علي المؤمن
بعد أن نشرت كلمة قصيرة بحق السيد موسى الصدر، مؤسس النهضة الشيعية
المعاصرة في لبنان، وأحد المؤسسين الثلاثة للنهضة الشيعية العالمية المعاصرة؛
سألني بعض الأحبة عن جنسيته وأصوله الوطنية. أجيب باختصار: السيد موسى الصدر هو
عراقي إيراني لبناني، أي إنه ينتمي إلى البلدان الثلاثة معاّ، في أصوله البعيدة
والقريبة، حاله حال كل آل الصدر، فهي أسرة كثيرة الهجرة، وتشبه بعض الأسر العلمية
العلوية الكبيرة، كآل الغريفي مثالاً.
وتعود أصول آل الصدر البعيدة الى لبنان ( بلدة شحور وبلدة معركة في
جنوب لبنان)، وهم فرع من آل شرف الدين (من السادة المجابية الموسوية). أما أصولهم
القريبة، فتعود إلى العراق وإيران، لأن جد الأسرة ومؤسسها السيد صدر الدين شرف
الدين الموسوي العاملي، استقر في أصفهان بعد هجرته من لبنان الى النجف قبل 240 سنة
تقريباّ (
أما الوحيد الذي هاجر من بين الأخوة الخمسة، من أصفهان الى النجف،
فهو المرجع الديني السيد إسماعيل الصدر (جد السيد موسى الصدر والسيد محمد باقر
الصدر والسيد محمد صادق الصدر)، والذي بقي أبناؤه وأحفاده يتنقلون بين العراق
وإيران، ولذلك؛ حمل قسم من أبناء السيد إسماعيل الجنسية العراقية، وهم السيد حيدر
(والد السيد محمد باقر الصدر) والسيد محمد مهدي (والد السيد محمد صادق الصدر)
والسيد محمد جواد، بينما حمل أخوهم السيد صدر الدين الصدر (والد السيد موسى الصدر)
الجنسية الإيرانية.
وكان السيد موسى الصدر هو الوحيد من آل الصدر الذي حصل على الجنسية
اللبنانية، وذلك بمرسوم جمهوري خاص في العام 1968، مع احتفاظه بجنسيته الإيرانية.
ولد السيد موسى الصدر في مدينة قم بإيران في العام 1928، وعاش فيها، ودرس في حوزة
قم وجامعة طهران، بينما ولد أبوه المرجع الديني السيد صدر الدين في الكاظمية، أما
جده المرجع الديني السيد إسماعيل فقد ولد في أصفهان. وبعد هجرة السيد صدر الدين
الصدر من العراق الى إيران في مطلع شبابه، تزوج في مشهد من كريمة المرجع الديني
السيد حسين القمي، ثم أصبح أحد مراجع قم الكبار، وقد ولد وعاش فيها جميع أبنائه
وبناته العشرة وذراريهم، وقد هاجر من بينهم ثلاثة، وهم السيد موسى والسيدة رباب،
اللذان عاشا في لبنان، والسيدة فاطمة، التي تزوجت من السيد محمد باقر الصدر وعاشت
في النجف حتى استشهاده.
وكان السيد موسى الصدر أحد تلاميذ الإمام الخميني ووكلائه، وظل
يدعم حراك الإمام الخميني من داخل لبنان، ولذلك؛ كان يتعرض باستمرار لمضايقات نظام
الشاه وعملائه في لبنان. ومن جانب آخر كان السيد موسى أحد قادة الجهاد ضد الكيان
الإسرائيلي، كما كان يدعم حراك ابن عمه السيد محمد باقر الصدر في العراق، وينسق
معه في الخارج، أي أنه كان يقاتل على أربع جبهات: جبهة نهضة شيعة لبنان، جبهة ضد
نظام الشاه في إيران، جبهة ضد الكيان الإسرائيلي وجبهة ضد نظام البعث العراقي.
وكما كان السيد موسى الصدر يعمل بكل إخلاص للبنان؛ فقد كان يعمل
بإخلاص لإيران والعراق أيضاً، كما كان يعتبر نفسه فلسطينياً، ويعمل لقضية فلسطين،
ولم يكن يرى أن في ذلك تعارضاّ مع مفهوم الوطنية، حتى بالتعريف الوضعي للوطن، ولم
يكن يعمل بما يتعارض بين وطنيته وبين عقيدته الإسلامية الشيعية، لأنه كان يعد
قضيته هي الوطن، رغم إيمانه بمبدأ الأولويات الجغرافية، ككل المرجعيات الدينية
الشيعية ووكلائها، ولذلك؛ كان السيد موسى الصدر يقدم لبنان على غيرها في تكريس
الاهتمام وحجمه ونوعه، بسبب استيطانه فيه، وهو تكريس لايتعارض مع الانتماء العقدي.
0 تعليقات