محمود جابر
المقاربة بين شىء
وشىء آخر لابد من وجود تناظر بينهما، فإذا خلا التناظر سقطة المقاربة، وإذا تحدثنا
عن الحج باعتبارها عبادة وفريضة نجد ان الله تعالى قال : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ
بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ
عَمِيقٍ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ
مَعْلُومَاتٍ)
بعض الناس وضعوا الحج
فى مقاربة مع زيارة الإمام الحسين، محاولة بالتدليس والابتداع، وكأنهما أمرين
متماثلين أو متناظرين،
إن هذه المقارنة بين
أمر واجب وأمر مستحب في غير محلها، لأن المقارنة تكون بين أمرين مشتركين مندرجين
تحت عنوان واحد، فحقيقة الواجب تختلف عن حقيقة المستحب، إذ أن الواجب فيه أمر
بالفعل ونهي شرعي عن الترك، بينما حقيقة المستحب انه أمر بالفعل مع جواز الترك،
وبالتالي فالمقارنة بين الأمرين في غير محلها، ولكي تصح المقارنة فلا بد وان تكون
بين أمرين مشتركين كأن تكون بين واجبين او مستحبين مثلا، ولا تصح بين واجب ومستحب.
فالله تعالى أمر
الناس أن يأتون إلى الحج من كل مكان إلى ساحة هذا البيت العتيق ..
ثم وضع الله تعالى
قواعد وسلوك لمن قصد الحج فقال فَمَنْ
فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴿197/ 198 البقرة﴾.
وَلِلَّهِ عَلَى
النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴿٩٧ آل عمران﴾
فهذه الفريضة واجبة،
ينظر الله تعالى إلى حجاج بيته الحرام كرامة ورضى وقبولا، باجتماعهم حول بيته
العتيق الأول، وأداء الفريضة المفروضة عليهم، وما تقرب إلى الله بشىء أحب إلى الله
من الفرائض.... والحج هى الفريضة الكبرى، ومن الجرم، والكذب على الله قول بعضهم ان
الله ينظر الى زوار الحسين قبل ان ينظر الى حجاج بيته الحرام، فهؤلاء كذبوا على الله
وأساءوا الى الحسين، فالحب إتباع، وهؤلاء يقيمون البدع فى الدين والكذب على الله
بقولهم هذا .
فالإمام الصادق لم
يقبل من سدير ما قاله احدهما يأتينا عنكم أن زيارة الإمام الحسين تعادل حج وعمره،
فقال له الإمام : ما أصعب هذا الحديث ...
فالإمام الصادق لم
يقبل هذا القول فكيف بمن يتقول على الأئمة الأطهار الأبرار بأن الزيارة تعدل سبعين
حجة، حتى أوصلها مزايدة الوضاعين الكاذبين على الله ورسوله والأئمة ألف ألف !! بل
إن البعض جعل زيارة الحسين كزيارة الله فى عرشه، وهذا تجسيد فج، وكان لله عرش وجبت
زيارته، ومن هنا فالصورة الذهنية التى يراد نقلها للزائر وفق منظومة من الأحاديث
المكذوبة أن الزائر للحسين يذهب الى باب العطاء، وباب المنع وباب الموت وباب
الحياة، وهى مقاربة بفلسفة الحلول والاتحاد، ومن ينكر منهم هذا فنقول هى صورة اقرب
لما تقولونه فى الفيض وكان القبر مكان فيض للرزق والحياة !!
ثم يشد خط الكذب على
استقامته، وحتى تكتمل أسطورة التدليس والكذب ، فيأتيك من يقول لك ان تربة كربلاء أفضل
من مكة المكرمة، وليست شعرى فمكة مدينة لها أحكامها فى الدخول والخروج والإقامة
والصلاة يعرفها كل أهل الإسلام، لا يشذ عنهم احد إلا أهل الشذوذ، فصيدها محرم،
ولقيطتها محرمه، وطيرها آمن .. ولا توجد مدينة تشترك فى هذه الأحكام مع مكة سوى
مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما انعقد عليه إجماع أهل الملة جميعا
.....
صحة الأحكام الشرعية
ودلالاتها يجب أن لا يكون للعواطف والأهواء الشخصية وجود فيها بل يستوجب وجود
المعرفة العلمية المستند إلى أحكام الإسلام المتجردة عن الهوى، و حيث الحج واجب
شرعي في الإسلام للمستطيع صحيا وماليا وتركه يترتب عليه الإثم، بينما الزيارة للإمام الحسين حكم مندوب الإتيان
بها فيه اجر وتركها لا يترتب عليه معصية واثم، وهنا السؤال:أيهما أفضل الوقوف على جبل عرفه أم
زيارة الإمام الحسين (ع) في كربلاء ؟! بالقطع اليقيني الوقوف في عرفه بحكم الوجوب،
ثم محاولة الخروج من القضية بوضع مستحبين – حج – وزيارة، فكلاهما لا يضعان
بمقارنه، ويقينا كل الروايات التى تحدثت عن هذه القضية لا صحة لها وهى من وضع
الغلاة والسلام.
0 تعليقات