آخر الأخبار

النخالة في فم العاصفة

 



عمر حلمي الغول

 

في اللقاء الذي أداره غسان بن جدو، مدير فضائية الميادين مع زياد النخالة قبل أمس الاثنين الموافق العاشر من أكتوبر الحالي بمناسبة انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي، التي مرت في السادس من هذا الشهر. آثار وسلط أمين عام الحركة الضوء على عددٍ من القضايا السياسية والأمنية، وتجاهل دور قوى، يفترض انها حليفة للحركة، وأعطى بعض القوى حقها الآني، وليس التاريخي فقط، واعترف على الملأ ببعض القصور في مواجهة العدو الإسرائيلي.

 

نقطتان مركزيتان حرص النخالة على إعطائها الأهمية، التي تستحق، وهي نقاط ليست جديدة، ولكن تركيز أمين عام حركة الجهاد عليها، منحها ثقلا ومكانة مركزية في خطاب الحركة الاسلاموية، ولما لها من انعكاسات على المستوي الفلسطيني.

 

النقطة الأولى: رفض الحل الاقتصادي، والرشوة التي تقدمها دولة الاستعمار الإسرائيلية لحركة الانقلاب الحمساوية عبر الوسيط القطري، والـتأكيد على الحل السياسي الوطني، وبالتالي رفض الهدنة مدفوعة الثمن من حقوق ومصالح الشعب، وعلى حسابه؛ النقطة الثانية أكد المناضل زياد على ان القوى الفاعلة في الضفة الفلسطينية بما فيها العاصمة القدس، هي حركتي فتح والجهاد الإسلامي، ولم يشر للقوى الأخرى وفي مقدمتها حركة حماس. وعكس بموقفه الواقع المعطي على الأرض، وكشف زيف ادعاء فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، باعتبارهم "رواد مقاومة".

 

وخلاصة النقطتان الواردة أعلاه، ان النخالة هدم جدارا أساسيا في مشروع حركة حماس، القائم على تشكيل جبهة نقيضة لمنظمة التحرير، التي كانت تسعى بالاتكاء على الجهاد، وقبلها على الجبهة الشعبية والقيادة العامة والصاعقة وبعض فصائل دمشق وعدد من المستقلين وأدواتها، التي فرختها في قطاع غزة لبناء تلك الجبهة، ولكن الشعبية نفضت يدها من المشروع، وكانت الديمقراطية غادرت باكرا وكر التآمر على المنظمة، وأيضا نأت كل من القيادة العامة والصاعقة بنفسها عن هذا الخيار المرفوض جملة وتفصيلا من قبل المكونات الأساسية في منظمة التحرير، وأخيرا لحقت حركة الجهاد بالموقف الوطني، وعكست حرصها على وحدة الأرض والشعب والمشروع الوطني، ورفضت عبث جماعة الاخوان المسلمين بالممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني. وبالتالي عزلت حركة حماس وادواتها ومن يدور في فلكها

 

هذا الموقف أثار عاصفة وزوبعة غير مسبوقة على النخالة في أوساط قيادات حركة حماس بدءا من يحيى السنوار مرورا ب"فتحي حماد ومحمود الزهار"، وتجرأ الأخير على مطالبة الجهاد بتغيير أمينها العام، والانقلاب عليه. لان خيار الانقلاب ديدينهم وأداتهم في تصفية الحسابات مع الخصوم الداخليين في حماس نفسها، ومع الفصائل والقوى والشخصيات المستقلة، ومع كل الخصوم أي كانت صفاتهم.

 

ليس هذا فحسب، بل ان حماد "عاير" أمين عام الجهاد، بان حركته الانقلابية "مولت" حركته، وأمنت له الوجود، وكأن محافظات الجنوب "تركة الوالد، ورثوها الإخوان أبا عن جد"، وطالب بإعادة نظر في العلاقة مع الجهاد الإسلامي.

 

والمواقف الغاضبة من قيادة حماس على أمين عام الجهاد، يؤكد ان حركة الانقلاب لا تقبل القسمة على الندية وحرية الرأي والتعبير، ولا تريد سماع الحقيقة، وتفترض في حلفائها، ان يكونوا مجرد أدوات، وبوق وصدى لصوتها الانقلابي، وغطاء لانتهاكاتها وخطاياها ضد الشعب والوطن والقضية والمصالح الوطنية العليا. لكن من يعرف حركة الجهاد الإسلامي منذ تأسست، وبغض النظر عن اية أخطاء وقعت بها في مسيرتها، الا انها لم تقبل يوما ان تكون مجرد طربوش، او ذيل في ركب حركة الانقلاب الحمساوية. وبالتالي على قوى منظمة التحرير وتحديدا حركة فتح، ان تعلن بعد مباركتها لانطلاقة الجهاد، دعوتها لحوار ثنائي مشترك مع الجهاد، وتوسيع دائرة الحوار مع فصائل منظمة التحرير، وتعزيز الشراكة السياسية والكفاحية لحماية الشعب والثورة ومنظمة التحرير والمشروع الوطني، ومحاصرة كل القوى المتربصة بالهوية الوطنية والممثل الشرعي والوحيد، وأصحاب خيار الإمارة والأجندات الإقليمية، الغارقون في مستنقع التنسيق المباشر وغير المباشر مع دولة التطهير العرقي من خلال شركائهم العرب ودول الإقليم الاسلاموية الاخوانية.

 

والنقطة الأخيرة، التي أولاها النخالة اهتماما، هي الإقرار بأنه وقيادة حركته، خانتهم الحكمة في إدارة حرب الخمسين ساعة في آب / أغسطس الماضي، والتسرع في إيقافها، وعدم تقدير الموقف بشكل علمي، مما أوقعهم في المحظور بالتساوق من حيث لا يدروا مع رغبات قيادة الانقلاب في محافظات القطاع. وهذه شجاعة تحسب له ولحركته، وتعطيه مصداقيه أعمق بين إخوانه وفي أوساط الحركة الوطنية الفلسطينية، بغض النظر ان اتفقوا او اختلفوا معه أو مع حركة الجهاد الإسلامي.

بالنتيجة على زياد النخالة وقيادة حركته وكوادره السياسية والعسكرية الانتباه والحذر من أخطار ما يمكن ان تعده حركة الانقلاب الحمساوية ضده وضد الجهاد عموما. وقادم الأيام سيكشف عن أعمال وانتهاكات ضدهم في قطاع غزة ولبنان.

إرسال تعليق

0 تعليقات