آخر الأخبار

نتنياهو بين فكي كماشة

 




عمر حلمي الغول

 

تدور داخل أروقة حزب الليكود حالة جدل وتوتر، قد تكون شبيهة بالفترة التي تمرد فيها اريئيل شارون في نهاية تشرين ثان، نوفمبر 2005 على حزبه، ومركباته القيادية، واسس مع مجموعة من داخل الحزب وخارجه حزب "كاديما" (إلى الأمام". نعم هناك حالة سخط وغضب غير مسبوقة على زعيم الليكود الفاسد، بنيامين نتنياهو. لانه أولا استاثر بكل مفاصل الحزب، واستلب اقرانه جميعا ياريف ليفين ونير بركات وإسرائيل كاتس وغيرهم؛ ثانيا لم يعد يسمع لاي موقع قيادي، لا كهيئة، ولا كرموز قيادية ممن ذكرتهم، وتقتصر مشاوراته على زوجته سارة، وابنه يئير؛ ثالثا يلوح للمعارضين لنهجه، او من يحاول الدعوة لاجراء انتخابات داخلية، في وجوههم جميعا بقبضته الغليظة عبر التحريض عليهم، والعمل على طردهم من الحزب، في حال رفعوا صوتهم.

 

رغم ذلك، الحراك لم يتوقف داخل مركز الليكود، لا بل في تصاعد شبيه بما ذكرت انفا، وهناك رأي آخذ في التبلور بقوة داخل صفوف حزب المعارضة القوي، وفق ما ذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل" العبري أول أمس السبت الموافق الأول من تشرين أول / أكتوبر الحالي، مفاده ان نتائج استطلاعات الرأي الإسرائيلية عشية الانتخابات القادمة في مطلع نوفمبر القادم تشير الى جمود في العملية الانتحابية، ولا تعطي أي من قوى الموالاة او المعارضة الامكانية لتشكيل حكومة جديدة، لا بل ان حصة الليكود من كعكة الكنيست تتقلص في اخر استطلاعات رأي؛ هناك رفض متزايد داخل قوى اليمين ويمين الوسط الصهيوني برفض التعاون مع حزب المعارضة في حال كان نتنياهو على رأسه. وبالتالي الاتجاه التوافقي الآخذ في التبلور بين أوساط زعماء الليكود ومركزه عنوانه، إبقاء بيبي رئيسا للحزب، ولكن ليس رئيسا للحكومة، ويتم تكليف نتنياهو باختيار شخصا لتولي رئاسة الوزارة، آو يتم انتخاب احد الأقطاب المذكورين الثلاثة أعلاه، او اخرين لتولى ذلك الموقع، ويتم تشكيل حكومة يمين ووسط واسعة دون بن غفير او سموتيريتش. لا سيما وان غانتس ولابيد وحتى ساعر أعلنوا عن مواقف واضحة تجاه النائبين المذكورين.

 

وان لم يوافق زوج السيدة الحاكمة بامرها، يتم اقصاء نتنياهو، وتطويقه من داخل وخارج الحزب. لا سيما وان هناك رفض متصاعد في أوساط النخب. لكن زعيم الليكود الحالي، القابض على أنفاس الحزب، معتبرا إياه "تركة الوالد"، أو كأنه ورث الحزب وأشخاصه ومقدراته أبا عن جد، رفض حتى الآن الخيارات المطروحة، بما في ذلك، الخيار الذي طرحه بعض أقطاب الحزب، القائل، ان الحكومة القادمة ستضم من 10 على 12 وزيرا يعينهم الليكود، والذين سيستقيلون لاحقا كجزء من القانون، ويحل محلهم أعضاء آخرون من قائمة الليكود، مما سيزيد من نفوذ الحزب في الكنيست والحكومة.

 

ولكن زوج سارة يرفض هذا الحل، ويميل في حال فشل بالحصول على 61 مقعدا على مواصلة البقاء في دائرة المعارضة، وزعيما لها. وهذا يشير الى ان، نتنياهو واقع فعليا بين فكي كماشة، ومحاصر، كما لم يحاصر من قبل.

 

والمشكلة ليست في البقاء على رأس المعارضة، انما في دوامة الانتخابات البرلمانية القادمة، حيث ستضطر إسرائيل للذهاب لجولة سادسة وسابعة خلال أربعة أعوام، وتدور في حلقة مفرغة، وتتعمق الأزمة البنوية داخل الدولة والنظام والمجتمع ومؤسساته المختلفة، وهو ما يفتح شهية القوى اليمينية الأكثر فاشية وتطرفا لدفع الأمور نحو هاوية الحرب الأهلية. وهو ما تحذر منه اغلب القيادات الإسرائيلية، وتسعى لقطع الطريق على هذا الخيار. لأنه المحظور الذي سيؤدي لاندثار المملكة الثالثة.

 

أزمة الليكود، هي أزمة المجتمع والدولة الصهيونية برمتها، التي تتفاقم يوما تلو الآخر، ولا يوجد حتى الآن زعيما يملك سحر الملك الفاسد، وفي الوقت ذاته، لا يوجد ائتلافا يملك مفاتيح تشكيل الحكومة الجديدة في حال بقي الوضع على ما هو عليه، والدولة تسبح على مياه عادمة، ورائحتها تزكم الانوف، ولا مخارج جديدة الا بالاستناد الى القوائم الفلسطينية العربية، وتقديم التنازلات لصالح الجماهير في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، منها إلغاء قانون "القومية الأساس"، وقانون "كامينتس" وكافة القوانين العنصرية، ومنح المساواة الكاملة للفلسطينيين العرب، وبالتوازي مع ذلك، التقدم جديا نحو طاولة المفاوضات لتطبيق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وضمان حق العودة للاجئين على أساس القرار الدولي 194. دون ذلك سيبقى ظهر الدولة الاستعمارية للحائط، وتنهار من الداخل حتى دون حصان طروادة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات