عمر حلمي الغول
قبل 48 ساعة من
الانتخابات الإسرائيلية الفاصلة للكنيست ال25، وهي الانتخابات الخامسة خلال اقل من
أربعة أعوام، تشهد الساحة الصهيونية حربا ضروس بين الأحزاب المختلفة ضمن كلا
الائتلافين المتصارعين (ائتلاف نتنياهو وائتلاف لبيد) وبينهما، حيث تتسع وتشتد
عمليات الاستقطاب والاستحواذ بين الجميع، ويمكن الاعتقاد، ان الانتخابات التي
ستجري بعد يومين، أي يوم الثلاثاء مطلع نوفمبر القادم قد تكون الانتخابات الأكثر
اثارة ودراماتيكية من بين الدورات ال24 الماضية. رغم ان كل جولة انتخابات لها
خاصيتها من الاستقطاب.
بيد ان هذه
الانتخابات مختلفة لجهة ارتفاع منسوب التحريض والتكفير والتخوين بين القوى
الصهيونية المختلفة، وتختلف عما سبقها مع ارتفاع نسبة التصويت لصالح القوى الأكثر
فاشية من أمثال سموتيريتطش وبن غفير، حيث تشير معظم استطلاعات الرأي لحصولها على 14
مقعدا، وبذلك تحتل المركز الثالث بين القوائم الانتخابية، وهو ما يؤكد على تربع
ممثليها على مقاعد الحكومة القادمة، ان قدر لزعيم المعارضة، بينيامين نتنياهو
العودة الى كرسي الحكم بعد عام من اضطراره لتركه. وهو ما أشار له بيبي في مقابلة
قبل يومين، بانه سيعين زعيم "القوة الإسرائيلية" وزيرا في حكومته. رغم
انه رفض التقاط صوره معه، لاعتبارات انتخابية ليكودية، حيث يخشى من بعدين، الاول
غرف بن غفير من قاعدته الانتخابية؛ الثاني الخشية من تداعيات ذلك امام الرأي العام
العالمي عموما والأقطاب الغربية وتحديدا الأوروبية.
والاهم مما تقدم،
انعكاس صعود القوى المفرطة في نازيتها على المجتمع الإسرائيلي. لا سيما بعد ان
تصدعت المعايير السياسية والقيمية (ان وجدت) وزالت الى حد كبير الفوارق او التمايز
بين ما يطلق عليه "اليسار" او "يسار الوسط" الصهيوني، وبين
اليمين واليمين المتطرف او الفاشي، وبالتالي لم تعد القوى الصهيونية المتنافسة على
مقاعد الكنيست محكومة بمعايير القانون الإسرائيلي، لان طبيعة التناقضات تخطت حالة
التعارض والتباين في الرأي والاجتهاد، مع دخول المجتمع الإسرائيلي مرحلة نوعية من
التناقضات ترتكز على الحقد والكراهية والتحريض المعلن، فضلا عن العنصرية البشعة
والوحشية ضد الفلسطينيين العرب، وبالتالي يمكن ادراجها ضمن دائرة التناقضات
التناحرية. الامر الذي يخشاه كل قادة إسرائيل، وخاصة رؤساء اركان الجيش، ورؤساء
الأجهزة الأمنية السابقين والحاليين.
وكان أخرهم يوفال
ديسكن، الرئيس الأسبق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، الذي نشر مقالا
بعنوان " على شفا حرب أهلية" في 24 أكتوبر الماضي جاء فيه، ان إسرائيل
تواجه الآن تهديدا وجوديا و"على وشك الانزلاق الى سلسلة من الصراعات الداخلية
العنيفة، والتي قد تؤدي إلى تفكك داخلي، وربما حتى الى حرب أهلية." وسبقه
لذلك، كما أشرت خمسة من رؤساء أركان الجيش لذات النتيجة في 28 أغسطس 2022 بمناسبة
افتتاح المكتبة الرئاسية لارث بن غوريون، وجميعهم اتفق على ان ضعف الترابط الداخلي
تهديد وجودي لإسرائيل. وهم ايهود باراك، غابي اشكنازي، بني غانتس، وموشي يعلون،
وغادي ايزنكوت.
وتتضاعف الخشية في
أوساط النخب القيادية السياسية والعسكرية من المستقبل المجهول لدولتهم الطارئة،
واللا شرعية مع افتقادهم الأمل بالخروج من دوامة أزمة الانتخابات البرلمانية. لا
سيما وان كل استطلاعات الرأي حتى اليوم تشير الى فقدان أي من الائتلافين من تشكيل
الحكومة، نتاج التقارب بينهما، وفقدان الأمل بإمكانية وجود وزارة جديدة، وان كانت
حظوظ زعيم الليكود اعلى نسبيا من يئير لبيد، أو بني غانتس، خاصة وان الاستطلاعات
تفيد بإمكانية حشده 61 مقعدا من ال120 مقعد.
لكن هذه الفرضية ليست
سهلة، لان كتلة القوى الفاشية بقيادة سموتيريتطش قد ترفض الانضمام لحكومته، مع انه
اقرب لها. لكنها تخشاه، وتعتبره كاذبا ومنافقا، ولا يفي بالتزاماته. أضف الى انه
قد لا يتمكن (نتنياهو) من تشكيل الحكومة، لان قطاعا من القاعدة الانتخابية في
الليكود نفسه لن تصوت له. وفي حال فشل في العودة لكرسي الحكم، فإن مستقبله سيكون
كزعيم لحزب المعارضة الحالي على كف عفريت.
والمفاجأة في مشهد
الانتخابات ال25، اذا ما تمكن التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة من
تجاوز نسبة الحسم، فهذا يعني ان حصة مقاعد الائتلافين الصهيونيين ستتراجع نسبيا،
كما ان حصة بعض القوى الفلسطينية أيضا ستتراجع، وهذا السيناريو في حال حدث معناه
الذهاب لانتخابات سادسة في فبراير أو مارس القادم 2023، إلا إذا حدث دعم قائمة
منصور عباس الاسلاموية الاخوانية لاحد الائتلافين. ومع ذلك فان دولة إسرائيل
الاستعمارية ستغوص أكثر فأكثر في دوامة التفكك الداخلي. والساعات القليلة المقبلة
وحدها الكفيلة باظهار الصورة على حقيقتها. لكن المؤكد، ان دولة الابرتهايد ماضية
قدما نحو الهاوية.
0 تعليقات