عمر حلمي الغول
أزمة جديدة تهدد
استقرار الائتلاف الفاشي الحاكم بعد إصدار المحكمة العليا الإسرائيلية أمس
الأربعاء الموافق 18 يناير الحالي قرارها برفض تعيين ارييه درعي وزيرا في الحكومة
الحالية. لا سيما وانه متهم بقضايا فساد، ووافق على شرط جزائي مقابل عدم محاكمته،
بعدم المشاركة كوزير في أي حكومة لمدة سبع سنوات قادمة.
غير ان ضجيج حزب شاس
استبق القرار آنف الذكر، الذي صادق عليه عشرة قضاة من احد عشر قاضيا، وهدد أقطاب
الحزب الائتلاف بالانفراط، ان لم يبق زعيمه وزيرا للداخلية والصحة، ليس هذا فحسب،
بل ان عضو الكنيست، افراهام بتسلئيل عن الحزب الديني اليميني صرح في مقابلة مع
قناة الكنيست امس "إنه اذا تم رفض تعيين درعي (وزيرا)، فأن قضاة المحكمة
العليا "سيطلقون النار على رؤوسهم." وهو تهديد مباشر للقضاة والقانون
الإسرائيلي الاستعماري، واستباحة واضحة لأحد ركائز تلميع دولة التطهير العرقي،
وفتح الأبواب على مصاريعها أمام غلاة الفاشية من الحريديم وعموم المتدينين واليمين
المتطرف بزعامة نتنياهو الليكودي لتحطيم احد ركائز المشروع الصهيوني الاجلائي
الاحلالي، وتوسيع هوة التناقض بين الموالاة الفاشية والمعارضة بكل تلاوينها
الصهيونية، والتي لا تقل خطورة عن خصومهم.
وكان درعي بحسب صحيفة
"يديعوت احرونوت اوضح، أنه "إذا قامت المحكمة العليا باستبعاده، فلن
يستقيل، قائلاً في محادثات مغلقة: "المسؤولية تقع على نتنياهو ، وهو بحاجة
إلى حل هذه المشكلة". واكد ابنه لذات الصحيفة امس، انه لن يجلس أي شخص غريب
على كرسي وزير الداخلية. أي كرسي والده، وكأن الوزارة تركة الوالد، ومكتوبة باسم
درعي الاب. وبالتوافق مع ما تقدم، طالب عدد من المسؤولين في الائتلاف الفاشي
الحاكم "بعدم الانصياع لقرار المحكمة العليا." وقال بن غفير، خليفة
كهانا الإرهابي "المحكمة العليا غير المنتخبة ليست معنية بالتسويات، لا تريد
ان تستوعب ان الكلمة كانت عبر الانتخابات."
كما ان رؤساء أحزاب
الائتلاف الحكومي اصدروا بيانا لدعم وزير الداخلية المطعون في توليه الوزارة، جاء
فيه "اننا تلقينا بصدمة وألم بالغ الحكم في قضية نائب رئيس الحكومة، الوزير
ارييه درعي. دولة إسرائيل بحاجة إلى قدراته الاستثنائية وخبرته الواسعة في هذه
الأيام المعقدة أكثر من أي وقت مضى." وكان لسان حالهم يقول، اننا بحاجة
لخبرته العالية في اللصوصية والفساد، إسوة برئيس الحكومة المتهم بثلاثة قضايا فساد
مطروحة امام المحاكم الإسرائيلية. وأضاف البيان "سنعمل بكل الوسائل القانونية
المتاحة أمامنا ودون تاخير لتصحيح الظلم والضرر الجسيم الذي لحق بالجسم الديمقراطي
وسيادة الشعب." ولعل البيان بحد ذاته يكشف إفلاس وفساد ما يسمى الديمقراطية
الإسرائيلية.
ولطمأنة زعيم شاس،
وصل ملك الفساد، نتنياهو شخصيا إلى منزل ارييه درعي، ليؤكد له، انه باق في
الحكومة، حتى لو تم مؤقتا الاستجابة لقرار المحكمة، حسب القناة ال12 الإسرائيلية
بعد إصدار قرارها. لان مشروع قانون ليفين، وزير العدل المعد للانقضاض على دور
ومكانة المحكمة العليا سيطرح قريبا في الكنيست، بهدف الغاء نفوذها على الحكومة.
وكان زعيم المعارضة
لبيد صرح، بانه اذا الحكومة لم تنفذ قرار المحكمة العليا، فإنها ستخترق القانون،
وتحدث ازمة دستورية في البلاد، وهذا سيدخل إسرائيل في دوامة عميقة من التناقضات. كما
ان ايهود باراك وغيره من اركان المعارضة الإسرائيلية حذوا حذو زعيم "هناك
مستقبل". وبالتالي فإن كلا الفريقين سيدخلا اكثر فأكثر في حالة الاستقطاب
والاستحواذ داخل الشارع الإسرائيلي عموما، والنخب السياسية والثقافية والقضائية
والدينية، والذي سينعكس بشكل مباشر السبت القادم مع خروج المظاهرات الجديدة ضد
الحكومة السادسة، خاصة وان المعارضة طالبت رئيس الهستدروت للمشاركة في المظاهرات،
وعدم البقاء على الحياد.
وان حدث ودخلت
النقابات الى ميدان المظاهرات، فإن الشارع الإسرائيلي المعارض سيندفع بزخم اكبر
واوسع من الأسبوع الماضي، وسيفاقم من حدة ازمة الحكومة الفاشية. رغم ان نتنياهو
واقرانه في الائتلاف الفاشي الحاكم لن يتنازلوا عن خيارهم في تقويض ركائز القانون
الإسرائيلي، وتهميش دور المحكمة العليا، وسيعمل بيبي على بقاء درعي وزيرا
للداخلية، مهما كانت التداعيات الناجمة عن ذلك. لانه بين نارين، نار اسقاط الحكومة
في حال خرج زعيم شاس الفاسد، ونار استعار الصراع مع المعارضة، الذي يهدد بالدخول
في متاهة كسر العظم بين الطرفين.
النتيجة المؤكدة من
قرار المحكمة العليا انقسام عميق داخل المجتمع الإسرائيلي، مع ما يحمله ذلك من
تعاظم التناقضات التناحرية، التي قد تدخل قوى وقطاعات إسرائيلية جديدة لساحة
الصراع، وهذا بدوره سيؤثر على مكانة الدولة اللا شرعية امام الحلفاء الدوليين
خصوصا والعالم عموما، ويحرج الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي امام شعوبهم
والمجتمع الدولي على حد سواء، وقد يفرض عليهم اتخاذ قرارات قاسية نسبيا ضد حكومة
نتنياهو، لا تؤدي للتأثير على الدولة التي اوجدوها ودعموها وشكلوا غطاءا لها طيلة
العقود الماضية من عمرها المحدود.
0 تعليقات