزاهم!!
0 تعليقات