علي الأصولي
يعيش المواطن في
العصر الحميري أغلب حياته في ظل الوهم وفي ظل الخديعة، ويعيش في انتظار الوهم الذي
سيتحقق بفضل قيادة وتوجيهات وتعليمات وإرشادات وتخطيطات الزعيم الملهم، مارشال
البر والبحر والجو، والوريث الوحيد والأكيد لخالد بن الوليد والقعقاع والظاهر
بيبرس وعلي بيك الكبير وعلي بيه لوز ...
أنت تتكلمين عن عالم
طبيعي وأنا أتكلم عن عالم حميري، فالمارشالات تبعنا لا يحاربون أعداءنا إلا في
الإذاعة، ويتصدون للإمبريالية في الصحف والجرائد السيّارة، وهم في أعماق أعماقهم
يتمنون أن يبقى العدو لا يبرح مكانه، لأن وجود العدو داخل أراضينا، يجعل منه
شمّاعة يعلق عليها المارشالات كل أخطائهم وخطاياهم، وبسبب العدو الذي لم يجرؤ
مارشال واحد منهم على التهويب نحو حدوده، تضيق السجون بالأحرار، وتلتف حبال
المشانق حول رقاب المعارضين، وبسببه أيضا تختفي الديمقراطية ويُسحق المواطن
المسكين تحت الأقدام" أنتهى"مقتطف من كتاب (حمار من الشرق) محمود
السعدني.
يبدو لي بأن إشكالية الفرد العراقي تشبه الى حد
كبير ما وصفه محمود السعدني فهو - اي الفرد العراقي - في الوقت
الذي يلعن اليوم الذي ولد فيه بالعراق جراء سياسة حكامه قديما وحديثا وما أنتج من
مخرجات حكامه وسوء الإدارة والفساد والأمراض والغلاء والفقر والكوارث التي شاهدها
وسمع بها في الواقع والمواقع، أقول" في الوقت الذي يعلن العراقي فيه سوء
طالعه، تراه تحت طاعة مارشال ومبايعته - عمليا او نظريا - فالتخندق مع النفس
وتمجيد مارشالات حزبه وطائفته وقوميته ودينه ومذهبه، بلا أدنى فكرة عن ان سبب
مآسيه هو مارشاله وأطماعه وسوء إدارته. بالتالي وعلى حد تعبر السعدني يعيش المواطن
في العصر الحميري أغلب حياته في ظل الوهم وفي ظل الخديعة .. وإلى الله تصير الأمور ..
0 تعليقات