ونعني بذلك أنّه إذا جاء في النصوص عنوانٌ ما، كعنوان الشطرنج، فإن
المبدأ الذي قرّر في علم أصول الفقه هو قاعدة الموضوعية، بمعنى أن يكون كلّ عنوان
مأخوذاً بعينه في الحكم، لا أن يكون ذكره طريقاً لعنوان آخر يمثل الموضوع الحقيقي،
مثل أن يجعل عنوان الشطرنج طريقاً إلى عنوان آلة القمار، فيكون الحكم بالحرمة
مترتباً على مطلق آلة قمار، وإنّما ذُكِرَت الشطرنج من باب قصد ذاك المفهوم الكلي،
لكونها ـ مثلاً ـ من أبرز نماذجه ومصاديقه، وهكذا الحال في عنوان رؤية الهلال الذي
جاء في الروايات، حيث يجعل في المنهج التاريخي سبيلاً إلى عنوان آخر حقيقي هو
المقصود النهائي للمتكلّم والمشرّع، وهو عنوان اليقين بدخول الشهر، بحيث يكون
مبرّر ذكر عنوان رؤية الهلال كون هذه الوسيلة هي الوسيلة الأبرز لتحديد بدايات
الشهور في عصر صدور النصّ التشريعي.
......
إذا قالت الرواية مثلاً: صم لرؤية الهلال، عنى ذلك ارتباط الصوم
بالرؤية، فإذا أردت أن تقول: إن المراد بالرؤية هنا هو اليقين كنت مطالباً
بالدليل، لأن المبدأ الأولي هو الاقتصار على طبيعة العنوان الذي جاء في النص وهو
هنا الرؤية، لا جعله طريقاً لعنوان آخر مقصود، وهو هنا اليقين، وهذا معنى ما يقال
في أصول الفقه الشيعي من أن العناوين المأخوذة في أدلّة الأحكام تحمل على
الموضوعية لا الطريقية ما لم يقم دليل.
وهذه القاعدة تعدّ ــ من وجهة نظرنا ــ أكبر القواعد المعيقة
لتكوين فهم تاريخي للنصوص.
حيدر حب الله:
- حجية السنة في الفكر الإسلامي، ص ٦٧٢.
- نظرية السنة في الفكر الإمامي الشيعي، ص ٧٣٧.
0 تعليقات