علي الأصولي
لا شك ولا ريب بأن
سليمان بن الصرد الخزاعي من كبار فقهاء الشيعة ووجهائهم وثقاتهم ومستودع سرهم في
الكوفة. علاوة على كونه من صحابة النبي "صلى الله عليه وآله" وابن عمه
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" أقول" لا شك في كل ما
ذكرناه تبعا لصحيح السيرة والتاريخ كما إن المقطوع به تاريخيا أنه لم يناصر الحسين
بن علي بن أبي طالب"عليه السلام" في محنته وحصاره في كربلاء العراق. ومن
هنا حاول غير وأحد للبحث عن المعاذير الشرعية والمبررات العقلائية لإشكالية عدم
النصرة وعدم تصور التقصير لمثل هذه الشخصية البارزة في الوسط الشيعي الكوفي آنذاك.
وممن حاول البحث عن
عذر عدم النصرة هو السيد علي الميلاني في كتابه [من هم قتلة الحسين] بدعوى إن
سليمان بن الصرد قد تم إيداعه في السجن مع المختار الثقفي. وساق السيد الميلاني
على ادعاءه ما يلي:
النقطة الأولى: أنّ
ابن زياد لم يترك أحدًا يحتمل أن ينصر الإمام الحسين إلا وقد سجنه، وقد جاء في
خطاب ابن زياد: (وما تركت لكم ذا ظنّة أخافه عليكم إلا وهو في سجنكم) [تاريخ
الطبري ج ٣ ص ٣٦٤] ولا شكّ أنّ سليمان بن صرد من أبرز من يخاف منه عليهم!
بتقريب: إن سليمان بن
الصرد من ابرز مصاديق ما يخاف منه ابن زياد.
وفيه: ما ذكره السيد
الميلاني لا يخرج عن دائرة الاحتمال والأطروحة وإن كنا لا نستبعد ذلك إلا إن
الطبري أهمل ولم يذكر الأسماء الشيعية البارزة التي تعتبر من الأرقام الشيعية
الصعبة في الكوفة من أمثال سليمان بن الصرد ومع عدم ذكر الأسماء فالدعوى لا تخرج عن
دائرة الاحتمال.
النقطة الثانية: إن
ابن زياد لما هلك يزيد ندم على قتل من أودعه السجن وقال: (كنت أقول ليتني كنتُ قد
أخرجت من أهل السجن فضربت أعناقهم) [تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣٧٥]، ولا معنى لهذا
التمني إلا لما أرى من ثوراتهم وشدة بأسهم عليه وكان من ضمنهم التوابين.
وفيه: وهذا كسابقه
حرفا بحرف. حتى مع القول بندم الحاكم لما رأى ثورة التوابين.
النقطة الثالثة: إن
سليمان بن صرد من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعروف بالصلاح عندهم كما
أنّه معروف بالولاء لآل محمد (صلوات الله عليهم) وقد ذكر المؤرخون أنّه (عجز عن
نصر الحسين) ولا تفسير لهذا العجز المبهم في كلامهم سوى أنّه كان في سجن بني أمية!
ولكن هؤلاء يخفون كون بني أمية يسجنون الصحابة!
وفيه: إن "العجز"
أعم من كونه في السجن فيمكن إن يقال عجز لمرض أو سفر أو قراءة إجتهادية. وكما ترى
إذا دخل الاحتمال بطل الاستدلال. وكيف كان" بالتالي يحتمل أن يكون منشأ العجز
هو السجن. ولكن لا يمكن القطع بهذا الرأي بحال من الأحوال لتعدد الاحتمالات.
وبالجملة: قلت في
مقالات سابقة إن سليمان بن الصرد الخزاعي مع جلالة قدره بالنتيجة تخاذل عن النصرة
ولذا ندم وجزع وبكى ولم ير بدا من تكفير ذنب عدم النصرة إلا بالثورة فكانت ثورة
التوابين. بالتالي التوبة التي اشتهر بها سليمان بن الصرد الخزاعي فرع الذنب
وتأنيب الضمير فلاحظ. ..
0 تعليقات