عز الدين البغدادي
من الأمور التي لا
يلقى عليها الضوء إلا نادرا هو وجود تمييز عنصري شيعي- شيعي، حيث ينظر كثير من
أبناء المناطق الدينية الشيعية لأنفسهم على أنهم أرقى من أبناء الجنوب، وأن هؤلاء
يمثلون حالة متخلفة ربما يعبر عنهم أحيانا بأنهم "معدان".
وواقعا إنه أمر عجيب أن الشيعة يمارسون فعلا
نظرية التمييز المناطقي أو العرقي بشكل واضح، ومن قديم رفع بعض أهل النجف شعار "ألف
مصري ولا بصري" وذلك عندما حصلت هجرة كبيرة سنة 1987 اثر هجمات القوات الإيرانية
التي كانت تهدف الى احتلال البصرة.. وكثير من قادة الأحزاب الدينية من النجف
وكربلاء يعبرون أنفسهم مميزين، وينظرون الى شيعة الجنوب على أنهم من طبقة اقل
وأنهم يمثلون الكتلة البشرية التي تقدم التضحيات لكن دون ان تصل الى استحقاق
القيادة. ودوما كان طلبة العلم من الجنوب يأتون ليتحولون إلى روزوخنية ينعون
ويلطمون، ولا يجوز لأحد أن يفكر بالوصول الى رتبة الاجتهاد لا سيما وأنه لقبه كما
يقال دائما لا ينتهي بـ "آني".
وأتذكر هنا ما قاله
صديق لي من أهل الكاظمية : ان جده جاء الى الكاظمية ومع ذلك ينظر إليه باعتبار أنه
ليس كظماويا أصليا، قال وهو يضحك: تذهب الى السويد فتحصل خلال فترة قصيرة على
الجنسية ومكتسباتها، وهنا تعيش لثلاثة أجيال وأنت غير مقبول بينهم رغم انك لا تحصل
على اي شيء من هذا اللقب. ومن باب الطرفة اذكر قصة سيد طيب فقير من أهالي الكاظمية
توفي رحمه الله كان يعتقد اني من التيار، فرآني يوما فناداني وقال بغضب: شيخنا،
ليش سيد مقتدى يتصرف بهذه الطريقة؟ قلت له: خيرا سيد، فقال: دخل بالعملية السياسية
فسكتنا، فعل كذا وكذا فسكتنا، وأخيرا يخلي أيده بيد الشروك‼ ضحكت وقلت له: الله يهديه ويهديك، وانصرفت.
هناك إشكالات
اجتماعية لكون معظم المهاجرين هم من طبقات فقيرة لا تجد فرص عمل في مدنها، وهذه
المسألة تتحملها السلطة الفاسدة التي تحكم البلد. وعموما، كربلاء منذ قرون كانت
تمثل قاعدة للتوافد الأجنبي (إيراني، هندي، أفغاني، وأيضا تركي) والمدينة تستقبلهم
ولا تضيق ذرعا بهم وبخرافاتهم، لكن عندما يتعلق الأمر بعشائر وأسر عربية فهنا تثار
الحساسيات. عضو البرلمان ضياء الهندي اختار اسم جده "هندي" ليكون بديلا
عن لقبه الحسناوي نسبة الى عشيرة بني حسن العشيرة العربية الكريمة التي كان عليه
ان يفتخر بها، لم يفتح ملف التجنس المنفلت الذي ادخل الكثير من الأسماء والأسر وأعطاها
الجنسية خلافا للقوانين والتعليمات، لكنه انزعج من هجرة المعدان العرب.. على كل لا
اعتب عليه فهذا زمنه وزمن أمثاله، لكن الكارثة انه من حركة "امتداد" التي
طرحت نفسها كممثلة لثورة تشرين….
أيها الهندي… كربلاء
لأهلها، وأهلها هم العراقيون حيثما كانوا…
وربنا المستعان
0 تعليقات