محمود جابر
تكمن أهمية الوحدة
والسلم بين الأمة
بأنه شرط ضروري لتحقيق القوة
والمنعة فى مواجهة التحديدات ، إذ يعد الأساس في بناء النهضة وتقدم ورفعة الأمة ،
ومن المحال تصور أمة في تنازع مع ذاتها لا تستطيع التعايش مع نفسها فكيف يكتب لها
النجاح وان تتعايش مع الآخرين، بل إن هذا النزاع والصراع من شأنه ان يقود وجودها
فضلا عن تحطم قوتها فى معاركها الداخلية بينها وبين بعضها فتصبح فريسة للأعداء .
فمما لا شك فيه أن
امتنا الإسلامية تحمل ثقافة واحدة، بيد أن صراعها بينها وبين بعضها دفع العديد من
عقولها النابهة والكفوءة للهجرة، خوفا على حياتهم أو بحثا عن مؤسسة علمية تدعم
قدرتهم البحثية او تستطيع ان تظهر هذه الأبحاث ونتائجها للنور، وبالتالي فإن
الصراع والتنازع الكلامى الذى يتحول رويدا رويدا الى نزاع مسلح جعل العديد من تلك
العقول للهجرة والفرار من أوطانها الى حيث موطن العدو الذى يوفر لتلك العقول مناخا
صحيا وعلميا وبحثيا واستقرار معيشى.
فالصراع فى ظل كيانات
طائفية جعل من بيئة بلادنا بيئة طارده متآكلة ضعيفة وهشة وغير جاذبة، ومن المؤسف
ان الجميع لا يحاول ان يتوقف أمام تلك التحديات من أجل إزالة هذا المرض العضال،
ومن حالة افتراق الطرق التى تبنى رؤية نافية للاخر أو معادية له وأصبح كل منا للآخر
( آخر) يجب نفيه ويحله وسحلة وسجنه، وان نبنى بيننا وبينه جدار فاصل بين ما
طائفتنا والطائفة الأخرى، فكل منا يرى نفسه ناج ولا يريد ان ينجو الآخر الا إذا
ركب مركبنا واتبع طريقتنا ومشى على هدينا لا هدى الدين .
هذه المقدمة الطويلة
دافعها مولد النبى الاكرم سيدنا محمد على الله عليه وآله وسلم ...
فقبل أيام احتفلنا فى
مصر بعيد المولد النبوى، واحتفال المولد النبوى فى مصر احتفالا لا يوجد مثله عند
كل امة الإسلام، فما أن يحل منتصف صفر حتى تبدأ محال الحلوى من عرض حلوى المولد
النبوى استعداد لليوم البهيج، وهو يوم الثانى عشر من ربيع الأول وهو ذكرى المولد
النبوى الشريف احتفالا عرفت به مصر منذ تاريخ الإسلام يشهد مسيرات ومواكب فى كل
قرية وكل مدينة وسرادقات للمدائح النبوية وجلسات فى المساجد لقراءة القرآن وسيرة
النبى الأكرم، مواكب المولد النبوى فى مصر على اختلاف البلدان والطقوس تحتاج الى الآلاف
الصفحات المكتوبة للتأريخ هذا الحدث العظيم والاحتفال البهيج، وربما كنت قبل ليلة
واحدة أتحدث مع اقرب الناس إلى قلبى لتدوين بعض من مواكب المولد النبوى قبل ان
اصدم اليوم بإعلانات المولد النبوى الشيعية فى العراق وغيرها، والتى تحل ذكراها فى
ال17 السابع عشر من ربيع الأول !!
إن العمدة فى التأريخ
يرجع للمصادر الأهم والأوثق، والأقدم، وقد حكى ابن هشام فى سيرته واليعقوبى فى
تاريخه، ابن الاثير والطبرى فى تاريخ الأمم، بأن مولده صلى الله عليه وآله وسلم،
وهذا ما ذهب إليه أقدم علماء الامامية وهو الشيخ الكلينى وكذلك الطبرسى وغيرهم على
هذا التأريخ فى مولده صلى الله عليه وآله، ولكن صراع الديكة منذ عصر الدولة البويهية
ومن خلال علماء هذه الدولة كالمفيد، الذى فضل صراع الديكة والانقسام على الوحدة،
وكلما ضعفت الامة اذا حجم الشقاق والفراق والتناحر، ولم يحاول أحد ان يعيد البحث
بشكل متفق عليه بين الأمة حتى لا تكون هذه الحوادث وأمثالها مدخلا للنار كبرى وإن
النار تنشأ من مستصغر الشررى...
0 تعليقات