آخر الأخبار

بن غفير يشعل الشرارة

 




 

عمر حلمي الغول

 

دشن ايتمار بن غفير، وزير ما يسمى الأمن القومي في الحكومة الفاشية برئاسة نتنياهو اول اقتحاماته للمسجد الأقصى صباح اول امس الثلاثاء الموافق 3 كانون 2/ يناير من العام الجديد، وبعد اقل من أسبوع من نيل الحكومة ثقة الكنيست ال25، ولمدة سبعة عشر دقيقة، ومن خشيته وخوفه على حياته، ارتدى سترة واقية من الرصاص. ولم تكن زيارته نتاج قرار فردي، انما باتفاق وتبني من رئيس الحكومة ورئيس جهاز الشباك ومدير عام الشرطة، الذين عقدوا سويا اجتماعا مشتركا، ناقشوا فيه زيارة الفاشي الجديد لاولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وباركوها. رغم انهم سربوا اخبارا مضللة عن "تأجيل" زيارة زعيم حزب "عوتسماة إسرائيل" للحرم.

 

من المؤكد الزيارة ليست الأولى لخليفة الحاخام كهانا، ولكنها الأولى له، وهو في مركز القرار السياسي الإسرائيلي، وهنا فرق بين زياراته السابقة، التي تمت في عهد حكومات زعيم الليكود، وبضوء اخضر من الحزب الحاضن للفاشيين الجدد، وبين زيارته اول امس وهو على رأس وزارة "الامن القومي". وهذا الفرق يؤكد ان حكومة نتنياهو السادسة تهدف من خلال تنظيم وتوسيع نطاق الزيارات للوزراء وأعضاء الكنيست من القوى الفاشية الصهيونية الى ارسال عدة رسائل للفلسطينيين والعرب والعالم الإسلامي واقطاب العالم وهيئة الأمم المتحدة، أولا عدم الالتزام بالاستاتيكو المتفق عليه مع الأردن الشقيق، رغم الادعاءات الكاذبة ب"الالتزام به"؛ ثانيا تكريس خيار التقسيم الزماني والمكاني في الحرم القدسي الشريف؛ ثالثا التمهيد لهدم المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل الثالث على انقاضه؛ رابعا نسف كامل وكلي لبقايا اتفاقية اوسلو، ان بقيت بقايا من تلك الاتفاقية غير المأسوف على دفنها؛ خامسا تصفية أيضا بقايا السلطة الوطنية، وإعادة الإدارة المدنية الإسرائيلية، او أي مؤسسة امنية إسرائيلية تقوم بمقامها، لا سيما وان سموتيريش، الوزير في وزارة الحرب والمشرف المباشر على ادارة الاستعمار الاجلائي الاحلالي في الضفة الفلسطينية، نادى بتغيير قواعد الاستيطان والقوانين المعمول بها داخل القدس عاصمة فلسطين الابدية وباقي مدن ومحافظات الضفة الغربية؛ سادسا اللجوء لاعتقال وطرد قيادات منظمة التحرير ووزراء الحكومة، وليس سحب بطاقات ال VIP، او المنع من السفر، او حرمانهم من الانتقال من مدينة لاخرى فقط؛ سابعا توسيع دائرة الحروب والاجتياحات والمجازر في عموم الوطني الفلسطيني، في الضفة بما فيها القدس والقطاع وفي الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، بتعيير أوضح استهداف كل من هو فلسطيني، وشن حملة تطهير عرقي واسعة وفي وضح النهار، وعلى مرآى ومسمع من العالم. الخ من الجرائم.

 

هذا الجنوح المتغول في مسار الفاشيين الجدد بقيادة نتنياهو، هو تطور متوافق مع طبيعة وتركيبة الدولة الإسرائيلية، التي بنيت على أساس الجذر النازي، لانها قبل تأسيسها وبعد تأسيسها ارتكبت العشرات من المجازر الاجرامية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وقتلت وطردت ما يزيد على المليون فلسطيني، وشقت أوسع طرق التطهير العرقي في فلسطين، والتي تمت على أساس الهوية الوطنية للعرب الفلسطينيين، ومازال خيار وأسلوب المذابح قائما ومتبعا بشكل منهجي ووفق خطط في بنك اهداف العصابات الصهيونية الرسمية وشبه الرسمية. وبالتالي لا يمكن اعتبار صعود الفاشيين الجدد تحولا نوعيا في صيرورة دولة الإرهاب المنظم، انما هو الانعكاس المنسجم لاسس بنائها، وركائز تطورها.

 

وارتباطا بما تقدم، فإن اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى، كان بمثابة الشرارة الأولى لإشعال السهل الفلسطيني، ودفع الأمور دفعا قويا نحو الانتفاضة الثالثة، وتفاقم حدة الصراع. لان الشعب العربي الفلسطيني وقيادته السياسية لن يقبلوا بهدم المعبد على رؤوسهم، وسحق عظامهم، وهم صاغرون ينظرون الى السماء، انما ستنقلب المعادلة السياسية والديبلوماسية والكفاحية رأسا على عقب. ولن تبقى الأمور كما هي عليه الان، ويخطىء من يعتقد عكس ذلك.

 

هذا الجنوح الاجرامي الصهيوني يملي على الكل الوطني العمل على الاتي: أولا دعوة المجلس الوطني او المركزي فورا للانعقاد، حتى لو عبر الزووم، ليس فقط للمطالبة بتنفيذ قرارات المجلسين المؤجلة منذ ثمانية أعوام خلت، انما لاعادة نظر كلية في برنامج العمل السياسي والكفاحي، ورسم استراتيجية وطنية ووضع خطط واليات عمل تكتيكية تستجيب لمصالح الشعب، وتصون أهدافه وثوابته؛ ثانيا تكريس الوحدة الوطنية بسرعة، والسعي لتنفيذ وتطبيق الاتفاقات المبرمة بين القوى الفلسطينية المختلفة واخرها اعلان الجزائر؛ ثالثا توسيع المقاومة الشعبية الشاملة في ارجاء الوطن وفق الرؤية الاستراتيجية انفة الذكر في أولا، وقد تشمل اشكالا كفاحية جديدة بما فيها الكفاح المسلح ارتباطا بالتصعيد الاستعماري الإسرائيلي؛ رابعا تشكيل حكومة وحدة وطنية للدفاع عن المصالح والحقوق الوطنية، ولتكن عضويتها من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مع عدد اخر من أعضاء المجلسين، بحيث تكون مؤهلة لكل التعقيدات السياسية والأمنية الاستعمارية الإسرائيلية الراهنة والقادمة؛ خامسا دعوة القمة العربية للانعقاد لمناقشة التطورات الجارية في دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وتبني رؤية عربية مشتركة في ظل شطب الحكومات الإسرائيلية مبادرة السلام العربية، وإلغاء كل الاتفاقيات مع دولة إسرائيل دون استثناء؛ خامسا تكثيف النشاط السياسي والديبلوماسي مع مختلف الدول والاقطاب والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية وخاصة هيئة الأمم المتحدة، والتقدم بطلب واضح لاسقاط الهيئة الدولية عضوية إسرائيل من الأمم المتحدة، كونها لم تلتزم بالقرارين الدوليين 181 و194 ذات الصلة بالموافقة على عضويتها.

 

لا مجال للبقاء في دائرة الانتظار والترقب، او الاكتفاء من الدول الشقيقة والصديقة وغيرها بالاستنكار والشجب لجرائم الحرب الإسرائيلية، وانما تفرض الضرورة عزل إسرائيل، واعتبارها خطرا فاشيا محدقا ومهددا للسلم والامن العالميين. آن الآوان لتغيير قواعد اللعبة السياسية والكفاحية، وخلط الأوراق بهدف الدفاع عن حقوق وثوابت الشعب العربي الفلسطيني.

إرسال تعليق

0 تعليقات