علي الأصولي
حاول الخصم إدانة
إخفاء الحقائق بدعوى مخالفتها لمنهج وصريح القرآن الكريم. فقد ذكر في مقال سابق
محاولة الإدانة بما نصه[ لا شك عندي إن كتم أمثال هذه الحقائق هو من أبرز مصاديق
الكتمان القرآني الذي ورد فيه قوله تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب
ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم الإ النار ولا يكلمهم الله يوم
القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم) ومن الحقائق التي أريد كتمانها هي الدعوى
التاريخية الناصة على بيعة الإمام السجاد "عليهم السلام" ليزيد بن
معاوية بعد واقعة الحرة.
واستشهد الخصم بقصة
منقولة عن كتاب [معرفة الإمام] للسيد الطهراني محمد حسسن الحسيني. وحاصلها:
قال المرحوم القمّيّ
مخاطباً المرحوم الأمين : لِمَ ذكرتَ في كتاب [أعيان الشيعة] بيعة الإمام زين
العابدين "عليه السلام" ليزيد بن معاوية عليه وعلى أبيه اللعنة والهاوية
؟!
فقال : إنّ [أعيان
الشيعة] كتاب تأريخ وسيرة. ولمّا ثبت بالأدلّة القاطعة أنّ مسلم بن عقبة حين هاجم
المدينة بجيشه الجرّار ، وقتل ونهب وأباح الدماء والنفوس والفروج والأموال ثلاثة
أيّام بأمر يزيد ، وارتكب من الجرائم ما يعجز القلم عن وصفها ، فقد بايع الإمام
السجّاد "عليه السلام" من وحي المصالح الضروريّة اللازمة ، والتقيّة
حفظاً لنفسه ونفوس أهل بيته من بني هاشم ، فكيف لا أكتب ذلك ولا أذكره في التأريخ
؟! ومثل هذه البيعة كبيعة أمير المؤمنين "عليه السلام" أبا بكر بعد ستّة
أشهر من وفاة الرسول الأكرم واستشهاد الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله
عليهما .
قال المرحوم القمّيّ :
لا يصلح ذكر هذه الأُمور وإن كانت ثابتة ، لأنّها تؤدّي إلى ضعف عقائد الناس . وينبغي
دائماً أن تُذكر الوقائع التي لا تتنافى مع عقيدة الناس.
قال المرحوم الأمين: أنا لا أدري أي الوقائع فيها مصلحة وأيها ليس
فيها مصلحة. عليك أن تذكّرني في الأمور التي ليس فيها مصلحة فلا أكتبها. أنتهى"
والرد عليه بنقط:
أولا: إن قول إخفاء
الحقائق من أبرز مصاديق الكتمان فهذا ليس بصحيح على إطلاقه. كون إن المخفي لو صح
من الأمور التاريخية. وإن عد إخفاء الأمر التاريخي من مصاديق الكتمان الإ أنه ليس
من أبرز مصاديقه. وبالتالي الاستشهاد بآية (إن الذين يكتمون ما أنزل الله) أجنبية
عن الموضوع كون متعلقاها كتمان ما أنزل الله من الكتاب الذي هو مصدر الدين
والتشريع. وعليه تعرف
إن الخصم يعاني من
عدم ضبط المنطق والفقه وتطبيقاته.
ثانيا: أورد الكليني
في [روضة الكافي ج٨] أن يزيد سأل الإمام السجاد "عليه السلام" إن يكون
عبدا له فرضي بذلك. وحاول غير واحد وصرف البيعة إلى كونها تقية إذ لا بيعة لمكره. الإ
إن إشكال هذه البيعة هو في كبرى عدم حضور يزيد بن معاوية لمكة او للمدينة على طول
خط الخلافة إلى أن هلك. وبذلك إن سقوط كبرى عدم السفر كما هو المعروف تاريخيا كاف
بعدم مؤونة الذهاب نحو عذر التقية.
ثالثا: في سبيل إثبات
دعوى البيعة قالوا : إن مسلم بن عقبة وقبل إجتياحه للمدينة هو من أخذ البيعة من
جماعة ومنهم الإمام السجاد "عليه السلام" الإ إن من ذهب لهذا الرأي
التاريخي كأبي الحديد المعتزلي تبعا للمورخ الطبري لم يذكر بيعة بشرط العبودية وإن
اشترطها مسلم بن عقبة على أهل المدينة آنذاك. بناءا على كتاب خليفة الشام ومن أبى
يضرب عنقه. وإسترسل المؤرخ الطبري قوله: فأتاه علي بن الحسين - اي لمسلم قائد
الجيش - فقال له علام يُريد يزيد أن أبايعه؟ فقال له - مسلم - على أنك أخ وإبن عم ...
بالتالي لم تحصل البيعة المشروطة. وطبيعي إن قائد الجيش الأموي لا يملي من عندياته
بل هناك تعاليم بكتاب أو وصية مضمونها أخذ البيعة المشروطة وإستباحت المدينة بدعوى
التمرد. بل إن التاريخ نقل إن بيت الإمام السجاد "عليه السلام" اكتض
بالدخلاء من النساء والأطفال والرجال والعجزة على تفصيل ليس هنا محله.
رابعا: عودة على قصة
الشيخ القمي والسيد الأمين ما فعله السيد الأمين هو النقل بإنصاف وموضوعية وإعتراض
الشيخ القمي هو من قبيل [إذا كان الكذب حرام فالصدق ليس بواجب].
0 تعليقات