عز الدين البغدادي
مر
بي موقف وحيد مع الخطيب السيد فرقد القزويني وذلك في شهر آب سنة 1995، ويبدأ الأمر
من أيام الدراسة الجامعية حيث كانت لي علاقة متميزة مع الاخ ح. خ من أهالي الكفل- الحلة
بسبب تقارب توجهنا الديني والسياسي. وكنت احدثه عن رغبتي بالذهاب الى الحوزة
العلمية في النجف لغرض الدراسة بعد انتهاء الدراسة الجامعية. لم يكن وقتها متحمسا
جدا، لكن بعد فترة ليست طويلة سبقني هو الى الحوزة، واتصل بي في احد ايام شهر آب
من سنة 1995 وكنت وقتها أؤدي الخدمة العسكرية بينما رفض هو الالتحاق بالخدمة كموقف
شرعي بحسب مفاهيمنا في ذلك الوقت. وقد فاجأني عندما اخبرني بأنه يدرس في النجف
الأشرف، تحمست لرؤيته وأخبرته اني سأكون عنده يوم غد.
فعلا
توجهت صباحا، وذهبت الى شارع الإمام الصادق (ع) في النجف الاشرف الى مدرسة الآخوند
الوسطى التي صارت لاحقا مدرستي التي قضيت فيها ما يقارب ثلاث سنوات، جلسنا قليلا
ثم ابلغني بأن لديه مباحثة مع زميل له اسمه "فرقد القزويني" في مقبرة آل
القزويني في العمارة (احد أحياء النجف القديمة).
والمباحثة
هي عملية مراجعة تكون بين طالبين على الأقل يناقشان فيه الدرس ويراجعانه.
انطلقت
مع صديقي الى مقبرة القزويني وهناك التقيت بشاب طويل القامة أجش الصوت ونحيف،
وناقشا وأنا اسمع احد مواضيع النحو من كتاب "قطر الندي وبل الصدى" من
تأليف النحوي الكبير ابن هشام، وقد ذكرا احد الشواهد المعروفة التي تقول:
لقد رأيت عجبا مذ أمسا عجائزا مثل السعالي خمسا
الى
أن يقول: ولا لقين الدهر الا تعسا
وكان
نقاشهما في إعراب "الدهر" في آخر الأبيات، قال فرقد بانها مفعول به،
ويبدو ان صديقي وافقه، تدخلت وقلت للسيد القزويني:
عفوا
مولانا هذا ليس مفعولا به، بل مفعول فيه ظرف زمان.
نظر
الي شزرا، وهو بعمامته وغروره يصحح له شخص عامي يلبس البنطلون والقميص، وقال"
نعم صحيح. فهناك كثيرون ممن يعتقدون ان لبس العمامة له قيمة علمية، لا يملكها من
لم يلبسها.
عرفت
من صديقي لاحقا ان هذا الشخص من أسرة ال القزويني وانه خريج آداب- عربي من جامعة
القادسية على ما أذكر وأنه خطيب حسيني جاء الى النجف ليدرس لفترة محددة ثم يرجع
الى منطقته لممارسة الخطابة.
فارقتي
صديقي لزمن بسبب ظروف قاهرة، ثم التقيت به فقال لي:
تتذكر
سيد فرقد الذي التقينا به في أول زيارتك لي في النجف؟ قلت:
تغم،
قال: انضم الى السيد الصدر (ره) في مرجعيته ثم صار إماما للجمعة، ثم توجه توجها
خاصا لا سيما في ادعاءات طويلة عريضة عن المهدوية، وهو ما جعل السيد الصدر يتخذ
منه موقفا وينزل به بيانا.
ثم
التقيت به لاحقا في مسجد "كاشف الغطاء" حيث كان يعطي درسه، ويلتف حوله
عدد من المعممين. بالتأكيد هو لا يعرفني، وكذلك انا لم اعرفه في البداية بعد ان
صار ضخم الجثة كث اللحية. وكان دائما يثير أمورا يحاول واسطتها ان يتصدر ويظهر،
وموقفه من الاحتلال الأمريكي ودعمه معروف.
سيد
فرقد منذ سنوات يثير أمورا غريبة عجيبة، ويستغل الصمت المطبق تجاه ما يطرحه، وكثير
من الاخوة يسألونني عن طروحاته، فأقول لهم: الرجل ينطلق من "خالف تعرف" لا
يرتكز الى منهج ولا رؤية. وقد سبق أن أجبت عن بعض إشكالاته لا سيما في صفحتي
السابقة. وما يطرحه عن توقيت شهر رمضان منها وهو بلا شك ليس له وجه شرعي، وهو بدعة
وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
0 تعليقات