بقلم تييري ميسان
عبر تحدّثه عن زمرة من
المُخَدَّرين والنّيونازيّين في الحكم في كييف، صدم الرّئيس بوتين الكثيرين. جهدت
الصّحافة الأطلسية في تصويره على أنّه قد فقط صوابه. ولكنّ الوقائع موجودة وتشهد: تشغُل
مجموعة من المُخَدّرين السّلطة في أوكرانيا، وقامت بنهب مردودات الغاز. كما أنّه
تمّ تبنّي قانون عرقيّ وتشييد أنصبة تُمجّد ستيبان بنديرا، الّذي تعامل مع
النّازيّين الألمان. تمّ أيضاً ضمّ فرقتين نازيّتين إلى صفوف الجيش الأوكراني.
حتّى اللّحظة، ما زالت
إستراتيجية روسيا غير قابلة للكشف، بما أنّنا لا نعلم الحيثيّات الدّقيقة
للعمليّات على الأرض. فقط قيادَتَا أركان النّاتو وروسيا تعلمان. أمّا ما يتمّ
نشره في الصّحف الغربية والتّابعة لحكومة اوكرانيا، فهو خاطئ بوضوح، وما تنشره
جيوش روسيا، دونيتسك، ولوغانسك غير قابل للتّأكّد.
حتّى اللّحظة، كلّ ما
يمكننا أن نؤكّده هو عدم توسّع رقعة المعارك إلى خارج حدود أوكرانيا، في صراعٍ
يخصّ روسيا والولايات المتحدة، ولا يخصّ أوكرانيا إلّا بشكلٍ مُصادف.
إنّنا نتوقّع وننتظر
تصعيداً روسيّاً في 5 مارس/ آذار ٢٠٢٢، عبر فتح جبهة عسكريّة جديدة في مكانٍ جديد.
بانتظار ذلك، سأشرح
ماذا كان الرّئيس بوتين يقصد عبر وصف السّلطات الأوكرانية "بِزمرة من
المُخَدَّرين والنّيونازيّين"، وهو تعبير صادم، لكن مُوَثّق.
ربّما الرّئيس بوتين يُبالغ في
الأهمّيّة الّتي يعطيها لهذه الوقائع. ولكن، ربّما نحن الغربيّون لا نكترث لها
بشكلٍ كافٍ.
"زُمرة من
المُخَدّرين"
حاولت حكومة فيكتور يانوكوفيتش (٢٠١٠-٢٠١٤)
أن تحافظ على موقعٍ وسطيٍّ لأوكرانيا، ما بين جارتها روسيا والولايات المتحدة.
إلّا أنّه وبحسب كلام الرّئيس جورج بوش الابن "إن
لم تكونوا معنا، فأنتم ضدّنا". نتج عن ذلك اعتبار الغرب أنّ يانوكوفيتش "موالياً
للرّوس". أطاحت الولايات المُتّحدة بهذا الأخير عبر "ثورة الكرامة"
في ساحة المايدان، بقيادة نائبة وزير الخارجية عن شؤون اوراسيا، السّتراوسيّة
فيكتوريا نولاند. إستلمت مجموعة من مُحترفي أعمال الشّغب الحكم الإنتقالي، واكتُشِفت
عند ذلك حِدّة فساد فريق يانوكوفيتش، وقرّر السّتراوسيّون أن يجنوا المزيد من
المال.
في 3 أبريل/ نيسان، إلتقى أحد مستشاري وزير الخارجية جون
كيري القدماء، النّصّاب دافيد أرشر، وصديقه في التّعاطي هانتر بايدن ابن نائب
الرّئيس، الملياردير ستيفين شفارتمان، مدير صندوق الإستثمار بلاكستون (مُختلف عن
بلاكروك) في ايطاليا، على ضفاف بحيرة كومو، في نادي أمبروزيتّي.
عُيِّنَ دافيد أرشر عضواً في
مجلس إدارة بوريسما هولدينغز، إحدى أهمّ الشّركات الغازيّة الأوكرانية الّتي كان
مالكها مُلاحَقاً قضائياً في الغرب، بطلبٍ من مكتب التّحقيق الفدرالي والمخابرات
البريطانية. كانت الشّرطة الأمريكية والبريطانية مقتنعتين أنّ ميكولا زلوشفسكي،
وزير الموارد الطّبيعية في نظام يانكوفيتش، كان قد تحصّل بشكلٍ غير شرعيٍّ على
ترخيصاتٍ لشركاته الغازية والنّفطية. مقابل تأديته دور الدُّمية في الواجهة، كان
أرشر يقبض ٨٣٣٣٣ دولاراً شهرياً. تمّ وضع صورة له في البيت الأبيض مع نائب
الرّئيس، جو بايدن، على موقع الشّركة الالكتروني.
التّوتّرات تتصاعد (٨) روسيا تعلن الحرب على أتباع ليو ستراوس
ثمّ تنقّل جو بايدن ومُستشارَيه
انطوني بلينكن وجايك سوليفان إلى كييف لِيَعِدوا النّظام الجديد بدعمهم وتنظيم
انتخاباتٍ قابلة للتّصديق. إلّا أنّ مُحافظتَي دونيتسك ولوغانسك رفضتا الإعتراف
بالحكومة المُؤقّتة، وعبر استفتاءَين، أعلنتا استقلالَيهما. في اليوم التّالي، ١٢
أيّار ٢٠١٤، إنضمّ مُدمن المُخدّرات هانتر بايدن، ابن جو بايدن، إلى مجلس إدارة
بوريسما هولدينغز. لاحقاً، إنضمّ رجلٌ ثالثٌ إلى مجلس الإدارة: ابن زوجة جون كيري،
كريستوفر هاينتز.
خلال النّصف الثّاني من عام ٢٠١٤،
وبإيعازٍ من أرشر وهانتر بايدن، دفعت بوريسما، من تحت الطّاولة، ٧ مليون دولار إلى
النّائب العام في نظام بوروشينكو، بهدف تزوير مستندات وإغلاق التّحقيق بحقّها
وبحقّ مالِكها الأوليغاركي. سمح تنصّتٌ هاتفيٌ بسماع الرّئيس بيترو بوروشينكو
يؤكّد لنائب الرّئيس جو بايدن أنّ القضيّة قد "دُبِّرَت". إذاً، قامت
الولايات المُتّحدة بإعادة تدوير وزير يانوكوفيتش (المُوالي للرّوس) السّابق. لاحقاً،
دفعت الولايات المُتّحدة، الإتّحاد الأوروبي، صندوق النّقد الدّولي والبنك الدّولي
البرلمان الأوكراني إلى عزل النّائب العام الفجعان، عندما كانت هذه القِوى تريد
إنقاذ الأوليغاركية ورئيسة الحكومة السّابقة يوليا تيموشينكو، ولكن بثمنٍ أبخس.
نقلت الصّحافة الأوكرانية جميع
هذه الأحداث، الّتي ليست إلّا غيض من فيض. مثلاً، بحسب وال ستريت جورنال، قام وزير
الطّاقة الأمريكي ريك بيرّي بالضّغط على الرّئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي،
لكي يطرد مُديري شركة نافتوغاز الغازيّة العامّة ويبدلهم بأشخاصٍ آخرين، منهم
السّتراوسي آموس هوخستَين.
في تمّوز ٢٠١٩، طلب الرّئيس
الأمريكي دونالد ترامب من نظيره الأوكراني زلنسكي أن يجريَ تحقيقاتٍ بأعمال الفساد
هذه (بما يشمل وزير الطّاقة الأمريكي)، وهو أمرٌ رفضه زلنسكي. زاد ترامب من ضغطه،
وقام عندها أحد مُوظّفي الإستخبارات الامريكية بكشف مضمون الحديث، مُتّهماً
الرّئيس ترامب بالتّلاعب بأوكرانيا، بهدف إيذاء غريمه الدّيموقراطي في الإنتخابات
جو بايدن. تسبّب ذلك بِمحاولة عزل ترامب في الكونغرس، "اليوكراينغايت".
أقلّ ما يمكن قوله هو أنّ عدداً
كبيراً من أعمال الفساد قد ارتُكبت على نحوٍ يفيد شخصيّات اوكرانية وأمريكية،
وأنّه، في النّهاية، اختفت عشرات المليارات من الدّولارات وانهار مستوى معيشة
الشّعب الاوكراني. كلّ ذلك تمّ تنفيذه بفضل دُمىً لم تملك أيّة خبرة في مجال
الغاز، ولكنّ جميعها تشارك في سهرات تعاطي المخدّرات الّتي ينظّمها هانتر بايدن. هذا
هو ما تطرّق إليه الرّئيس الرّوسي بوتين بشكلٍ مُحِقّ.
من منظورٍ اوروبي، تمكّن الجميع
من ملاحظة أنّه، منذ سنة، ارتفع سعر الغاز بما يعادل عشرة أضعاف. بالطّبع، الطّلب
أعلى من العرض، ولكنّ ذلك لا يفسّر أبداً حِدّة الإرتفاع. في الواقع، ما زالت
أسعار عقود الغاز الطّويلة المدى تُحتَسب بشكلٍ أعلى بقليلٍ من الماضي، بينما أسعار
العقود القصيرة المدى قد انفجرت. لا يُفَسَّر الفارق إلّا في أعمال المُضاربة،
الّتي كان أصدقاء الرّئيس بايدن وبلاكستون أوّل من قام بها. من الواضح أنّهم كانوا
يتوقّعون وينتظرون أزمةً في أحد البلاد المُنتِجة.
من هنا يمكن أن نفهم بشكلٍ أحسن
تقليل الصّحافة الأطلسية من أهمّيّة قضيّة هانتر بايدن، الّتي يتورّط فيها أبوه
حتّى أُذُنَيه. في النّهاية، تسبّبت العمليّة العسكريّة الحالية في اوكرانيا
بارتفاعٍ إضافيٍّ في أسعار الغاز، بما يفيد أصدقاء الرّئيس الأمريكي ويضرّ
بالأوروبيّين.
يجب وصل هذه الوقائع بتلك الّتي
كَتبتُ عنها في المقال السّابق ضمن هذه السّلسلة. جايك سوليفان، أنطوني بلينكن، و
فيكتوريا نولاند، قادة كلّ هذه الألاعيب، هم ستراوسيّون. وكما كتب الأوّل بينهم،
بول ولفويتز، عام ١٩٩٢: أوّل عدوّ للولايات المُتّحدة هو الإتّحاد الأوروبي، الّذي
يجب منع نموّه.
يبقى أنّ كلّ هذه الوقائع هي
شؤون داخلية أوكرانية وأوروبية-غربية، ولا تبرّر تدخّلاً خارجيّاً.
"زُمرة من النّيو-نازيّين"
تحدّث الرئيس بوتين أيضاً عن "زُمرة
من النّيو- نازيّين" . هذه المرّة، لا يتعلّق الأمر بمجموعة صغيرة تضم أقلّ
من مائة شخص، بل بِعدّة آلاف، بين ١٠ و٢٠ ألف.
لفهم ذلك، يجب أن نتذكّر أنّه،
عند انتهاء الحرب العالمية الثّانية، قام كلٌّ من الإتّحاد السّوفياتي والولايات
المُتّحدة بأسر العديد من النّازيّين ذوي المناصب الرّفيعة. جميعهم حاولوا أن
يتحصّلوا على أكبر كمّيّة معلومات منهم. ولكن، إذا كان السّوفيات قد أعادوهم إلى
ديارهم بعد ثمانية أشهر، فإنّ الأمريكيّين قد احتفظوا بعددٍ منهم وقاموا بإعادة
تدويرهم. الجميع يعلم مثلاً أنّ فيرنر فون براون، العالم النّازي الّذي ابتكر
صواريخ "في ٢"، أصبح مدير النّاسا (عمليّة بايبركليب). أو أنّ مستشار
ادولف هتلر الخاصّ لشؤون النّظام الجديد في أوروبا، والتر هالشتاين، أصبح أوّل
رئيس للمفوّضية الأوروبية. أو أنّ مُتسلّق الجبال هاينريك هارِر قام بتعليم
الدّالاي لاما بإيعازٍ من وكالة الإستخبارات المركزية. ولكن لا يعلم الكثيرون عن
إعادة تدوير الوكالة المذكورة للعديد من اعضاء الشّوتستافل والغستابو في كلّ أنحاء
الأرض. مثلاً، كلاوس باربي، الّذي أرسلته الوكالة إلى بوليفيا حيث تمكّن من اغتيال
تشي غيفارا، أو ألويس برونر في سوريا (الّتي كانت في ذلك الوقت حليفة واشنطن(.
إستخدمت وكالة الإستخبارات
المركزيّة النّازيّين طيلة الحرب الباردة. ولكن الرّئيس كارتر كلّف الأميرال
ستانسفيلد تورنر بإعادة النّظام إلى الوكالة، الحدّ من دور هؤلاء العملاء، ووضع
حدّ للدّيكتاتوريات. تمّ تسريح معظم النّازيّين، باستثناء القادرين منهم على العمل
وراء خطوط حلف وارسو. بذلك، تغنّى الرّئيس رونالد ريغان "بالدّول الحبيسة"
في شرق اوروبا، وأسّس زمرة من الجمعيّات الّتي زعزعت الدّول العضوة في حلف وارسو،
وصولاً إلى الإتّحاد السّوفياتي.
من هذا المنظور، كان من المنطقي
تماماً أن تُنظِّم وكالة الإستخبارات المركزيّة، عام ٢٠٠٧، مؤتمراً يجمع
النّيونازيّين الأوروبيّين والجهاديّين الشّرق أوسطيّين المُعادين لروسيا. ترأّس
النّازي الأوكراني دميترو ياروش والأمير الشّيشاني دوكو اوماروف المُؤتمر. ولكن
هذا الأخير، المُلاحَق من الإنتربول، لم يمكّن من الحضور، واكتفى بإرسال شريط
فيديو يدعم فيه المؤتمر. لاحقاً، حارب النّيونازيّون والجهاديّون سويّاً في سبيل
إقامة إمارة إتشكيريا الإسلامية في مكان الجمهورية الشّيشانيّة.
عام ٢٠١٣، درّب النّاتو رجال
دميترو ياروش في فنّ قتال الشّوارع، في بولندا. بذلك، تمّ تجييشهم في عمليّة
الإنقلاب الّتي ادارتها فيكتوريا نولاند في اوكرانيا: "ثورة الكرامة"،
المُسمّاة ايضاً "يورومايدان". معظم الصّحافيّين الحاضرين لاحظوا وجود
النّيونازيّين المثير للقلق، ولكنّ الشّخصيّات الغربية الّتي أتت لِتُشارك في هذه "الثّورة"،
مثل بيرنار هنري ليفي، أصابها العمى.
خلال الأشهر الّتي تلت هذه
الأحداث، دفع تواجد خمسة وزراء نازيّين في الحكومة الإنتقالية منطقتَي دونيتسك
ولوغانسك إلى تنظيم استفتاءين أدّيا إلى إعلان استقلالَيهما. نظّم الرّئيس بيترو
بوروشينكو الفصائل النّازيّة، بناءً على نصيحة أصدقاء هانتر بايدن، وجعل منها
وحدات عسكرية تمّ نشرها على حدود الجمهوريّتَين الشّعبيّتَين الجديدَتَين. موّل
هذه الفصائل النّيونازيّة عرّاب المافيا المحلّيّة، إغور كولومويسكي. لم تمنع
عضويّة هذه الاخير في رابطة اوكرانيا اليهودية اختياره لهؤلاء المُعاونين. إلّا
أنّه، عندما حاول كولومويسكي أن يسيطر على المنظّمات اليهودية الاوروبيّة باستخدام
أمواله وتهديداته، تمّ طرده.
بهدف الإطاحة بالرّئيس
بوروشينكو، إختلق كولومويسكي رجلاً سياسيّا جديداً عبر إخراج برنامج تلفزيوني، "خادم
الشّعب"، كان الممثّل الرّئيسي فيه اسمه... فولوديمير زلنسكي. عندما انتُخِب
هذا الأخير رئيساً وعاد السّتراوسيّون إلى البيت الأبيض، قبِل زلنسكي بجميع
اقتراحاتهم. بذلك، تمّ تشييد أنصبة لإحياء ذكرى ستيبان بنديرا، قائد المُتعاونين
مع النّازيّين خلال الحرب العالمية الثانية. في النّهاية، دعم زلنسكي أيديولوجية
بنديرا، الّتي تقول بوجود أصلَين للشّعب الأوكراني: الأوّل سكاندينافي وبروتو-جِرماني،
الثّاني سلافيّ، وبأنّ المجموعة الأولى وحدها أوكرانية حقّاً، بينما ليست الثّانية
إلّا روسيّة، وأقلّ من بَشَريّة. دفع زلنسكي البرلمان إلى تبنّي "قانون
متعلّق بالشّعوب المحلّيّة"، يمنع الاوكرانيين ذوي الأصول السّلافية من
التّمتّع بحقوق الإنسان والحرّيّات الأساسية. لم يتمّ تطبيق هذا القانون بعد.
خلال سبعة أعوام، ارتكبت
الفصائل النّازيّة مجازراً عشوائيّةً بحقّ سكّان الدّونباس، دون أن تحرّك المانيا
وفرنسا ساكناً، رغم توقيعهما على اتّفاقات مينسك. كذلك، تجاهلت منظّمة الأمم
المُتّحدة ما يحصل. خلال سبعة أعوام، تطوّرت هذه الفصائل، وانتقلت من عدّة مئات
إلى عدّة آلاف.
بطلبٍ من فيكتوريا نولاند، عيّن
فولوديمير زلنسكي دميترو ياروش مستشاراً خاصّاً لقائد الجيوش، فاليري زالوزنيه. هذا
الأخير، الّذي بدا مستاءً بشكلٍ واضح، رفض التّعليق على تعيين ياروش، لأسبابٍ
متعلّقةٍ "بالأمن الوطني". أعاد ياروش تنظيم النّيونازيّين، فكوّن منهم
فرقتَين وعدّة مجموعات مُرابِطة في داخل المُدُن. أعطى ياروش الأمر بإطلاق هجومٍ
واسعٍ ضدّ المنطقتَين الإنفصاليّتَين، في نهاية الأسبوع الّتي جرى خلالها مؤتمر
ميونخ للأمن، ممّا تسبّب بالرّد الرّوسي.
في ٣ آذار، هزم الجيش الرّوسي
فرقة أيدر النّازيّة. عيّن الرّئيس زلنسكي عندئذ قائدها حاكماً لِأوديسّا، مكلّفاً
إيّاه مهمّة منع الجيوش الرّوسيّة من وَصلِ شبه جزيرة القرم بترانسنيستريا.
جميع هذه الوقائع لا تقبل الشّك.
من الممكن أن نعتبر الجواب الرّوسي غير مناسب ومبالغ فيه، ولكن لا يمكن أن نعتبره
غير مُحِقّ.
لا يجب أن ننسى أنّ تجربة الحرب
العالمية الثانية كانت مُختَلِفة في الغرب وفي الشّرق. في اوروبا الغربية، كانت
النّازيّة ديكتاتوريّة قامت بخطف وقتل الملايين من أبناء الأقليّات الغجرية
واليهودية في مخيّمات الموت. في اوروبا الشّرقية، إختلف المشروع النّازي كُلّيّاً.
تعلّق الأمر بتحرير المجال الحيوي عبر إبادة السّكان السّلافيّين. لم يكن هنالك من
حاجة للمخيّمات، لأنّ المطلوب كان قتل الجميع. لا يمكن مقارنة حِدّة الدّمار
أبداً، فالإتّحاد السّوفياتي وحده خسر ٢٧ مليون شخص. بُنِيَت روسيا الحديثة على
ذِكرى هذه الحرب الوطنية العُظمى ضدّ النّازيّة. بالنّسبة للرّوس، لِبس الصّلبان
المعقوفة وتبنّي القوانين العرقيّة غير مقبول، ويجب التّحرّك ضدّها قبل أن تُطَبّق.
0 تعليقات