محمود جابر
فى البدء كانت الكلمة، والكلمة مسئولية من يعرف قدرها، هذا أدرك
الشيخ اليعقوبى – أحد مراجع العراق- مسئولية الكلمة، لهذا فهو يخرج لأبنائه
ومقلديه فى كل موسم سواء صلاة العيد أو غيرها يحدثهم بنفسه، وهذا ربما أمر لا تجده
عند الكثير من المراجع ومن يدعى بأن لديه مشروعا سياسيا... واعتقد ان هذه سنة حسنة
وأرجو
ان يحتذي به كل أصحاب
المشاريع والقامات الكبرى.
ومنذ سنوات وأنا حريص على متابعة خطبته سواء فى النهضة الفاطمية أو
فى العيد أحاول قراءة الخطاب، غير أن كنت متردد فى أن اكتب شىء عن بعض الخطب
القريبة السابقة أو الحالية، ولو املك قناة للنصح لكنت فكرة فى النشر من عدمه، بيد
ان هذه الطريقة فى النشر أراها أفضل لعدة أسباب أولها أن النصح قضية مركزية فى الإسلام،
والثاني أن الأمر بالمعروف واحدة من القضايا والمهم التي أعطاها اليعقوبى أهمية فى
خطاباته ومواعظه ودروسه، والثالث هو تعليم أتباعه فكرة النقد التى تعنى التطور
والدفع للأفضل فكل ابن ادم خطاء وخير الخطاءين التوابين، ولا تتحصل التوبة الا
بالنصح والتبصر وهذا درس ينقص عامة الموالين الذين يتعاملون مع مراجعهم بقدسية
توازى تقديس أئمتهم .
من هنا رأيت من الخير نشر المقال دون البحث عن وسيلة أخرى .
بدا اليعقوبى خطبته التى قربت على الساعة تقريبا وهو وقت طويل وحديث
مطنب، وانصب الحديث عن الاستغفار متخذا من آيات سورة نوح شاهدا للنصح والوعظ فى
خطبته، ووصية نوح لقومه بالاستغفار ووصية النبى محمد صلى الله عليه وآله اهمية
الاستغفار فى التقرب من الله، وفتح أبواب الرزق، والولد، والخيرات، وإطالة العمر، وإرسال
الأنهار الى غيره من فوائد التى نصت عليها الآيات التى استشهد بها سماحته، ومن الإشارات
المهمة فى حديثه استشهاده ببعض الأحاديث من كتب العامة – أهل السنة- وهذا من الأمور
التى تحتاج الى إشادة .
الحديث طول النصف ساعة الأولى يتحدث عن الاستغفار الفردى وصلاح
الفرد لصلاح المجتمع، على الرغم من انه ما بين الحين والأخر يتحدث عن ان الصلاح
نموذجا اجتماعيا، لكن للأسف قد يفهم المتابع فى الكثير من الخطاب انه يركز على
النموذج الفردى اكثر من توجيه كلمته للقائمين ومن بيدهم الامور ومن مكن الله لهم
فى الأرض من الأحزاب الإسلامية الذى حمل عليهم فى خطابه حملا خفيفا او بكلام
لطيف...
وربما غير لهجت خطابه حينما جاء على ذكر منشور من الحكومة فى شهر
رمضان بإعفاء الخمور من الضرائب، وقال ان هذا مالم تفعله اى من الحكومات الظالمة
السابقة، ورغم ان هذه الحكومة والنظام اشد ظلما للعراق الا انه وصف السابقين وإعفائهم
من الوصف الا من النقد الجميل، ولا اعتقد ان قضية الخمر أعظم درجة من قضية الدماء
وهدم المساجد وإحراق كتاب الله التى تمت فى العراق وكنت أرى ان الخطبة كانت تستحق الإشارة
لهذه الجرائم أكثر من التنديد بموضوع الخمر أو مثله .
قضية الأحزاب الإسلامية وسلوكها السياسى فى العراق .. وهو الأمر
نفسه الذى مر عليه مرور الكرام وهو يتحدث عن قوله تعالى ( ويجعل لكم انهارا) ذكر
اليعقوبى ان ما يحدث من احتباس حراري سببه الولايات المتحدة الأمريكية التى لم
توقع على برتوكول كيوتو للبيئة ولم يذكر السياسات العراقية التى أدت الى التصحر
ونقص مياه العراق بسبب حبس كلا الجارتين الماء عن العراق، وان الذنب الذى يعاقب
عليه العراق هو تبعية الحكومة لمن يؤذون العراق ويخربونه.
اليعقوبى يتحدث كصاحب مشروع ويقول ذلك انه يجب على من يجد فى نفسه
الصلاح ان يسعى الى السلطة والحكم بأساليب متعددة وان يقنع الناس بالمشروع
الاسلامى سواء من ناحية البدائل السياسية أو الاجتماعية او الاقتصادية، وأنا احترم
فيه هذه الجرأة التى لا ينكرها ولا يخفيها كغيرة ممن يستترون وراء عناوين أخرى
للوصول الى السلطة .
لكن وللأسف النموذج الذى قدمه اليعقوبى سياسيا يحتاج لكثر من
المراجعات كما ان تحالفاته مع كتل وأشخاص عرف عنهم الفساد أمر يحتاج الى مراجعه
ولا اعرف هل يتم هذا التحالف بإذنه أو بدون إذنه وهل يعرف به أو لا يعرف به كل هذه
الأمور تحتاج الى إيضاح ان كان يبحث لمشروعه عن ارض فضاء أوسع فى العراق، وأقول فى
العراق لانه وخلال الفترات السابقة بدى غير مكترث بما يحدث خارج العراق من حرب فى أوكرانيا
يمكن ان تؤثر أو هى لها تأثير مباشر على كافة الأوضاع فى العالم وفى العراق أيضا،
وكان يجب عليه ان يوضح ما يمكن ان يلتبس على الناس كجزء من التزاماته ونشر الوعى،
المسألة الثانية التى دعتنى ان أقول ان مشروعه مشروعا عراقيا منحصرا داخل العراق،
ومنكفىء هو عدم ذكره ما يحدث فى ارض فلسطين وفى القدس وهى قضية كانت وما تزال تشغل
الرأي العالمي والعربي والاسلامى ولم أرى انه اقترب منها لا بالتلميح ولا بالتصريح
لا فى خطبة العيد او قبلها وأتمنى ان
يستدرك ذلك، لان أهل فلسطين فى حاجة الى دعم معنوى وحرى باليعقوبى ان يفعل ذلك .........
إجمالا أقول مهما كانت المؤاخذات على الخطاب فإن النصح والاستشارة
يمكن ان تسدد ثغرات الخطابات القادمة وخاصة ان كان الخطاب بمستوى خطبة العيد أو
النهضة الفاطمية، بيد ان وقوفه وبيانه موقف يشاد به كبيضة ديك فى الوسط الشيعى فى
العراق وخارجه .
ملحوظة : انصح سماحته بتغير من يقوم بإفراغ الخطاب وكتابته على الموقع،
فاهم ما قلته سماحتكم لم أجده مكتوبا، واجد الخطبة الصوتية تحتوى أهم ما جاء فى
الخطاب ولا أدرى لماذا تم الإغفال عنها هل هو عمدا أو سهوا أو عدم حرفية ممن يقوم
بذلك ؟!!
0 تعليقات