آخر الأخبار

الاميركيون يصادرون الأرض

 





عمر حلمي الغول

 

الولايات المتحدة الأميركية لعبت دورا مركزيا في إقامة إسرائيل اللا شرعية على ارض فلسطين التاريخية، وكان لها باع طويل في إصدار وعد بلفور في 2 تشرين ثان/ نوفمبر 1917، وساهمت بقسط أساسي في تبني عصبة الأمم لصك الانتداب البريطاني تموز / يوليو 1922، ووقف أيضا خلف مقررات مؤتمر سان ريمو في نيسان/ ابريل 1920. كما انها شكلت الغطاء والحامي للدولة الإسرائيلية اللقيطة منذ قيامها حتى الان، وبالمقابل حالت دون تنفيذ قرار التقسيم 181 الصادر في 29 تشرين 2 / نوفمبر 1947 بشقيه، بتعبير أوضح طمست موضوع إقامة الدولة الفلسطينية، ليس هذا فحسب، لا بل سعت وعملت بشكل دؤوب على تصفية القضية الفلسطينية من خلال تحويلها لقضية مساعدات إنسانية، والعمل على توطين اللاجئين في الدول العربية، وكان باكورة مخططاتها مشروع جونسون 1953 لتوطين اللاجئين في سيناء، فضلا عن سلسلة طويلة من المخططات الإرهابية لتبديد خيار السلام، تأبيد الاستعمار الصهيوني.

 

ولم تنف الإدارات الأميركية المتعاقبة يوما انحيازها الكامل لدولة المشروع الصهيوني الاجلائي الاحلالي، ومعاداة المصالح الوطنية. رغم توقيع اتفاقية أوسلو في 13 أيلول / سبتمبر 1993 في البيت الأبيض، وبرعاية الرئيس الأسبق بيل كلينتون، واعلانها المتكرر عن تمسكها ودعمها لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967. لكنها في كل المنعطفات خلال العقود الثلاثة الماضية، الا انها في الممارسة العملية كانت تعمل ضد ما تقول، كما في مؤتمر كامب ديفيد 2 في تموز / يوليو 2000 فاوضت بدلا عن إسرائيل، وضغطت على الرئيس الراحل أبو عمار لتقديم تنازلات كبيرة بما فيها التنازل عن الحوض المقدس عموما والمسجد الأقصى خصوصا، لكنه رفض ذلك جملة وتفصيلا. وفي عام 2002 أعطت الضوء الأخضر لشارون والحكومة الإسرائيلية لاغتيال الزعيم الرمز ياسر عرفات، واجتياح محافظات ومدن الضفة الفلسطينية في مطلع آذار / مارس 2002، ولم تصمت فقط، انما بررت إعادة احتلالها، وتهشيم هيبة ومكانة السلطة الفلسطينية، الى ان جاء الرئيس السابق دونالد ترامب وقاد بشكل واضح لا لبس فيه معاداة ونسف خيار السلام، وطرح صفقة القرن المشؤومة، ودشنها بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الإرهاب والجريمة المنظمة الإسرائيلية في 6 كانون 1 / ديسمبر 2017، وما تلا ذلك من نقل للسفارة الأميركية للقدس وإغلاق القنصلية الأميركية في القدس القائمة منذ العام 1844 أي قبل اكثر من 100 عام على قيام إسرائيل على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948، والتي تعنى بشؤون الفلسطينيين، وفي ذات الوقت أغلقت ممثلية المنظمة في واشنطن، ومازالت تضع المنظمة على قوائم الإرهاب حتى الآن.

 

وجاءت إدارة بايدن، وواصلت تطبيق صفقة العار والعصر الترامبية، ليس هذا فحسب، بل انها مازالت تضغط على الدول العربية لتوسيع عملية الاستسلام والتطبيع المجاني مع إسرائيل الاستعمارية، ولم تنفذ أي وعد من وعودها التي اطلقها الرئيس الأميركي بذرائع وحجج واهية. زد على ذلك، انها تعمل الان على إقامة السفارة الأميركية الجديدة على أراض فلسطينية محتلة في العام 1948 في القدس وفق المخطط (101 – 0810796 - "مجمع دبلوماسي – الولايات المتحدة الأميركية، طريق الخليل، القدس). وتثبت وثائق من أرشيف الدولة، أن الأرض كانت مملوكة لعائلات فلسطينية، صودرت عام 1950 وفقا لقانون "أملاك الغائبين" الصهيوني، وهذا ما يكشفه عقد الايجار بين العائلات وسلطات الانتداب البريطاني، الذي يتضمن أسماء العائلات الفلسطينية، وهي عائلات حبيب، قليبو، الخالدي، والخليلي." وأشارت لذلك لجنة لواء القدس للتخطيط والبناء، التي نشرت مخططات تفصيلية قدمتها اميركا في عام 2021 لبناء مجمع دبلوماسي على قطعة ارض كانت تعرف سابقا باسم "ثكنات اللنبي". ووفق ما تضمنه مقال رشيد الخالدي في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية يوم الاحد الموافق 15 كانون 2 / يناير الحالي، فإن غالبية موقع ثكنة اللنبي مملوكة للفلسطينيين. وأكد الخالدي، ان أجزاء من الأراضي تعود لعائلته، التي تعود جذورها في القدس الى اكثر من 1000 عام. كما أضاف، ان "مركز الحقوق الدستورية" و"عدالة" ارسلا في تشرين 2 / نوفمبر 2022 رسالة لوزير الخارجية، انتوني بلينكن، والسفير الأميركي لدى إسرائيل، توماس نيدس، يطلبون فيها بالالغاء الفوري لهذه الخطة.

 

ورغم ادعاءات الإدارة الأميركية، انها لم تتخذ بعد قرارا بشأن الموقع الذي تريد إقامة السفارة عليه، حسب ما اعلن عنه المتحدث باسم الإدارة لموقع The pnterept، ومع ذلك، فإن المخطط المشار اليه انفا، وما أعلنته سلطات الاستعمار الإسرائيلية تشير بوضوح كامل، الى ان المشروع سيقام في موقع ثكنة اللنبي، ولم يعد تكهنا، او اسقاطا وهميا واعتباطيا. وهو ما يكشف مجددا ان إدارة بايدن تمارس ذات السياسات الاستعمارية الإسرائيلية، وتقوم بمصادرة الأراضي المحتلة، التي تعود لمواطنين اميركيين من أصول فلسطينية، وهذا الجرم الاستعماري يميط اللثام عن وجهها للمرة الالف كشريك أساسي في العملية الاستعمارية للأرض الفلسطينية، ويكشف زيف ادعاءاتها ودعواتها المتكررة بوقف الاستيطان الاستعماري، والسياسات أحادية الجانب الإسرائيلية. فالاجدر بها ان تكف هي عن وقف مصادرتها للأرض الفلسطينية، وتفي بوعودها للشعب والقيادة الفلسطينية، وتدعم خيار السلام الذي وقع في مركز القرار الأميركي، ان كانت إدارة بايدن صادقة ومعنية بالمصالح الحيوية الاميركية

إرسال تعليق

0 تعليقات