آخر الأخبار

عقوبة حد الردة ..

 





علي الأصولي

 

من الغريب أن لا تجد قرآنيا أي مستند لعقوبة حد الردة مع ما للعقوبة من أثر كبير في واقع الحياة لأنها مفضية لحد إعدام الحياة وسلبها. نعم" من الغريب بأن تجد تفاصيل الحدود والقصاص ولكن مع وصول النوبة لهذه المسألة لا تجد في القرآن الكريم أثر يذكر .

 

ومن هنا تمسك الفقهاء وعلى اختلاف مدارسهم بالسنة كونها المصدر الثاني من مصادر التشريع ولهذا وجدوا النصوص في تشريع هذا الحد بل والشواهد التاريخية مؤيدة لهذا السلوك النبوي.

 

وبالتالي أخذ الفقهاء هذه النصوص بلا قيد ولا شرط بحسب مدوناتهم الأفتائية.

 

وعدم وجود المستند القرآني لهذا التشريع يدعو إلى المزيد من التأمل والبحث عن السبب وراء غض النظر قرآنيا لتشريع حد الردة وإيكالها للسنة النبوية.

 

أقول" عدم وجود الحكم في القرآن الكريم في حد الردة يدل على أن الأمر موكول إلى النبي "صلى الله عليه وآله" باعتباره حاكما لا بلحاظ كونه نبيا أو قاضيا. بالتالي يرتب الحكم بعد ملاحظة المصالح والمفاسد ومدخلية الزمان. خاصة مع ملاحظة أن الارتداد في عصر النص كان على أغلبه تطرأ عليه عناوين ثانوية من قبيل التآمر على الإسلام والمسلمين. وفي سبيل حفظ وضمان الأصول الإسلامية وغيرها من الأصول العامة يقوم النبي"صلى الله عليه وآله" بتنقيح الموضوع بشكل عام ويصدر الأمر الحكومي تجاهه.

 

وكيف كان" يمكن القول بأن حكم الارتداد وتنفيذ العقوبة بعد تنقيح الموضوع من الأحكام الحكومية التاريخية وإسرائها لعصر الغيبة تحتاج إلى ولاية موازية لولاية نفس النبي"صلى الله عليه وآله" وشخصيا لا أجازف بدعوى وجود مثل هذه الولاية بعرضها العريض في طول وعرض المذاهب الإسلامية وفقهائها ومن يدعي خلاف ذلك فعهدته على مدعيه ناهيك عن مزاحمة مقام ومنصب النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"

 

لوازم عدم تاريخية حد الردة .

 

الأصل بتشريع العقوبات الجنائية هو الحد من الجرائم كما أن الأصل من تشريع القوانين هو تفادي الوقوع بالهرج والمرج وبالتالي اختلال النظام.

 

ولا يكفي تشريع بلا ضابط معين ولا تشخيص صحيح ولا نظر للمآلات والنتائج وإلا فهو نقض للغرض. نعم" أصل الردة والارتداد بحسب حدود فهمي تصنف من الجرائم السياسية وان لبست لبوس الثوب العقائدي. ومن هنا ذكرت بأن إقامة حد الردة بناءا على سعة الولاية ونفوذ الحكم الولايتي لا الفتوائي.

 

وبالجملة" إن حصر تنقيح الموضوع وتنفيذ الحد من الحقوق الحصرية للمعصوم. وإلا لو فتحنا الباب لا أقل إماميا فلا يمكن منع أي فقيه من فقهاء العامة وسلفيتها ووفق إجتهاداتهم بتنقيح الموضوع وبالتالي التنفيذ وكما ترى هنا يفُتح لنا بابا ليس من السهولة غلقه.

 

وما تراه مغلوطا بيد غيرك يراه الآخر صوابا بيده والعكس صحيح.

 

وكل ذلك يستلزم نقض الغرض الذي وجد الحكم لأجله والأفق ببابك ولا من مزيد ..

إرسال تعليق

0 تعليقات