عمر حلمي الغول
منذ اللحظة الأولى
لانبلاج الضوء عن نتائج انتخابات الكنيست ال25 مطلع الشهر الحالي (نوفمبر 2022)،
وقبل تكليف زعيم المعارضة الحالي المكلف بتشكيل الحكومة السادسة، اتضحت الصورة
جلية في المشهد الإسرائيلي مع صعود واتساع نفوذ القوى الفاشية تحت قبة البرلمان،
وفوز المستكلب على كرسي الحكم بالأغلبية، والحصول على الحصة الأكبر من كعكة النواب
ب32 مقعدا، وبدا واضحا ان المعادلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية
الأمنية والدينية والثقافية تتجه نحو انعطافة حادة لتسيد الفاشية وإرهاب الدولة
الإسرائيلية المنظم.
وتجلى مع الاتفاقات
التي ابرمها بنيامين نتنياهو مع حفيد كهانا، ايتمار بن غفير، زعيم "القوة
اليهودية الأسبوع الماضي، والتي عكست اتجاه الريح العاصف على لوحة الصراع
الفلسطيني الإسرائيلي، ومع الاتفاقات التي ابرمت مع زعيم حزب "شاس"،
اريه درعي، ومع ملامح الاتفاق الذي سيبرم مع زعيم "الصهيونية الدينية"،
الفاشي بتسلئيل سموتيرش، وبعد الاتفاق مع زعيم حزب "نوعام" الفاشي لآفي
معوز.
لا تقرأوا التفاصيل
الواردة في الاتفاقات، على أهميتها. لكن عودوا الى الحملات الانتخابية، التي تعكس
برامج تلك القوى بما فيها برنامج الليكود وحلفائه، الذين وقف بيبي شخصيا خلف
دعمهم، وصعودهم. لانهم حاضنته الأساسية، والأكثر تمثلا لبرنامج جرائم الحرب والعنف
والإرهاب المعلن، واستباحة آخر نقطة ضوء في عملية السلام، وزيادة واتساع عمليات
التطهير العرقي الصهيونية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه ومصالحه العليا
السياسية والقانونية.
نعم عصابة الأربعة
الفاشية بقيادة نتنياهو لن تبقي بارقة امل ولو كانت ضئيلة من بقايا خيار حل
الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، ليس هذا فحسب، بل ان المرحلة المنظورة
القادمة ستكون حربا مفتوحة على مصاريعها على كل مظهر من مظاهر الوجود الفلسطيني من
النهر الى البحر، وليس في حدود دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران 1967 فقط،
انما ستعمل تلك العصابة على التطبيق الحرفي لقانون "أساس الدولة اليهودية"
العنصري الفاشي، وستقيم ميليشياتها وجيوشها الخاصة لتكريس مضامينه بشكل كامل، كما
اعلن بيني غانتس، وزير الحرب الإسرائيلي الحالي.
ومن يعتقد غير ذلك،
لا يرى تضاريس اللوحة القائمة والقاتمة، وللأسف لا يعي ابعاد التحولات
الدراماتيكية في الداخل الإسرائيلي، وبغض النظر عن قراءات البعض الخاطئة، وقصيرة
النظر، فإن على الكل الفلسطيني، وقبل ان نخاطب الاشقاء والأصدقاء وغيرهم، التوقف
الجدي والمسؤول امام تداعيات اللحظة السياسية شديدة الخطورة، الحاملة لنيران
ومحارق الفاشية على رؤوس الاشهاد على الشعب الفلسطيني خصوصا والاشقاء العرب عموما،
وتحديدا في الأردن الشقيق، الذي يدعي الفاشيون الجدد، انه جزء من "ارض
الميعاد"، وليس "الوطن البديل"، وبالتالي على القوى السياسية جميعا
تحت راية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية العمل فورا ودون تردد على ترجمة اعلان
الجزائر، الذي تم التوافق عليه في شهر أكتوبر الماضي، وتعزيز عوامل الصمود لمواجهة
التحديات، والوقوف صفا واحدا في الخندق الوطني، وحماية الأهداف والثوابت الوطنية،
والابتعاد كليا عن سياسة المساومة الرخيصة مع حكومة عصابة الأربعة، وعدم الركون
لوعود من هنا او هناك، والشروع في وضع
الخطط الوطنية لمواجهة مختلف السيناريوهات الافتراضية، وتصعيد المقاومة الشعبية،
بالتلازم مع تشكيل حقيقي لا اسمي للقيادة الوطنية الموحدة لتعظيم شامل للمقاومة في
كل المحافظات بما فيها محافظات الجنوب (قطاع غزة)، وتحويل الوزارات والمؤسسات
والهيئات لخلايا عمل لتطوير برامجها في مجالات اختصاصها، وبحيث تكون برامج مغايرة لواقع
الحال الراهن والسابق، كي تستقيم مع روح التحدي الوطنية.
وأيضا التنسيق مع الأشقاء
في الأردن ومصر بشكل خاص والعرب عموما لوضع رؤية قومية للارتقاء في عملية التكامل،
والدعوة لاجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول العربية للتدارس فيما تحمله اللحظة من
تداعيات حكومة عصابة الأربعة الفاشية، وإعادة الروح مجددا فعلا لا قولا لمبادرة
السلام العربية. وعلى المستوى الدولي مطالبة الغرب الرأسمالي وفي طليعته الولايات
المتحدة لاتخاذ موقف معلن وواضح من صعود الفاشية، ومن حكومة عصابة الأربعة،
ولاعادة الاعتبار لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وتأمين
الحماية الدولية فورا للشعب العربي الفلسطيني من جرائم الحرب والفاشية
الإسرائيلية، والاعتراف بدولة فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة.
الوقت من ذهب، لم يعد
هناك مجال للانتظار والتردد، وان لم نبادر لزيادة كلفة الاستعمار الإسرائيلي،
سنؤكل لقمة سائغة، كما اكل الثور الأبيض.
0 تعليقات