آخر الأخبار

ما جرى في البارد معيب

 

 


عمر حلمي الغول

 

في ذات اليوم والساعة، التي كانت قوات الجيش الإسرائيلي وعصاباتها من المستعربين تقتحم البلدة القيمة في نابلس جبل النار، قامت قوات من الجيش اللبناني باقتحام مخيم نهر البارد القريب من ميناء طرابلس، وعاثوا فيه تخريبا، وتكسيرا لأبواب بيوت الفلسطينيين الامنين، واعتدوا على النساء والأطفال والشيوخ بطريقة همجية ولا تنم عن اية روح من المسؤولية.

 

نعم كان فجر أول أمس الثلاثاء الموافق 25 أكتوبر الحالي، فجرا مروعا عكس روح الكراهية والحقد والعنصرية من قبل قوات الجيش اللبناني "الشقيق" تجاه أبناء المخيم، الذين يخضعون للأمن الرسمي اللبناني بذريعة البحث عن مطلوبين بارتكاب جرائم مختلفة. وكان بإمكان مديرية الشرطة اللبنانية في طرابلس او أي جهاز امني لبناني يستدعي المطلوبين من خلال إرسال استدعاء لهم، ولم تكن هناك أي حاجة تدعو الجيش لحملته المشبوهة، والتي تحمل رسالة تتجاوز ما أعلن عنه الجيش "الشقيق".

 

ويعلم قادة الجيش والأمن العام والمكتب الثاني ان الكل الفلسطيني من اعلى منبر قيادي فلسطيني في منظمة التحرير وحتى اخر مواطن فلسطيني يحرص على أمن وسلامة وسيادة لبنان، ويرفضون جميعهم اية تجاوزات، او إخلالات بامن لبنان الشقيق، ويعملون بكل إمكانياتهم لتوطيد العلاقات الأخوية المشتركة مع المؤسسات الأمنية والمدنية، فضلا عن الشعب الشقيق في الأراضي اللبنانية كلها. كما ان التجمعات الفلسطينية في المخيمات هي المستفيد الأول من اعتقال أي إنسان متورط باية إعمال مخلة ومسيئة للأمن العام اللبناني، او داخل المخيمات، وترفض رفضا قاطعا وجود أي متورط بأعمال مسيئة ومتناقضة مع أمن وسلامة وسيادة لبنان.

 

وهذا اكد عليه الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرات عدة، اثناء زياراته للبنان الشقيق، او اثناء لقاءاته مع المنابر الإعلامية. كما ان مختلف القيادات الفلسطينية المركزية، او المحلية من لجان شعبية إلى ممثلي الفصائل ومنسقي القوى، بالإضافة للسفير والسفارة، جميعهم على اتصال دائم مع جهات الاختصاص اللبنانية، ويحرص أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، او أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح في زياراتهم المتعاقبة للبنان على اللقاء مع مختلف المستويات القيادية بما في ذلك الرئاسات الثلاث، إضافة لمدير الامن العام، عباس إبراهيم، ويتم التنسيق حول كافة القضايا ذات الأهتمام المشترك. واضف الى ان قوات الجيش ترابط على بوابات المخيمات، وبالتالي لم يكن مقبولا تجييش حملة مجوقلة من مئات الجنود والاليات العسكرية لاقتحام المخيم، واستباحة حرمة البيوت، وتكسير الأثاث بذريعة التفتيش، وشتم الماجدات الفلسطينيات، واطلاق الرصاص علي بعضهن عشية اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، وهذا كله مرفوض رفضا قاطعا.

 

ما قام به الجيش اللبناني مدان، ومستنكر ومعيب، ولا يستقيم مع مستوى العلاقات الأخوية المشتركة بين الشعبين والقيادتين الشقيقتين، ولا يعكس الحرص على وحدة المصير المشترك والتكافل بينهما.

 

وكان الاجدر بالقائمين على الحملة العسكرية ان يتريثوا قبل الاقدام على الخطوة العدائية، التي اتخذوها. لانهم بهذه السياسة الخاطئة والمسيئة لم يؤدوا رسالتهم، بل العكس صحيح، أججوا مشاعر الألم والتباعد، وضربوا كل مشترك بين الشعبين والقيادتين، الا اذا كانت رسالتهم تهدف لضرب اسفين في العلاقات الأخوية المشتركة بين الجيش والشعب الفلسطيني، وتعميق عملية الترانسفير.

 

ولتتذكروا جميعا ومن مختلف المستويات السياسية والأمنية والعسكرية، ان الفلسطيني لا يملك الا كرامته، ولا يقبل ان تهان مهما بدا مسالما. لانها الخط الأحمر الأخير، وبالتالي على قيادة الجيش اللبناني أولا الاعتذار عن اقتحام المخيم؛ ثانيا تحمل المسؤولية الكاملة عن تطبيب الجرحى؛ ثالثا تعويض اللاجئين الفلسطينيين عن الخسائر التي نجمت عن حملتهم العسكرية المدانة؛ رابعا التعهد بعدم ارتكاب هكذا انتهاكات خطيرة تهدد مستقبل العلاقات الأخوية بين الشعبين والقيادتين؛ خامسا على القوى اللبنانية من مختلف المشارب والاتجاهات اصدار بيانات ضد الحملة العسكرية على المخيم، ومطالبة الجيش بالاعتذار رسميا وعلنيا عما ارتكبوه من عمل مشين.

 

وليعلم قادة الجيش وشركاءهم في المؤسسات الرسمية الأمنية والمدنية، ان أبناء الشعب الفلسطيني صامدون في لبنان، ولن يغادروه الا لفلسطين، عائدين لوطنهم. وبالتالي محاولات الدفع باتجاه الترانسفير غير المباشرة للفلسطينيين، بلا منها، لانها مفضوحة، ولن تمر. وتعلمون حتى من يهاجر لبلاد المغتربات من الفلسطينيين، مازالوا متمسكين بحق عودتهم للبنان الى ان يعودوا لفلسطين، وطنهم الام، حتى وان سحبت منهم وثائق السفر، ورغم كل قوانين التمييز الموجودة.

 

وسيبقى الشعب والقيادة الفلسطينية حريصة ومتمسكة باوثق العلاقات الأخوية المشتركة مع الشعب والقيادة اللبنانية، وسيحارب كل مظاهر الفساد والمخالفات أي كان نوعها او مستواها داخل المخيمات وخارجها. لان سلامتهم من سلامة لبنان السيد المستقل.

إرسال تعليق

0 تعليقات