آخر الأخبار

العلم والإيمان إنتاج أم محاولات استنساخ

 

 

 


 

محمود جابر

 

 

ينهض الدين بدور هام فى تكوين الرأي العام فى معظم دول العالم المتقدم والنامى على حد سواء، فى کافة المجالات الاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والاقتصادية، والعلمية. وبذلك يمکن القول بأن الدين أحد الدعامات الرئيسية في بناء الحضارة الإنسانية، والنشاط الإنساني ككل، من حيث استمراره، وتقدمه أو تراجعه .

 

ومن الملاحظ أن العلاقة بين الدين والدولة تختلف من مجتمع لأخر، ومن مرحلة تاريخية إلى مرحلة أخرى؛ وفقاً لمكانة الدين فى حياة الناس، ووفق خصوصية کل مجتمع، ووفق رؤية الأنظمة الحاكمة لمكانة الدين، وتأثيره من ناحية، ومن ناحية أخرى، وفق رؤية وفهم القوى الاجتماعية الأخرى (غير الدولة) لمكانة الدين، ومدى الانسجام بين رؤية الدولة، والقوى الاجتماعية الأخرى، والتوافق أو الاختلاف فيما بين الرؤيتين.

 

إن فكرة إخضاع الدين للسياسة، عن طريق اعتبار الدين مجرد وسيلة يستعملها الحاكم لتحقيق أهدافه السياسية اجتماعية، من خلال إخضاع الدين للسياسة، کعامل استقرار اجتماعي، وللوصول للسلطة والحفاظ عليها.

 

وقد تستخدم القوى الاجتماعية الأخرى (غير السلطة) الدين لكسب الشرعية، وللتاکيد على أن قراراتها ومواقفها منسجمة مع الدين.

 

وفى حالات كثيرة حينما ترى السلطة أن استخدام الدين أصبح حالة اجتماعية، وخشية من أن تواجه جماعات اجتماعية دينية وسياسية مجتمعه، فإنها تفرق بينهم ما بين ديني سلفي، وديني مستنير، وديني متعصب..

وتستطيع أن تستخدم كل منهم فى معركة ما دون ان تسمح باجتماعهم جميعا فى معركة واحدة، حتى لا يجتمعون عليها.

 

ففى مصر حينما بدأ السادات رحلته للتخلص من الإرث الناصري، أطلق العديد من تلك الجماعات السياسية والاجتماعية الدينية، وأطلق للجميع حرية العمل والحركة والتمويل، متحالفا معهم جميعا سرا حتى لا يحسب أحد منهم عليه، ففى الوقت الذى كان يعقد الاتفاق مع الإخوان بنفسه، كان يأمر معاونيه لعمل جماعات إسلامية من طلاب الجامعات المصرية، ويسمح بعمل الجمعيات الاجتماعية الدينية – أنصار السنة والجمعية الشرعية (نموذجا)- ويسمح بأن يقترب منه نموذجا فرديا أزهريا كالشعراوى، ويبغض أخاه الأخر الشيخ كشك، رغم السماح بتداول محاضراته وكتبه، ويصنع نموذجا دينيا عصريا علميا يقرن ما بين العلم والإيمان كعنوان للدولة الساداتية .

 

ثم يصبح الرئيس السادات – محمد أنور السادات – ويضيف الى ألقابه (بطل الحرب والسلام) لقبا آخر وهو (الرئيس المؤمن) ..

 

اعتقد ان التجربة المصرية الساداتية بانجازاتها للسلطة الحاكمة كانت وما تزال تثير رغبة السلطة فى التكرار سواء بشكل صريح أو باستحياء، ولكن اجزم أن هناك رغبة ملحة فى إعادة هذا الإنتاج من خلال النور السلفى، وبعض المتطلعين لملء مكانة الدكتور مصطفى محمود وعمله الديني الاجتماعي، فهذه المهم دائما وابدا تحتاجها السلطة لتمرير ما تشاء وقتما تشاء وكيفما تشاء.

 

ففى الوقت الذى تعانى فيه السلطة من أزمة موازنة جديدة للعام المالى 2022/2023، وخوفا من ان يشغل هذا الأمر الرأي العام فإذا بالدكتور المؤمن حسام موافى يدخل الى ساحة الرأي العام بقنبلة لم تفلح فيها نجلاء فتحى حينما تناولت بالنقد عادل إمام، ولكن الدكتور موافى اخذ الرأي العام حيث شاءت السلطة بعيدا عن الموازنة العامة، كل هذا حدث دون ان تتبنى السلطة هذا النموذج، فكيف بها اذا تبنته، استنساخا أو إعادة إنتاج ؟!!

إرسال تعليق

0 تعليقات