آخر الأخبار

الاعيب نتنياهو المفضوحة

 





عمر حلمي الغول

 

يبدو للمراقب البعيد عن المشهد الإسرائيلي، ان هناك صعوبة بالامساك بخيوط لعبة الائتلاف الفاشي الحاكم نتاج بروز تباينات بين مكوناته على تفاصيل تنفيذ مخطط التهويد والمصادرة وتوسيع نطاق الاستيطان الاستعماري، فضلا عن عدم قدرة أنصار الفاشية الجديدة على استيعاب مناورات رئيس الحكومة، الذي يرفض السير على الطرق المستقيمة، ويلجأ للصعود لأهداف عبر المسار الحلزوني غير المباشر، ويختار منطق الالتفاف والفهلوة لبلوغ مراميه، ويقول الشيء ونقيضه في آن، يستخدم لغة مطاطية، غير محددة، وملتبسة وضبابية مع قادة ومسؤولي الدول في الإقليم والعالم. كما مع أقرانه، رغم النصوص الواضحة في اتفاقات الائتلاف.

 

بيد ان المتتبع لمسار زعيم الليكود، وللمخطط الاستراتيجي الصهيوني الاجلائي الاحلالي يدرك جيدا، ان نتنياهو لا يحيد قيد أنملة عن تلك الأهداف والمخططات في تأبيد الاستيطان الاستعماري، وتبديد خيار السلام، وتفريغ السلطة الفلسطينية من آخر ملامحها الوطنية، وتعميق وتوسيع الترانسفير والتطهير العرقي، وإقامة دولة إسرائيل الكاملة على ارض فلسطين التاريخية، كمقدمة للسيطرة لاحقا على شرق الأردن. لا سيما وان هدف الليكود الأساس الناظم لحكمه، هو اعتبار الأردن جزءا من ارض "الميعاد"، ويرفض الفصل بينه وبين فلسطين الواقعة تحت نير الاستعمار المباشر، وكل ما يجري الان مع القيادة الأردنية مجرد مناورات لحين بلوغ اللحظة المناسبة للانقضاض عليه، وإخضاعه بالكامل للسيطرة الاستعمارية الإسرائيلية، ان قدر له ذلك.

 

ارتباطا بما تقدم، صرح نتنياهو يوم الاثنين الماضي الموافق 23 يناير الحالي في اجتماع أمام أعضاء كتلة الليكود في الكنيست "جئنا الى السلطة بوعد واضح بتغيير الاتجاه، ومحاربة البناء الفلسطيني غير القانوني." حسب ما ذكرته صحيفة "جيروزاليم بوست"، وأردف للتضليل قائلا "هذا لا يعني اننا سنسمح ببناء إسرائيلي غير قانوني." وجاء هذا التصريح بعد الازمة العابرة بين وزير الحرب والوزير في وزارة الحرب في أعقاب إزالة بؤرة "اؤر حاييم" بعد 24 ساعة من إقامتها، التي أقيمت على أراضي قرية حوريش الفلسطينية.

 

ولنلاحظ الاتي من تصريح نتنياهو، أولا هو ساوي بين أصحاب الأرض الأصليين، وبين قطعان المستعمرين، وهذا الخلط المتعمد ينسجم مع الاتفاق المبرم بين حزب الصهيونية الدينية بزعامة سموتيريش والليكود بزعامة بيبي، والذي يهدف لدمج السكان الفلسطينيين مع قطعان المستعمرين داخل حدود الضفة، بحيث يتم طمس ملف الاستيطان اللا شرعي في أراضي دولة فلسطين المحتلة؛ ثانيا أوحى للمستمع لموقفه، وكأنه سيحافظ على الوضع القائم، بمعنى انه ملتزم مع الرؤية الأميركية والأوروبية، وحاول طمأنة بعض العرب المتورطين في اتفاقات الاستسلام. لكن الحقيقة غير ذلك؛ ثالثا النقطة الأهم، التي نطق بها، والتي تنفي تماما ما ذكره في ثانيا، حيث قال: "جئنا الى السلطة بوعد واضح (ببرنامج انتخابي لا لبس فيه، او غموض) بتغيير الاتجاه." المتمثل في محاربة البناء الفلسطيني، ليس هذا فحسب، وانما بتصعيد عمليات التطهير العرقي للفلسطينيين، وتأهيل البؤر الاستعمارية وفي المقدمة منها أفيتار، وتعديل قانون الانفصال بهدف تشريع مستعمرة حومش، وربط المستعمرات والبؤر الاستعمارية الجديدة بالبنية التحتية، وبناء 18 الف وحدة استيطانية في الأرض الفلسطينية، وحل الإدارة المدنية، وربط قضايا السكان بالوزارات الإسرائيلية مباشرة، واسقاط طابع الاستعمار عن السياسات الإسرائيلية، وتصفية خيار السلام عموما، وحل الدولتين خصوصا على حدود الرابع من حزيران 1967

 

ومع ذلك الاعيب زعيم الليكود باتت مفضوحة، ولم تعد تنطلي على احد ممن تابعوا مسيرته، وادركوا اكاذيبه، والاعيبه المكشوفة. حتى ان زعران الفاشية الجدد يدركون ذلك، وهذا بالنص ما ذكره سموتيريش عن نتنياهو، انه كاذب، ورخيص ومع ذلك بحكم المصالح المشتركة لاقطاب الائتلاف الفاشي الحاكم تم تجسير المسافة بينهم، والقفز عن التباينات لصالح الهدف الاستراتيجي الصهيوني في تأبيد الاستيطان الاستعماري، وتصفية القضية الفلسطينية والسلام في آن، كونهما ملفين مترابطين بشكل عميق.

 

هذا التوجه الإسرائيلي السائر باندفاعة قوية نحو الأهداف انفة الذكر، يحتاج الى مراجعة شاملة للسياسات والبرامج الوطنية، والعمل بسرعة ومسؤولية لتكريس الوحدة الوطنية وتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وتصعيد المقاومة الشعبية المتلازمة مع المقاومتين السياسية والديبلوماسية، والانعتاق من اتفاقيات أوسلو وبرتوكول باريس، وسحب الاعتراف بإسرائيل، وليس تعليق الاعتراف بها فقط، ودعوة المجلس المركزي للانعقاد ولو عبر الزووم للتصدي الفوري لجرائم الحرب الإسرائيلي.

إرسال تعليق

0 تعليقات