آخر الأخبار

مفاجآت مونديال قطر

 


 

عمر حلمي الغول

 

تريثت قليلا للكتابة عن مونديال كرة القدم العالمي 2022، الذي يقام لأول مرة في التاريخ في احدى الدول العربية، والذي تم تدشينه يوم الاحد الماضي الموافق 20 نوفمبر الحالي، وذلك لاعطاء نفسي فرصة الحكم الموضوعي تجاه الحدث الرياضي الأكثر أهمية ومشاهدة عالميا، ويعتبر مختبرا حقيقيا لجدارة البلد المضيف من حيث الكفاءة المهنية والتنظيمية الادارية والابداعية، وأيضا للرد على الحملات الغربية المجحفة والتحريضية، العاكسة لروح الكراهية والاستخفاف بمكانة وقدرات العرب عموما ودولة قطر الصغيرة خصوصا منذ ان تم إقرار إقامة المونديال في الدوحة عام 2010 وحتى يوم الدنيا هذا، رغم مرور أسبوع على الافتتاح الرسمي للمونديال، والنجاح المتميز الذي عكسته الوقائع على الأرض.

 

ومع ان لي العديد من الملاحظات السياسية على نظام الحكم القطري، بيد ان ما شاهدته، وقرأته عن المونديال والإنجازات التي حققتها الدوحة، املى عليَّ ان أقول كلمة حق بشأن ما حمله المونديال من إيجابيات حتى قبل ان تختتم اعماله يوم الاحد الموافق ال18 من ديسمبر القادم، أي بعد ثلاثة أسابيع من الان. فاضافة الى الانجازات ذات الصلة بالجانبين التنظيمي والمهني، ومن بينها: أولا انشاء سبعة ملاعب حديثة ومتطورة، وتواكب روح العصر، دون اغفال البعد التراثي العربي في اشكالها، والتي أقيمت خصيصا للمونديال 2022، وهي "لوسيل"، و"الثمامة"، و"المدينة التعليمية"، و"974"، و" احمد بن علي"، و" البيت" واستاد "الجنوب". وهذه الملاعب قريبة من بعضها البعض، مما يسمح لضيوف الدوحة مشاهدة اكثر من مباراة في اليوم، فضلا عن تطوير وتحديث استاد "خليفة الدولي"؛ لأول مرة ووفق المعايير المناخية في قطر، تم إقامة المونديال في فصل الشتاء، لان مناخ قطر مناسبا جدا لاقامة المباريات؛ تأسيس بنية تحتية عامة، هيأت وسهلت وخدمت إقامة المونديال؛ تشييد شبكة جديدة للمترو في العاصمة الدوحة؛ واقامت مطار دولي وطرق جديدة؛ بناء حوالي 100 فندق لاستيعاب المشجعين الوافدين، والذي يقدر عددهم بما يزيد عن المليون سائح؛ ربطت بين التحديثات المذكورة انفا ومشروع "رؤية قطر 2030"؛ اعتماد "الفيفا" تقنية التسلل الالي خلال منافسات كأس العالم 2022. وهذه اول مرة تستخدم فيها هذه الالية لمساعدة الحكام في مراقبة اللاعبين، وللحد من الإشكاليات التي تبرز بسببها في الدورات السابقة؛ سيكون المونديال الكروي في قطر، آخر مونديال بتشكيلة 32 منتخبا، لان "الفيفا" اتخذت قرارا في يناير 2017 ان يكون المونديال القادم في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا عام 2026 بتوسيع دائر ة المنافسة بين المنتخبات الرياضية، بحيث يشارك 48 فريقا رياضيا؛ ارادت القيادة القطرية استثمار المونديال للتأكيد على دورها ومكانتها الرياضية والسياسية في الإقليم والعالم. ولم تستهدف الربح التجاري من دورة كأس العالم. لا سيما وانها، حسب تقديرات الخبراء الرياضيين المعنيين بجساب التكاليف المالية، استثمرت ما يزيد على ال200 مليار دولار أميركي، وهي التكاليف الأعلى عالميا للاستثمار في المونديال منذ بدأت دورته الأولى عام 1930.

كل ما تقدم مهم، وايجابي، ويسجل لدولة قطر. لكن الأهم ومن مفاجأت كأس العالم 2022، بالإضافة الى انه أقيم على اول ارض عربية. رغم كل عمليات التحريض والتشوية، التي قادها الأوروبيون والإسرائيليون؛ تحول المونديال لمنصة عالمية لفضح جرائم دولة الاستعمار الإسرائيلية، وعزل فضائياتها المشاركة في تغطية الحدث الرياضي الأهم، ودعم كفاح الشعب العربي الفلسطيني، وأكدت الجماهير العربية من مختلف الدول الشقيقة رفضها للتطبيع مع الدولة الصهيونية اللا شرعية؛ المفاجأة أيضا، ان الفريق السعودي تمكن بجدارة وكفاءة لاعبيه من الفوز الثمين على الارجنتين بهدفين مقابل هدف واحد؛ كما تمكن كل من فريقي تونس مع الدنمارك والمغرب مع كرواتيا من التعادل المشرف، والذي عكسه ابطال الفريقين بشجاعتهم واقدامهم ونديتهم لمناظريهم من الفرق الدولية؛ وهزيمة المانيا امام اليابان؛ وهزيمة بريطانيا امام ايران؛ منع المثليين من وضع شاراتهم في قطر. ورغم ذلك قام بعض المسؤولين والإعلاميين الأوروبيين بوضع شاراتهم تحديا لقرار الدولة المضيفة. وهذا لا يعكس أي معيار من معايير الديمقراطية. لان المثلية، لا تتوافق مع الأديان السماوية الثلاث، ولا مع منطق تطور الانسان، ولم تتبناه أي من الكائنات الحية، وهو شكل من اشكال نظرية مالتوس، الهادفة للحد من نمو المجتمعات البشرية؛ أيضا منع احد الغربيين العنصريين من دخول الاستاد الرياضي وهو يحمل سيفا ويلبس زي الجنود الصليبيين، وهو بلباسه، أراد ان يعكس غطرسة وهمجية الغرب المسكون بنزعة التفوق العرقي، وباعادة التاريخ للوراء لزمن الحروب الصليبية، مع ان الواجب والضرورة تملي تعزيز لغة التسامح والتعايش والتكامل بين بني الانسان، ورفع راية السلام والمحبة، واحترام الاخر بغض النظر عن جنسه ودينه وعرقه او لونه.

دورة كأس العالم 2022، اعتقد انها دورة مميزة، وهذا ما اتسمت به بالشكل والمضمون، ولم تقلل هزيمة قطر للمرة الثانية امس امام السنغال، وخروجها من المونديال، من أهمية تفوقها على دول الغرب في تنظيم المونديال، وتأمين كل مستلزمات واحتياجات المنتخبات والحكام والإعلاميين والاداريين والخدمات الطبية ووسائل الراحة والاستمتاع لضيوف قطر من مختلف المستويات. مبروك كبيرة لقطر على الإنجاز الرياضي الهام، الذي مثل تحولا نوعيا في كأس العالم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات