عمر حلمي الغول
من ارتكز في وعيه
وفكره وسياساته وسلوكياته على قواعد التزييف والتزوير، ولي عنق الحقائق، وقلبها
رأسا على عقب، وممارسة الفهلوة واللعب بالثلاث ورقات، وامتهن اللصوصية والفساد،
واستغلال مواقع النفوذ لسرقة المال العام، وخان الأمانة، وسمسر على مصالح دولته،
أي كانت طبيعتها، مستعد لبيع كل ذلك مقابل الجلوس في كرسي الحكم على أنقاض حطام
الدولة، التي يدعي انه "حاميها"، والذي ينطبق عليه المثل الشعبي "حاميها
حراميها"، هكذا أناس لا يؤتمنوا على بيوتهم، ولا يؤتمنوا على أي مسألة او
قضية لا أخلاقية، ولا سياسية، ولا قضائية ولا تاريخية.
هذا هو شخص بنيامين
نتنياهو، الساحر الذي فقد كل أوراقه، وسلم دقنه لأمثاله من الفاشيين الصهاينة
الجدد، والذي لم يتورع عن بيع إسرائيل المارقة ومصيرها مقابل الجلوس على كرسي
الحكم. هذا الكائن الفاسد لم يكتف بذلك، بل قام مؤخرا بقلب حقائق التاريخ في
مقابلة قبل أسبوعين من هذا الشهر (كانون 1/ ديسمبر 2022) مع برنامج بودكاست الكندي
للدكتور جوردان باترسون، ادعى فيها، ان اليهود عاشوا في اللفين عام الأولى على هذه
الأرض (على ارض فلسطين العربية)، وحارب اليهود المحتلين، وفي بعض الأحيان تم
احتلال البلاد، لكنه بقي على "ارضه". وتابع وقد "حدثت خسارتنا ل"ارضنا"
بالفعل عندما وقع الاحتلال العربي في القرن السابع الميلادي". وحسب المزور
للتاريخ، فإن "العرب فعلوا ما لم يفعله أي احتلال، بدأوا في الاستيلاء على
ارض المزارع اليهودي، وجلبوا مستعمرات عسكرية استولت على الأرض، وعلى مدى القرنين
التاليين (الثامن والتاسع) أصبح اليهود اقلية في وطنهم في ظل الاحتلال العربي"
وأضاف بكل وقاحة الفاجر والمارق وقاتل القتلة "كانوا (العرب) هم المستوطنون
واليهود السكان الاصليون، الذين تم سلب ممتلكاتهم". قلب كل حقائق التاريخ دون
ان يرف له جفن.
وتناسى ذلك المستعمر
الفاشي، ان الفلسطينيين الكنعانيين كانوا موجودين في ارض فلسطين قبل وجود كل
الديانات السماوية، واولها الديانة اليهودية، وقبل وجود إبراهيم ويعقوب واسحاق
وإسماعيل وهاجر وساره والاسباط عليهم السلام جميعا. وتاريخ اريحا اقدم مدينة على
الأرض شاهد حي على ذلك. فضلا عن ان، كل الروايات التاريخية تؤكد، ان اليهودية ولدت
ونشأت في شبه الجزيرة العربية عموما، واليمن خصوصا، وهناك العشرات من المؤرخين
القدماء والجدد الذين يؤكدون هذه الحقائق. وساقتبس من المؤرخون الإسرائيليين
الجدد، ردهم على ملك الفساد والتزوير والجريمة المنظمة، فقالت المؤرخة الدكتورة
ميلكا ليفي روبين، من معهد شيختر الخبيرة في الفترة الإسلامية القديمة، ان "تصريحات
نتنياهو تقدم صورة خائطة ومشوهة للتاريخ." وتابعت القول "إن نتنياهو
أخطأ في عدة نقاط في المقابلة: أولا تجاهل في كلماته أن اليهود تم نفيهم وعادوا من
الاحتلال الأجنبي عدة مرات قبل الوجود الإسلامي، وخلال فترة الهيكل الأول، اما
بالنسبة لفترة الهيكل الثاني وثورة بار كوخيا – فقد دمر الرومان الهيكل، وأحرقوا
القدس، وافرغوا ارض يهوذا بأكملها من سكانها اليهود، وعلاوة على ذلك فقد فرضوا
حظرا شاملا على دخول اليهود الى القدس، وهو الحظر الذي ظل ساري المفعول حتى نهاية
الفترة البيزنطية." ورفضت ليفي روبين ادعاءات نتنياهو بالكامل فيما يتعلق
بفترة ما أسمته "احتلال" المسلمين ". وقالت "لا اعرف عن نفي
يهود او غيرهم من ارض القدس، ولا يوجد أي دليل اثري يدل خراب او دمار، بل على
العكس من ذلك."
وهذا ما أكده ايضا
البرفيسور "يهوشواع فرانكل، من قسم الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية في
جامعة حيفا، الذي قال عن أكاذيب زعيم الليكود: "كلماته مسلية مثل كبسولة
مجمدة على الرف منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى." وأوضح أن "انتصار
القبائل العربية على البيزنطيين ونمو الإسلام لم يحمل الخراب، ولا توجد اثار دمار
او حريق في أي موقع، بل على العكس من ذلك.وهناك شهادات كثيرة تسلط الضوء على
الاستمرارية" يقصد التطور والعيش الكريم، أي بقاء وعيش اتباع الديانة اليهودية
بسلام." وهذا ما يؤكده مجددا فرانكل بالقول: "ليس فقط أن العرب لم
يطردوا السكان اليهود، لا بل "كان المسلمون هم الذين سمحوا لليهود بالعودة
والعيش في القدس، بل وتم اشراك اليهود في بناء قبة الصخرة، في العبادة والخدمة
هناك، وكان لهم تأثير كبير على وفي المراحل الاولى من الفتح الإسلامي."
ولا اضيف جديدا، الى
ان اتباع الديانة اليهودية، الذين ذاقوا الاضطهاد والاذلال والقتل في أوروبا كلها
وعلى مر العصور، وذاقوا مرارة النازية الألمانية والفاشية الإيطالية في الخحرب
العالمية الثانية، عاشوا في كنف الدولة الإسلامية في الاندلس المرحلة الذهبية من
حياتهم، وفي شبه الجزيرة العربية وفلسطين وبلاد الشام وغيرها من بلاد العرب، ولم
يكن هناك أي تمييز الا بالديانة، وهذه لم تؤثر على حياتهم وممارساتهم لطقوسهم
الدينية، وكانوا شركاء اسوة بكل اتباع الديانات الاخرى. وحتى الامس القريب مع بداية
موجات الهجرة الصهيونية الاستعمارية لفلسطين بقيت العلاقات بين أبناء الشعب الواحد
تقوم على التكافل والتعاضد، وحتى في العديد من المدن والقرى بقي اليهود مع اشقائهم
المسلمين والمسيحيين يعيشون بسلام الى ان حلت النكبة، واقامت الصهيونية العالمية
مدعومة من دول الغرب الرأسمالي دولة المشروع الكولونيالي الاجلائية الاحلالية على
انقاض الشعب العربي الفلسطيني.
لم اشأ التدخل في
الاقتباسات، ولا حتى الرد على بعض المفاهيم التي استخدمتها ليفي روبين ولا يهوشواع
فرانكل، لاني اردت منهم، تكذيبهم، وفضحهم أكاذيب رئيس الوزراء المكلف، نتنياهو. والنتيجة،
ان رجلا مثل زعيم الليكود ليس امينا، ولا صادقا، ومزورا ومنافقا ولصا وجبانا فاقد
الاهلية السياسية والقانونية والقيمية والأخلاقية، لا دين له، ولا ضمير، وحتى
المجتمع الذي اوصله مجددا لسدة الحكم لايعبأ به، ولا يفكر بمصيره ومستقبله، وبالتالي
على دولة (بغض النظر عن توصيفي لها)، يقودها حاكم فاسد ومجنون بالجلوس على كرسي
الحكم بغض النظر عن الاثمان التي يدفعها، السلام. ولا مستقبل لها، ومصيرها
الاندثار والموت المحتم.
0 تعليقات