آخر الأخبار

شكرا للفاشيين الجدد

  

 


 

عمر حلمي الغول

 

كل إنسان شارك في استعمار شعب آخر، وساهم في اغتصاب أراضيه ومصالحه الخاصة والعامة، وكان جزءا ممن نفذوا عمليات إرهابية في اضطهاد أبناء الشعب الواقع تحت نير الاحتلال، هو مجرم، ولا يمكن ان يكون حرا، ولا يمكن تصنيفه غير ذلك، بغض النظر عن خلفيته الفكرية والقيمية. لانها سقطت مع لحظة سقوطه في مستنقع الجريمة، واحتلال ارض الشعب الآخر. ولا تغفر له محاولات التبرؤ من العملية الاستعمارية، الا اذا أولا غادر ارض الشعب المستَّعمر فورا؛ ثانيا فضح وعرى جرائم دولته وجيشه وأجهزته الأمنية؛ ثالثا قدم شهادات ووثائق امام المحاكم والمحافل الدولية تدين دولته ونظامه السياسي، وتساهم في تعزيز نضال الشعب المكافح من اجل حريته واستقلاله وسيادته.

 

وعليه، كل إسرائيلي صهيوني، أي كان لونه أو جنسه، أو جنسيته، وديانته وطائفته او مذهبه (وان كانت تجمعهم في معظمهم الديانة اليهودية المغتصبة من الحركة الصهيونية) أو خلفيته الفكرية هو مجرم جرب. لان الكل الصهيوني جاء من أصقاع الدنيا لارتكاب جريمة حرب استعمارية وحشية، استهدفت ارض ومصالح وحقوق الشعب العربي الفلسطيني دون استثناء، وبهدف نفيه، وطرده من وطنه الأم في إطار عملية تطهير عرقي طالت في عام النكبة 1948 نحو مليون مواطن عربي فلسطيني من خلال ارتكاب سلسلة مذابح ومجازر، أَصل لها ما يسمى "اليسار الصهيوني" بزعامة بن غوريون وكل القوى الصهيونية من أقصاها الى اقصاها، ومن لم يشارك صمت وغطى على المجازر، التي يندى لها جبين البشرية، بدعم واسناد ومشاركة دول الغرب الرأسمالي جميعها.

 

لا يندرج ضمن هذا التصنيف، أولئك الذين ارغموا على الهجرة لفلسطين، ورفضوا الانضواء تحت لواء الحركة الصهيونية، ودافعوا عن مصالح وحقوق الشعب العربي الفلسطيني، وكانوا جزءا من الحزب الشيوعي الإسرائيلي، ومن شارك في المقاومة الوطنية ك"منظمة متسبن"، او التحق بفصائل منظمة التحرير. وهم مجموعة محدودة جدا جدا جدا، لا يتجاوز عددها حتى يوم الدنيا هذا المئات.

 

اذا الفاشية علميا كظاهرة ملازمة لوجود ونشوء وتطور المشروع الكولونيالي الصهيوني في فلسطين، ولم يكن وجودها طفرة، او خارج سيرورة وصيرورة دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية، انما هي احدى سماتها الأساسية. لكن لبوسها ثوب ما يسمى ب"الديمقراطية"، واطلاق تصنيفات "اليسار" و"اليمين" و"الوسط"، وسماح الدولة اللقيطة باجراء الانتخابات، وافساح مساحة من حرية الرأي والتعبير، والتظاهر والاعتصام وتشكيل الأحزاب لابناء وأعضاء المجتمع الصهيوني الاستعماري، وبالتلازم مع حملة إعلامية ضخمة من آلة الاعلام الصهيونية والغربية الرأسمالية ساهم في تضليل الرأي العام العالمي، وتستر على هويتها العنصرية والنازية المتأصلة فيها، وغيب الحقائق. رغم ان شمس الحقيقة كانت ساطعة. وبالتالي ما جرى في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة قبل نحو الاسبوعين من صعود تكتل الصهيونية الدينية بزعامة كل من سموتيريش وبن غفير ليس مفاجئا، ولا هو مجرد انزياح في أوساط أحزاب اليمين. كما افترضها احد ادعياء الفكر، لا بل هي مكون أساس للدولة الاستعمارية الإسرائيلية.

مع ذلك، شكرا لصعود بن غفير وسموتيريش، كونهما عريا إسرائيل، ونزعا عنها آخر أوراق التوت، التي غطت بقرار مسبق عوراتها. وجاءت مشاركة زعيم "القوة او العظمة اليهودية"، بن غفير في احياء الذكرى ال32 لرحيل الحاخام النازي كهانا، والقاء كلمة تابينية "أشاد فيها بسجله الفاشي الحافل." رغم انه حاول ان يميز نفسه قليلا، كشكل من اشكال المناورة، الا ان لم يفلح في تبرئة نفسه من التصاقه بالفاشية، فقال " ليس سرا أنني لست الحاخام مائير كهانا، ولا أطالب بترحيل كل العرب، بل أطالب بطرد الإرهابيين باستخدام كل الوسائل"!؟ وكان قبل ذلك، وبعد فوزه بالانتخابات، قال "انه يريد انشاء وزارة جديدة لتشجيع هجرة "الأعداء" والأشخاص "غير الموالين" للدولة، كما انه سيحاول إصدار قوانين لتنفيذ حكم الإعدام بحق من يسميهم "إرهابيين"، مع ان هكذا قوانين موجودة عمليا، وعنوانها اطلاق يد الضباط والجنود والمستعمرين باطلاق النار اذا استشعروا الخطر. بتعبير آخر، منحهم القانون الحق بإعدام أي فلسطيني تحت أي ذريعة، وفق ذلك القانون. مع ذلك يريد الفاشيون قوانين اكثر فجورا لتنفيذ حكم الإعدام. لانه بالنسبة لهم، كل فلسطيني عربي هو متهم، ومطلوب إعدامه، وعلى الأقل طرده من بيته ومدينته ووطنه. لانه بنظرهم "إرهابي". وبالتالي أراد بن غفير ان يقول، انني ساقوم بعملية التطهير العرقي تدريجيا، وخطوة خطوة، وليس مرة واحدة، كما كان يريد معلمي واستاذي الحاخام النازي كهانا. لا سيما وان زعيم "القوة اليهودية" كان عضوا في جماعة الحاخام القاتل، واتهم عام 2007 بدعم منظمة إرهابية. وهو اسوة بكل الصهاينة قلبوا معادلة المفاهيم والقيم، فصاحب الحق والوطن والتاريخ امسى "إرهابي"، والمستعمر النازي القاتل الصهيوني "صاحب حق" وبريء من كل الصفات الاجرامية.

 

وعلى اثر مشاركته في تأبين كهانا، وتصريحاته الدموية، عقب نيد برايس، المتحدث باسم الخارجية الأميركية يوم الخميس العاشر من نوفمبر الحالي بالقول "إن من المقيت أن يشيد السياسي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، زعيم "القوة اليهودية" المتطرف بالحاخام الراحل مئير كهانا، الذي كان معروفا بادائه العنصري والمتطرف، في حفل تأبين في إسرائيل." وقال موقع "اكسيوس" الأميركي، يعتبر مثل هذا النقد شديد اللهجة من قبل مسؤول في وزارة الخارجية. أمر غير معتاد عندما يتعلق الامر بالقضايا المتعلقة بإسرائيل.

 

وكان صرح بعض المسؤولين الاميركيين في اعقاب نشر النتائج الأولوية للانتخابات الإسرائيلية يوم الثلاثاء الموافق الأول من نوفمبر الحالي، ان الولايات المتحدة لن تتعامل مع بن غفير ولا حليفه الفاشي سموتيريش، الذين صعدوا لتبوأ الكتلة الثالثة في الكنيست الحالي، وكلاهما طالب بحقائب سيادية، بن غفير أراد وزارة "الامن الداخلي"، وسموتيرش طالب بإحدى الوزارتين "المالية" او "وزارة الحرب" ليتوسعوا في عمليات التطهير العرقي والعنصرية والقتل والاستيطان الاستعماري ... الخ من جرائم الحرب الجديدة.

 

اذا أهمية صعود اقطاب تكتل الصهيونية الدينية الفاشيين للتكتل الثالث، واحتلالهما مواقع وزارية أساسية في العملية الاستعمارية، انهم منحوا القيادة الفلسطينية ورقة جديدة لفضح وتعرية دولة إسرائيل الاستعمارية الفاشية، ومحاصرة الإدارة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي التي تدافع عن إسرائيل باعتبارها "ايقونة الديمقراطية في الشرق الأوسط"، ومطالبتهم جميعا أولا بالاعتراف بدولة فلسطين، وثانيا تأييد عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، وثالثا دعم فرض العقوبات الديبلوماسية والاقتصادية والعسكرية على دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية، ورابعا عقد المؤتمر الدولي في اقرب الآجال لتكريس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؛ وخامسا تأمين الحماية الدولية لابناء الشعب العربي الفلسطيني حتى خروج آخر مستعمر من أراضي دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.. الخ

 

إرسال تعليق

0 تعليقات